12-يناير-2021

مساعٍ ديمقراطية لعزل ترامب قبل نهاية ولايته (Getty)

يقود الحزب الديمقراطي الذي أصبح يسيطر على فروع الحكومة الثلاثة في الولايات المتحدة حملة داخل الكابيتول هيل للتصويت على قرار عزل الرئيس الجمهوري دونالد ترامب قبل أقل من ثمانية أيام على انتهاء فترة ولايته بشكل رسمي، بعدما تسببت دعوته لمناصريه بالتوجه إلى مبنى الكابيتول من أجل تعطيل المصادقة على فوز نائب الرئيس السابق جو بايدن، بفوضى في العاصمة واشنطن، لتكون بذلك المرة الثانية التي يلجأ فيها الديمقراطيون لمساءلة ترامب تمهيدًا لعزله في أقل من عام ونصف.

يقود الحزب الديمقراطي حملة داخل الكابيتول هيل للتصويت على قرار عزل الرئيس الجمهوري دونالد ترامب قبل أقل من ثمانية أيام على انتهاء ولايته

اتهامات لترامب بـ"تهديد الأمن القومي"

مسودة القرار الذي سيطرحه الديمقراطيون للتصويت عليه أمام نواب الكابيتول يوم الأربعاء، أكد على أن نجم تلفزيون الواقع أثبت أنه "بمثل هذا السلوك سيظل يمثل تهديدًا للأمن القومي والديمقراطية والدستور إذا سمح له بالبقاء في المنصب"، وأضاف القرار بأن ترامب "تصرف بطريقة تتعارض بشكل صارخ مع الحكم الذاتي وحكم القانون"، وهو ما يستوجب خضوعه "للإقالة والمحاكمة، والعزل من المنصب، وأن يكون غير مؤهل لتولي أي منصب شرف أو ثقة في الولايات المتحدة والتمتع به".

اقرأ/ي أيضًا: مجلس النواب الأمريكي يبدأ جولة مساءلة ثانية لترامب

وفيما يتفق أكثر من مائتي نائب ديمقراطي، بمن فيهم زعيمة الكابيتول نانسي بيلوسي، وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر على ضرورة إجبار ترامب إما على تقديم استقالته أو المضي في عملية إقالته، فإن بعض الديمقراطيين الموظفين في الكابيتول أعربوا عن خشيتهم من أن توجهات النواب الديمقراطيين داخل الكابيتول نحو عزل ترامب قد تكون لها نتائج عكسية من الناحية السياسية، فضلًا عن أن توجه مجلس الشيوخ لوضع قضية محاكمة ترامب على جدول أعماله قد يعطل المصادقة على التشريعات وتعيينات الوزراء، مما سيكون له انعكاسات سلبيةخلال الأسابيع الأولى لإدارة بايدن.

واعتبر السيناتور الديمقراطي السابق كريستوفر دود أن محاولة الديمقراطيين عزل ترامب خلال الأيام الأخيرة من ولايته في البيت الأبيض، قد تؤدي إلى نتائج عكسية تدفع بالحزب الجمهوري لحشد أعضائه حول ترامب للدفاع عنه، ويحتاج الديمقراطيون في مجلس الشيوخ لـ67 صوتًا من أجل المصادقة على بنود مساءلة ترامب الثانية تمهيدًا لعزله.

Mike Pence's fly was the main winner of the US VP debate
لم يبد بينس رغبته بتفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور (Getty)

ويتقاسم الديمقراطيون مع الجمهوريين مناصفة مقاعد مجلس الشيوخ بـ50 مقعدًا لكل حزب، لكن الكفة ستميل لصالح الديمقراطيين بصوت واحد، عندما تتولى نائبة الرئيس كامالا هاريس منصب رئيسة المجلس بعد تولي الإدارة الديمقراطية مهامها رسميًا في البيت الأبيض يوم 20 كانون الثاني/يناير الجاري، ومع تأكيد أربعة جمهوريين في مجلس الشيوخ أنهم سيقومون بالتصويت على بنود عزل ترامب، فإن الديمقراطيين لا زالوا بحاجة لـ12 صوتًا جمهوريًا إضافيًا للمصادقة على عزل الملياردير الأمريكي.

