05-ديسمبر-2021

وصفت وسائل إعلام جولة ماكرون الخليجية بأنها محاولة لتحقيق اختراق يحسب لصالحه في الانتخابات (Getty)

ألتراصوت- فريق التحرير

بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل يومين زيارةً إلى منطقة الخليج استهلّها بالإمارات ثم قطر واختتمها يوم أمس السبت بزيارة السعودية ولقاء ولي عهدها محمد بن سلمان الذي أصبح ماكرون أول زعيم غربي يلتقيه منذ الأزمة الدبلوماسية التي أعقبت اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول.

وصفت وسائل إعلام جولة ماكرون الخليجية بأنها محاولة لتحقيق اختراق يحسب لصالحه في الانتخابات القادمة 

ورافق ماكرون في جولته الخليجية كل من وزير الخارجية جان إيف لودريان ووزير الاقتصاد برونو لو مير، ووزيرة الجيوش فلورنس بارلي، إلى جانب وزيرة الثقافة ووزير التجارة الخارجية ورؤساء شركات فرنسية كبرى.

وقد احتلت قضايا التعاون في مجال الاقتصاد ومشتريات الدفاع وأزمات المنطقة، وفي المقدمة منها إيران والملف اللبناني، صدارة الاهتمامات والنقاشات في هذه الزيارة التي تستمر يومين فحسب.

زيارة السعودية.. كسر الطوق الغربي والعلاقة مع لبنان في الواجهة

وصل الرئيس الفرنسي يوم أمس السبت إلى السعودية قادما من قطر، ليكون بذلك أول زعيم غربي يزور المملكة منذ اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وأجرى ماكرون محادثات مباشرة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، شملت قضايا اقتصادية وقضايا تتعلق بالطاقة وعددا من القضايا الإقليمية منها ملف لبنان بشكل خاص والبرنامج النووي الإيراني والعلاقة عموما مع طهران.

وأدلى ماكرون على هامش لقائه بولي العهد السعودي بتصريحات قال فيها: " نريد أن ندعم الشعب اللبناني وأن نبذل ما بوسعنا لإعادة فتح القنوات التجارية والاقتصادية. 

وأعلن ماكرون في هذا الصدد أنه وولي العهد السعودي أجريا اتصالا مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وأكدوا له التزام بلديهما بدعم لبنان واللبنانيين"، وعقب اللقاء الثنائي بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، صدر بيان مشترك بينهما، ورد فيه أن الجانبين "اتفقا على إنشاء آلية مشتركة للمساعدة الإنسانية لتخفيف معاناة الشعب اللبناني"، مع تشديد البيان "على ضرورة قيام لبنان بإصلاحات شاملة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود" كما أكّد البيان المشترك "على ضرورة حصر السلاح في لبنان بمؤسسات الدولة الشرعية وعلى ضرورة ألا يكون لبنان منطلقا لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة".

 

وعلق رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي على هذه التطورات بالقول "إن الاتصال مع ماكرون وولي العهد السعودي خطوة مهمة لاستئناف العلاقات الأخوية مع المملكة" مؤكدا "التزام الحكومة اللبنانية بالوفاء بوعودها  الإصلاحية".

النائب في كتلة نجيب ميقاتي في البرلمان نيقولا نحاس اعتبر أن "اتصال ماكرون وولي العهد السعودي بميقاتي خطوة أولى ستتبعها خطوات"، مؤكدا أن "الاتصال لم يتطرق للإجراءات الخليجية الأخيرة" التي توقع العودة عنها قريبا.

صحيفة فاينانشال تايمز نقلت عن مسؤول فرنسي قوله "إن الرياض وافقت على إعادة سفيرها لبيروت وليس واضحا إن كان سيتم ذلك"، ذات المسؤول أكّد لفايننشال تايمز أن "الرياض اشترطت عودة الاتصالات مع لبنان بزيارة زعيم غربي للرياض"، وأشار مسؤول غربي آخر للصحيفة نفسها أن "ماكرون كثف تحركه مع قرب انتخابات فرنسا لتحقيق اختراق لصالحه".

على صعيد ملف برنامج إيران النووي قال ماكرون "إن مخاوف السعودية مشروعة في ما يتعلق بقدرة إيران على حيازة سلاح نووي"، وعبّر البيان المشترك بين الجانبين الفرنسي والسعودي عن وجود "قلق شديد من تطوير برنامج إيران النووي وعدم الشفافية مع وكالة الطاقة الذرية".

أما بخصوص الأزمة الانسانية المستفحلة في اليمن، فاكتفى الجانبان الفرنسي والسعودي بالتعبير عن "دعم جهود المبعوث الأممي للوصول لحل سياسي في اليمن وفق المبادرة الخليجية".

