20-أغسطس-2018

ما زال التناقس على الكتلة الأكبر محتدمًا في العراق (Getty)

أي المبعوثين سينتصر؟ سؤال قد تصعب الإجابة عليه في سباق التنافس على تشكيل الحكومة العراقية، بين بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وقاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، الموجودين في بغداد بحسب المصادر، واللذين يعقدان سلسلة لقاءات مع قيادات سنية وشيعية وكردية في سياق وضع اللمسات الأخيرة على الكتلة الأكبر، والمضي منها بتشكيل الحكومة. 

يحرص سليماني على لملمة البيت الشيعي وتوحيده قبالة البيتين، السني والكردي، للحفاظ على عملية توزيع المناصب بين الطوائف

في الوقت الذي يلتقي فيها السفير الإيراني ايرج مسجدي مع ممثل الأمم المتحدة يان كوبيتش، معلنان أنهما يحثان الخطى نحو تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

وقد قدم المبعوث الأمريكي بريت ماكغورك، مقترحًا للفرقاء والأحزاب الفائزة في الانتخابات، يتعلق بضرورة الإسراع في "إيجاد حكومة شراكة وطنية"، فيما يحرص سليماني أيضًا على لملمة البيت الشيعي وتوحيده قبالة البيتين، السني والكردي، للحفاظ على عملية توزيع المناصب بين الطوائف، في أجواء من اللقاءات والاجتماعات المكثفة من أجل تشكيل الكتلة الأكبر، التي تحوّلت إلى صراع على حيازة النفوذ في الحكومة المقبلة.    

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات السماوة في العراق.. العصيان المدني على الأبواب!

وتزامن وجود المبعوثين مع خلافات كثيرة بين الكيانات، إذ تتداول وسائل إعلام أنباء عن رفض إيراني لتولي رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي ولاية ثانية، وهو ما يُرجعه متابعون إلى موقفه من العقوبات الأمريكية على إيران، بالإضافة للشروط التي طرحها زعيم التيار الصدري في تشكيل الحكومة، والتي ستعمل الكتل على تحقيق الممكن منها في محاولة للإصرار على عدم ذهاب تحالف "سائرون" للمعارضة، لأن عدم تواجده في الائتلاف الحكومي يعني عدم استقرار الحكومة لأربع سنوات، وهذا ما لا تحبذه إيران إضافة إلى الكيانات السياسية. وقد توقع القيادي في تحالف الفتح، فالح الخزعلي، عدم صمود الحكومة لستة أشهر إذا لم يكن تحالف سائرون جزءًا منها، لافتًا إلى أن "تحالف سائرون سيلجأ لتحريك الشارع في حال توجهه نحو المعارضة".

الصراع حول تشكيل "الكتلة الأكبر"

في 19 آب/ أغسطس، صادقت المحكمة الاتحادية العليا على النتائج النهائية للانتخابات، بعد أزمات حولها دامت لثلاثة أشهر، أبرزها اتهام الكثير من النوّاب السابقين بـ"تزوير الانتخابات"، ما أدى إلى إعادة الفرز والعد اليدوي، بدلًا من الإلكتروني.

خرجت الكيانات السياسية بعد المصادقة، طامحة لتشكيل الكتلة الأكبر التي بدورها ستشكل الحكومة بحسب القانون العراقي، وبدأت الكتل تعمل على إجراء اللقاءات بين القادة للإسراع في التفاهمات. حيث شهد فندق بابل، وسط بغداد، مساء الأحد 19 آب/ اغسطس، اجتماعًا ضم قادة الكتل السياسية، ضمن مقتدى الصدر عن تحالف سائرون، ورئيس الوزراء حيدر العبادي عن تحالف النصر، وعمار الحكيم عن تيّار الحكمة، وصالح المطلك عن ائتلاف الوطنية.

 لم يتمخض اجتماع قادة الكتل السياسية في الاتفاق على تشكيل الكتلة الأكبر، فيما خرجت تصريحات لوسائل الإعلام بأن "الاجتماع انتهى بالاتفاق على مبادئ وبنود البرنامج الحكومي ومعايير تشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء".

اقرأ/ي أيضًا: بعد تطابق نتائج الانتخابات وشروط الصدر.. ما فرص تشكل الحكومة العراقية؟

وأعقب الاجتماع بيان لمكتب المالكي، أعلن فيه من جانبه عن تشكيل الكتلة الأكبر يوم الإثنين 20 آب/ أغسطس الجاري، مع الفتح والقوى الكردية إضافة إلى تحالف المحور الذي يمثل 5 قيادات سنية هم خميس الخنجر وأسامة النجيفي وفلاح حسن الزيدان وأحمد الجبوري وسليم الجبوري، فيما يصر الفريق الذي اجتمع في فندق بابل، سائرون والنصر والحكمة والوطنية أنهم سيشكلون الكتلة الأكبر، بالرغم من عدم استطاعة الفريقين على الوصول إلى عتبة المقاعد التي ستجعل "الكتلة الأكبر" مكتملة العدد.

ولم توضح الكتل الكردية اصطفاطها بعد، لكن مراقبين أشاروا إلى أنهم سيذهبون مع دولة القانون، لكونهم لا يستطيعون التنازل عن حصصهم في الوزارات السيادية وتوزيع المناصب، إضافة إلى ملف كركوك التي يريدون عودتها للسلطة الكردية، وهذا ما يستطيعون مناقشته وتسويته مع نوري المالكي، زعيم الائتلاف، ورئيس الوزراء السابق.

فيما تعيش الكتل السنية انشقاقًا واضحًا، إذ يذهب ائتلاف الوطنية مع فريق سائرون والنصر والحكمة، فيما تذهب الكتل الأخرى كتحالف المحور الوطني مع ائتلاف دولة القانون، ولا يعرف المتابع حتى الآن، كيف يمكن أن تتشكل الكتلة الأكبر وسط هذا الانشقاق الكبير حتى داخل القائمة الواحدة، كما حصل مع تحالف النصر، الذي انشق منه عدد من نوابه، بسبب اعتقادهم بـ"سلبية موقف" زعيمهم العبادي من العقوبات الأمريكية على إيران، بحسب ما أفاد مصدر لـ"ألترا صوت".

وفيما يرى بعض المتفائلون أن الحراك الحالي هو ضربة للمحاصصة في وجود حراك سياسي وشعبي كبير لرفضها، مع وجود انشقاق داخل البيت الشيعي، وصعود الصدر في شعاره التقليدي لـ"رفض المحاصصة وتشكيل حكومة وطنية"، مع قوى أخرى مؤيدة لهذا الطرح - حيث لم يسبق للعراق بعد الغزو الأمريكي أن يعيش أجواء رافضة للديمقراطية التوافقية بهذا الشكل -  يرى آخرون أن إمكانية نجاح هذا التحرّك حتى الآن ما زالت ضئيلة، مع وجود المبعوثين الأمريكي والإيراني، في بغداد، مع إصرار بعض الأحزاب السياسية على المضي بتشكيل حكومة المحاصصة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الهلال الشيعي.. مشروع إيراني أم أمريكي؟ (1/3)

القطاع العام في العراق.. المحاصصة في التعليم الابتدائي أيضًا!