وقد تصطدم السياسة الداخلية التي وضعتها إدارة بايدن للتخفيف من الأزمتين الصحية والاقتصادية التي تواجهها الولايات الأمريكية بتكثيف الديمقراطيين جهودهم في مجلس الشيوخ لعزل ترامب، وأشار بايدن في تصريحات مباشرة للصحافة خلال تلقيه الجرعة الثانية من لقاح فيروس كورونا إلى أنه تواصل مع مجلس الشيوخ للاستفسار عن إمكانية تقسيم وقته بين إجراءات العزل والمصادقة على الأسماء المرشحة لشغل المناصب الحكومية في إدارته، مشددًا في الوقت نفسه على أهمية أن "يكون هناك تركيز حقيقي وجاد على محاسبة هؤلاء الأشخاص الذين شاركوا في الفتنة وهددوا حياة الناس، وشوهوا الممتلكات العامة، وألحقوا أضرارًا كبيرة" أثناء اقتحام الكابيتول

الديمقراطيون لديهم قضية مساءلة "قوية" ضد ترامب

يؤكد العديد من الخبراء الاستراتيجيين لدى الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة على أن الديمقراطيين يمكنهم في المرحلة الراهنة بناء قضية مساءلة قانونية "قوية" ضد الرئيس ترامب، ووفقًا لعضو الفريق القانوني للدفاع عن ترامب خلال محاكمة العزل الأولى روبرت راي فإن ترامب من الممكن أن يركز في دفاعه أمام مجلس الشيوخ على استخدام التعديل الأول بذريعة أنه لم يكن لديه النية بإثارة العنف، قبل أن يضيف مشيرًا إلى أن "الرئيس (ترامب) حرض على الشغب"، وهي حجة يجد فيها الديمقراطيون قوةً أكثر من الحجج التي استخدمت في محاكمة عزله الأولى.

كما أكد النائب الجمهوري آدم كينزنجر على دعمه للجهود التي يقودها الديمقراطيون بشأن مساءلة ترامب مهما بلغت "الكلفة السياسية" لذلك، وأشار البيان الصادر عن النائب الجمهوري إلى أن ما يبدو واضحًا حتى الآن هو مخالفة ترامب لليمين الدستوري ما يجعله "غير صالح للخدمة"، فضلًا عن ذلك فإن العديد من الجمهوريين في الكابيتول أظهروا غضبهم من هجوم مناصري ترامب على المبنى، وأنحوا باللائمة على زملائهم الجمهوريين الذين كان يقودون الجهود لإلغاء نتائج انتخابات الرئاسة.

وحُسمت نتائج الانتحابات الرئاسية التي أجريت يوم الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لصالح المرشح الديمقراطي بايدن على حساب المرشح الجمهوري للفوز بولاية ثانية ترامب، وتمكن بايدن من الفوز بالانتخابات بهامش يقارب 5 بالمائة من أصوات الناخبين، ما جعله يحصل على 306 مجمع انتخابي مقابل 232 مجمعًا انتخابيًا لترامب، مما دفع بالرئيس الجمهوري للادعاء أن الديمقراطيين "سرقوا" الانتخابات.

ويشير موقع ذا هيل الأمريكي إلى مواجهة المسؤوليين الجمهوريين في الكابيتول صعوبة على خلفية اقتحامه من قبل مناصري ترامب يوم الأربعاء الماضي، وفيما ينظر المشرعون الجمهوريون إلى ضرورة تحسين صورة الحزب بين قاعدتهم الجماهيرية، عبر لجوئهم للقوانين الأمريكية لمحاسبة المسؤولين عن حصار واقتحام الكابيتول، فإنهم يرون في مقابل ذلك أن توجههم لمثل هذا الأمر قد يدفع بالتيار المحافظ الذي لا يزال مواليًا لترامب بالانسحاب من الحزب، فضلًا عن مخاوفهم من رد فعل عكسي قد يهدد سلامتهم الشخصية.

