18-نوفمبر-2021

حققت قمة غلاسكو التزامات طموحة بشأن استخدام الفحم (Getty)

توصل مفاوضون من 200 دولة تقريبًا إلى اتفاق يبقي على آمال تحقيق الهدف الطموح لاتفاقية باريس، وفتح آفاق جديدة في مكافحة التغير المناخي، حسب تقرير لصحيفة بلومبيرغ.

سنت اتفاقية جلاسكو التزامات طموحة فاقت توقعات العديد من متابعي مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي منذ فترة طويلة، خصوصًا فيما يتعلق باستخدام الفحم، الأمر الذي يعتبر تقدمًا مهمًا

وبعد أسبوعين من محادثات كوب 26 المشحونة في الأمم المتحدة وافق المندوبون على الحد من استخدام الفحم، وإنهاء الدعم غير الفعال للوقود الأحفوري، وتحقيق مستهدفاتهم المناخية في وقت أقرب. يهدف ميثاق غلاسكو للمناخ إلى الحد من درجات الحرارة العالمية لتصل إلى 1.5 درجة مئوية أعلى من عصور ما قبل الثورة الصناعية - وهو هدف اتفاقية باريس، والحد الذي يقول العلماء إنه ضروري لتجنب الاحترار الكارثي.

اقرأ/ي أيضًا: وول ستريت جورنال: قمّة المناخ والفشل المحتوم.. توقيت كارثي وأهداف غير واقعية

قال جون كيري، المبعوث الأمريكي للمناخ "هذه بداية سباق السرعة الذي يمتد عشر سنوات. نحن الآن أقرب من أي وقت مضى لتجنب الفوضى المناخية وتأمين هواء أنقى ومياه أنظف وكوكب سليم".

جاء الاتفاق على الرغم من الاعتراضات التي قامت بها الصين والهند في اللحظات الأخيرة، وتعتبر الدولتان من أهم الدول المسببة للتلوث في العالم، اللتين أرادتا تخفيف البنود المتعلقة باستخدام الفحم. وافق المندوبون على إطار لتداول أرصدة الكربون، وكسر ست سنوات من الجمود. واتفقوا كذلك على مبادئ توجيهية لكيفية التسجيل والإعلان عن الانبعاثات وذلك لزيادة القدرة على التدقيق ومتابعة مدى التزام الدول بالتعهدات المناخية.

وسنت اتفاقية جلاسكو التزامات طموحة فاقت توقعات العديد من متابعي مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي منذ فترة طويلة، خصوصًا فيما يتعلق باستخدام الفحم، الأمر الذي يعتبر تقدمًا مهمًا. لكن مع ذلك يعتمد نجاح هذه الاتفاقية على مدى وفاء أكبر الدول الملوثة، خاصة الصين والولايات المتحدة والهند بوعودها بالتخلص من انبعاثاتها خلال العقود القادمة. سيتطلب التخلي الكامل عن الكربون استثمارات بقيمة تريليونات الدولارات في مجالات الطاقة النظيفة وقيود أشد على الأنشطة القائمة على الوقود الأحفوري بما في ذلك محركات الاحتراق في السيارات والمصانع الملوثة.

ولعل أبرز الانتقادات التي تعرضت لها الاتفاقية هو قصورها في إلزام الدول الغنية بزيادة الدعم المالي لصالح الدول النامية حتى تتحول إلى طاقة نظيفة ولتكون أكثر استعدادًا لمواجهة الظروف المناخية القاسية. كما حذر الخبراء من أن المواءمات التي شملتها الاتفاقية فيما يتعلق بقواعد سوق الكربون قد تؤدي إلى انتكاس الجهود المبذولة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

تشمل اتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بالمناخ بطبيعتها مواءمات فوضوية، حيث يتعين عليها الموازنة بين مصالح أكثر من 190 دولة متنافسة. في الساعات الأخيرة، اشتكت دول مثل جزر المالديف وبعض الدول المنتجة لانبعاثات الكربون مثل الولايات المتحدة من أن هذه الاتفاقيات لم تحقق التقدم المنشود.

كما أعرب المندوبون عن غضبهم من السماح للهند بتعديل المسودة النهائية. لقد نجحت في تغيير النص المتعلق باستخدام الفحم من "التخلص التدريجي" إلى "الخفض التدريجي". تحميل الهند مسؤولية النتيجة الضعيفة التي حققتها المفاوضات، يتغافل في الحقيقة دور الصين وحتى الولايات المتحدة في الوصول إلى هذه المحصلة النهائية الضعيفة.

بالرغم من أن هذا التعديل قد يبدو تعديلًا بسيطًا، إلا أن الدول الأوروبية حذرت من أنه سيصعب تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية. وقال فرانس تيمرمانز، مسؤول ملف المناخ في المفوضية الأوروبية: "كلما طالت المدة اللازمة للتخلص من الفحم، كلما زاد العبء على البيئة. وكلما زاد العبء على الاقتصاد كذلك لأن الفحم ببساطة ليس خيارًا اقتصاديًا ذكيًا".

لم ينل النص النهائي رضا الكثيرين. لكن في النهاية وافقت الدول على حل وسط في الثواني الأخيرة وسط مطالبة المحتجين خارج مكان الاجتماع باتخاذ إجراءات فورية لوقف الاحترار الذي أدى إلى حدوث فيضانات وموجات حر وارتفاع منسوب مياه البحر.

إن إقناع جميع دول العالم بالاتفاق على كيفية خفض الانبعاثات إلى النصف خلال هذا العقد - والذي يجب أن يصبح 1.5 درجة مئوية - كان هدفًا من المستحيل تحقيقه في قمة عالمية واحدة. اتفاقية جلاسكو، مثل سابقتها في باريس غير ملزمة ولا يوجد بند يجبر البلدان بشكل مباشر على تنفيذ سياسات محددة.

ومع ذلك، يمكن لاتفاقات المناخ التاريخية أن ترسل إشارات مهمة للسوق وتعيد تشكيل اقتصاد العالم. ضخ أكثر من 2.2 تريليون دولار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات وغيرها من التقنيات المتجددة، منذ أن وافقت الحكومات على اتفاق باريس لعام 2015 وفقًا لما ذكره تقرير سابق في بلومبيرغ. تعيد هذه الاستثمارات تشكيل صناعات بأكملها من السيارات إلى شبكات الكهرباء. تجاوزت قيمة تسلا موتورز اليوم، وهي رمز الاقتصاد الأخضر الجديد، أكثر من تريليون دولار، مما يقزم القيمة السوقية لشركات صناعة السيارات القديمة في العالم.

في هذا السياق، قالت إميلي شوكبيرج، مديرة مركز الأبحاث كامبريدج زيرو: "لقد كانت غلاسكو بوابة مهمة لعالم تنخفض فيه درجة الحرارة إلى 1.5 درجة، لكننا الآن بحاجة إلى إجراءات سريعة للوصول إلى ذاك العالم. ينتهي مؤتمر كوب 26 بإعادة التأكيد على الحقيقة البينة التي وصل إليها علم تغير المناخ وهي أن الوقت ينفد منا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل ستتمكن قمة غلاسكو من تجنيب العالم كارثة مناخية؟

بعد الفقر والحروب.. الاحتباس الحراري سبب آخر للهجرة من الشرق الأوسط