02-أغسطس-2018

مانشيت صحيفة الرأي (الرأي)

تفاجأ الأردنيون يوم أمس الأربعاء، بمانشيت هو الأغرب شكلًا ومضمونًا منذ احتجاجات أيار/مايو الماضي، والتي عرفت باسم "هبّة رمضان". هذا المانشيت فجّر سؤالًا مغلفًا بالاستهجان والتهديد يقول: "أين الملك.. لماذا السؤال؟"، استنكارًا لذيوع هذا السؤال في الأسابيع الماضية في الشارع الأردني وفي شبكات التواصل الاجتماعي.

تفاجأ الأردنيون بمانشيت على الصفحة الرئيسية لصحيفة الرأي اعتُبر فجًا في تهديده، هو: "أين الملك.. لماذا السؤال؟"

وكان التهديد بالخط العريض في الصفحة الرئيسية لصحيفة الرأي، للأردنيين بأن يعتبروا بمصر والعراق وفلسطين، وهو خطاب ليس جديدًا في الصحافة الرسميّة أردنيًا، ولكن المفاجئ في مانشيت الأمس، وفق كثيرين، كان في فجاجة التهديد وظهوره على الصفحة الرئيسية لصحيفة رسميّة.

اقرأ/ي أيضًا: الصورة الكاملة لاحتجاجات الأردن.. تعددت الأسباب والشعب واحد

وقد كان العاهل الأردني عبدالله الثاني بن الحسين قد تغيب منذ 25 حزيران/يونيو الماضي بعد زيارة له إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو غياب أثار فضول العديدين وطرح على وسائل إعلامية مختلفة وانتشر على شبكات السوشال ميديا، لاسيّما أن هذه الفترة قد شهدت أردنيًا تفجّر عدد من الملفّات، من أبرزها فضيحة فساد ضخمة حول مصنع لتصنيع الدخان، وهو مصنع كان يعمل بشكل غير قانوني وغير خاضع للرقابة ولا للضريبة، وجميع ما فيه من معدّات وأدوات دخلت إلى البلاد بشكل غير قانوني، عدا عن أن صاحب المصنع، المستثمر المعروف باسم "عوني مطيع"، قد فرّ من البلاد، بعد تهرّب ضريبي يصل إلى 150 مليون دينار أردني. إضافة إلى التطورات في المنطقة، على الحدود الأردنية السورية، وما يشهده العراق من احتجاجات متصاعدة، عدا عن الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على غزّة، واقتحامات المستوطنين وعدد من الجنود الإسرائيليين للمسجد الأقصى.

وكان مانشيت صحيفة الرأي الأردنية، وهي صحيفة رسميّة تملكها الحكومة، قد أطلق هذا السؤال الاستنكاري الذي بدا جليًّا أنه يستكثر على الأردنيين السؤال عن الملك ومكان تواجده، وجاء ذلك بصيغة أثارت حفيظة الكثير من الأردنيين، لما تشيه به من الاستحقار، وما ورد في العناوين الفرعية من لغة اتهامية ونبرة وعيد. 

أما المقال، وكاتبه أحمد سلامة، وهو مستشار إعلامي سابق في الديوان الملكي الأردني، فقد استُهل بالثناء على العاهل الأردني الذي، حسب الكاتب، لم يستجب للضغوط من "زمرة الملحاحين على ضرورة قطع إجازة سيدنا وإيابه إلى الوطن".

وقد امتلأ مقال أحمد سلامة بالكثير من عبارات الاستجداء والاستعطاف التي رآها كثيرون فجّة ولا تليق بمقال في صحيفة رسمية، إذ قال فيها مثلًا: "أناشدكم واستحلفكم بالله العلي العليم، أن تكون هذه السطور دموعًا حرّى صادقة وتنبيهًا لشيء قادم مذهل أرجو الله ألا يقع"، في تلميح منه إلى ضرورة الالتفاف حول الملك وعدم الاستسلام لـ"الشائعات" التي تدور حول غيابه.  

كما امتلأ مقال الكاتب الذي أثار سخرية الأردنيين بالكثير من عبارات التهديد المبطنة، والإشارة إلى ما تعرضت له الشعوب العربية الأخرى، لأنهم، حسب الكاتب مجددًا، تخلوا عن قياداتهم، ضاربًا أمثلة من العراق ومصر وليبيا وسوريا.

واتهم الكاتب أحمد سلامة أولئك الذين يثيرون أسئلة عن غياب الملك الطويل الذي امتد قرابة شهر من الزمن، بأنهم "نهابون وسفلة ومرتزقة التمويل الأجنبي" داعيًا إلى محاكمتهم، واصفًا من يرفع هذا السؤال بأنهم من "أبناء الليل وبناته"!

بل وذهب الكاتب أحمد سلامة أبعد من ذلك حين شبه السؤال عن الملك وغيابه، بسؤال الملحد عن الله، إذ قال: "وكما الملحد الذي توصله أول أسئلته عن وجود الله سبحانه ستفضي به حتمًا إلى جهنم، فإن فتح باب جهنّم من الأسئلة غير الأخلاقية والتشكيكية وغير المسؤولة عن صلاحية الملك، ستفضي بنا جميعًا إلى جهنّم"، موضحًا بأن جهنّم المقصودة هي جهنّم الفوضى والدمار.

وقد تفاعل الأردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي رفضًا لما جاء في مقال أحمد سلامة وسخرية من كثير مما جاء فيه. فقال مصعب الشوابكة، وهو صحفي يعمل في موقع "عمّان نت" إنه يلزم بعد هذا المقال "أن نقرأ الفاتحة على وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية".

 

أما الصحفية الأردنية لميس اندوني فقالت على صفحتها في فيسبوك: "المشكلة الأساس ليست بالكاتب احمد سلامة اختار وليس من جديد أن يقوم بدور يهين به الشعب الأردن، المشكلة أن المقال جاء بإيعاز من جهات عليا تتعامل بازدراء واحتقار مع الشعب الأردني"

تفاعل الأردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي رفضًا واستنكارًا لما جاء في مقال صحيفة الرأي، وسخروا من كثير مما جاء فيه

كما استنكرت الصحافية رنا صبّاغ مقال أحمد سلامة على صفحتها في فيسبوك، وقالت: "من الظلم أن يقوم أستاذ شاخ في هذه المهنة بحسب وصفك ،أن يكتب بهذه العمومية والفجاجة وأن تستخدم اوصاف ومصطلحات تمس جميع القراء بدون تمييز مثل (ديدان الأرض) و(المؤامرة الدنيئة) و(ضغوطات الرذاذ) و(مدبري زعزعة) آخر مملكة حب للعرب".

وبالإشارة إلى حديث الكاتب أحمد سلامة عن ضرورة اتعاظ الأردنيين بما حدث في الدول المجاورة، فتقول الناشطة البيئية صفاء الجيوسي: "لو الحكومة الاردنية تتعلم من الدول المجاورة وتتعلم أن نظام التخوين هذا سخام". 

أما الخبير الاقتصادي الأردني معن القطامين فقد استنكر في مقطع فيديو أن يصدر هذا التهديد والوعيد الموجه للأردنيين من صحيفة رسميّة تابعة للحكومة، وقال إن هذه الطريقة "فجّة ومرفوضة جملة وتفصيلًا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الأردن تحت لعنة صندوق النقد.. "الشعب عارف طريقه"

المغرب والأردن.. ملكية الاستبداد الذكي