فيما تأتي توجهات الديمقراطيين لإقالة أو عزل ترامب في وقت حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI من وجود مخططات لجماعات اليمين المتطرف الموالية لترامب للقدوم إلى واشنطن في يوم 20 كانون الثاني/يناير الجاري، بهدف تنظيم احتجاجات وأعمال عنف مسلحة لمنع تنصيب بايدن رسميًا في منصب الرئيس، وبحسب النشرة الداخلية للمكتب الفيدرالي فإن المخططات تشمل اقتحام مبنى الكابيتول، بالإضافة للمحاكم الحكومية والمحلية والاتحادية والمباني الإدارية في حالة تم عزل ترامب من منصبه قبل يوم التنصيب.

مايك بينس في البيت الأبيض

ولأول مرة منذ مضي خمسة أيام على اقتحام مناصري ترامب لمبنى الكابيتول، قالت وسائل إعلام أمريكية إن ترامب التقى مع نائبه مايك بينس يوم الاثنين، وأشار مسؤول كبير في البيت الأبيض إلى أن المسؤولين الجمهوريين ناقشا خلال الاجتماع السياسة التي انتهجتها ترامب في البيت الأبيض خلال السنوات الأربع الماضية، فضلًا عن مخططاتهما للأسبوع الأخير الذي يستبق تنصيب بايدن رئيسًا للولايات المتحدة.

2 Seattle police officers being investigated for involvement in Capitol  attack - ABC News
مخططات لاحتجاجات مسلحة في يوم تنصيب بايدن (Getty)

وبحسب التقارير الأمريكية التي تحدثت عن لقاء ترامب مع بينس، فإنه لا تظهر أي نية لدى الأخير بدعم جهود الديمقراطيين الذين يضغطون باتجاه تفعيل التعديل الـ25 من الدستور الأمريكي، وأكدوا على أن إجراءات المساءلة من أجل عزل ترامب ستبدأ يوم الأربعاء في حال لم يستجب بنس للمطالبات باستخدام التعديل الـ25 للدستور الأمريكي الذي يخول نائب الرئيس بإقالة ترامب من منصبه.

وكان بينس قد وقف إلى جانب ترامب في العديد من القضايا الخلافية التي أثارها مع الديمقراطيين خلال السنوات الأربع الماضية، بما في ذلك دفاعه عن الرئيس خلال مساءلة العزل الأولى العام الماضي، قبل أن تتوتر العلاقة بينهما خلال الأسابيع الأخيرة من فترة ولاية ترامب، بسبب رفضه ضغوط ترامب بشأن تعطيل جلسة مصادقة الكابيتول على فوز بايدن في الانتخابات، مرجعًا سبب الرفض لعدم امتلاكه السلطة القانونية التي تسمح له بذلك، ووصف نائب السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جود ديري بينس في بيان بأنه "كان جزءًا مهمًا" من إدارة ترامب.

بحسب التقارير الأمريكية التي تحدثت عن لقاء ترامب مع بينس، فإنه لا تظهر أي نية لدى الأخير بدعم جهود الديمقراطيين الذين يضغطون باتجاه تفعيل التعديل الـ25 من الدستور الأمريكي

ونقل موقع ذا هيل أن عديد المسؤوليين الحاليين أو السابقين في البيت الأبيض أكدوا أن هجوم ترامب على بنس خلال الأيام الماضية، كان سببه المستشارين الخارجيين الذين يؤثرون على قرارات ترامب، بعدما أقنعوا الملياردير الأمريكي بأنه يمكن لبينس أن يعطل مصادقة الكابيتول على فوز بايدن بالانتخابات، وتساءل أحد المصادر المقربة من البيت الأبيض حول إن كان ترامب يعتقد فعلًا أنه يمكن لنائب الرئيس تغيير نتيجة الانتخابات أم أنه يريد تحميل سبب خسارته الانتخابات لشخص ما، مضيفًا بأن بينس لا يستحق مثل هذه المعاملة لأنه "كان جنديًا مخلصًا" في إدارة ترامب.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

اقتحام الكابيتول هيل يؤجّج معاداة اليمين الشعبوي.. جولة في ردود الفعل