تعليقًا منه في دبي على لقائه المرتقب مع محمد بن سلمان رفض ماكرون اتهامه بأنه يضفي الشرعية على ولي العهد، معتبرا أن الأزمات المتعددة التي تواجهها المنطقة لا يمكن معالجتها بتجاهل المملكة. قائلا:  "يمكننا أن نقرر بعد قضية خاشقجي أننا ليست لدينا سياسة في المنطقة، وهو خيار يمكن للبعض أن يدافع عنه، لكنني أعتقد أن فرنسا لها دور مهم في المنطقة. لا يعني ذلك أننا متواطئون أو أننا ننسى".

وكانت أنييس كالامار الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية قد قالت: "سواء أكان هذا هو الهدف أم لا، تساهم (هذه الزيارة) في سياسة إعادة تأهيل الأمير السعودي". مضيفة "ما يؤلمني هو أن فرنسا، بلد حقوق الإنسان، هي أداة هذه السياسة".

ولفتت الصحافة الفرنسية الانتباه إلى أن هذه الزيارة التي يقوم بها ماكرون تأتي في وقت أعربت فيه "أوساط خليجية رسمية"عن شكوكها "بشأن مدى تركيز الولايات المتحدة على المنطقة حتى في الوقت الذي تسعى فيه الدول الخليجية للحصول على مزيد من الأسلحة من واشنطن". وتشعر السعودية بشكل خاص بخيبة أمل إزاء نهج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي ما فتئت تضغط على الرياض بسبب سجلها الحقوقي وحرب اليمن.

يشار إلى أنه من المقرر أن يشارك وفد أعمال يضم حوالي 100 شركة، من بينها توتال إنرجيز وإي.دي.إف وتاليس وفيفندي، في منتدى استثماري خلال زيارة ماكرون، علما بأن العقود بين الجانبين الفرنسي والسعودي كانت قليلة في الآونة الأخيرة، وتركز معظمها على مشروع العلا السياحي.

زيارة قطر

في الدوحة عقد ماكرون جلسة مباحثات رسمية مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تمخضت عن توقيع الجانبين القطري والفرنسي على مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الاقتصادي والمالي بين وزارتي المالية في البلدين وخطاب إعلان نوايا بين وزارتي الثقافة القطرية والفرنسية.

ونشر ماكرون تغريدة على حسابه في تويتر قال فيها إن "قطر تُعتبر شريكا إستراتيجيا. تعاوننا قديم وصداقتنا متينة. هذا ما جئت لأعيد تأكيده اليوم".

وأضاف الرئيس الفرنسي "لا ننسى الأفغان نساء ورجالا، والتعاون بين فرنسا وقطر يتواصل من أجل الإجلاء ويذهب أبعد من ذلك: نحن ننشئ عملية إنسانية مشتركة. نحن نعرف الاحتياجات، خاصة في مستشفى النساء والأطفال بكابل".

وأصدرت الخارجية الفرنسية في ساعة متـأخرة من يوم أمس الجمعة بيانا أعلنت فيه أن فرنسا نقلت أكثر من 300 شخص إلى خارج أفغانستان بمساعدة دولة قطر، في أحدث عمليات الإجلاء، كما أفادت بتنفيذ عملية إنسانية مشتركة مع الدوحة لنقل مساعدات إلى كابل.

وقبل توجهه إلى السعودية أعلن ماكرون، أنه لا بد للحكومة اللبنانية أن تستأنف العمل من أجل تطبيق الإصلاحات المطلوبة، معلنًا أنه سيبحث مع الجانب السعودي الأزمة مع لبنان.

وكان وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، الذي تسببت تصريحات سابقة له بالأزمة، قد أعلن عن استقالته يوم أمس الجمعة، تمهيدا للحل خلال جولة الرئيس الفرنسي إلى منطقة الخليج، والتي يعلق عليها لبنان آمالا كبيرة في احتواء الأزمة وحلّها.

زيارة الإمارات عقود أسلحة بمليارات

كانت الإمارات محطة الزيارة الأولى في جولة ماكرون الخليجية، وطغت على المحطة الإماراتية اتفاقيات التعاون العسكري، حيث وقعت الإمارات وفرنسا اتفاقية لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال الفرنسية، بالإضافة لتوقيع اتفاقية أخرى لشراء 12 طائرة مروحية من طراز "كاراكال"، بقيمة تناهز 20 مليار دولار.

واعتبرت الرئاسة الفرنسية في بيان صحفي أن "هذا إنجاز كبير للشراكة الاستراتيجية بين البلدين الحليفين". حيث تعد هذه الطلبية من الطائرات أكبر طلبية خارجية للطائرات الفرنسية المقاتلة منذ دخولها الخدمة في عام 2004.

ووصفت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي الصفقة ب"عقد تاريخي" بلغت قيمته عدة مليارات يورو.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

العلاقات الإيرانية الخليجية: وفد إماراتي رفيع المستوى قريبًا إلى طهران