02-نوفمبر-2015

ماركو روبيو(Getty)

هل يصبح ماركو روبيو المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة أول رئيس أمريكي من أصول لاتينية عام 2016، كما أصبح الديمقراطي باراك أوباما أول رئيس أميركي من أصول إفريقية عام 2008 ؟.. لا جواب حاسمًا على هذا السؤال بعد، لكن ملايين الشباب الأمريكيين المؤيدين لابن العائلة الكوبية المهاجرة يأملون ذلك، فيما تظهر أرقام استطلاعات الرأي الاخيرة أن حظوظ روبيو كبيرة جدًا في نيل تمثيل الحزب الجمهوري في معركة السباق إلى البيت الأبيض.

تهدد زعامة السيناتور روبيو عن ولاية فلوريدا، وشعبيته المتنامية، بالدرجة الأولى عائلة بوش التي تعتبر من أبرز العائلات السياسية الجمهورية التقليدية

يدرك أصغر سيناتور في الكونغرس الأمريكي أن قصة صعوده السياسي السريع، وسيرته الشخصية كابن زوجين كوبيين هاجرا إلى الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي، هربًا من قمع ديكتاتورية آل كاسترو في هافانا إلى رحاب الحرية الأمريكية في فلوريدا، تجعل منه ممثلًا شرعيًا لما يعرف بالحلم الأمريكي الذي تحول إلى كابوس بالنسبة لشرائح واسعة من الأمريكيين من أبناء الطبقة المتوسطة ولملايين المهاجرين الجدد إلى بلاد العم سام، الشرعيين منهم وغير الشرعيين.

ويشيرالمرشح اللاتيني الشاب على موقع حملته الانتخابية على شبكة الانترنت إلى رحلة معاناة والديه والأعمال الوضيعة التي اضطرا إلى مزاولتها بعد وصولهما إلى أمريكا من أجل تأمين حياة أفضل للعائلة. ويتذكر اضطراره للدخول المبكر إلى سوق العمل من أجل تغطية مصاريفه وأقساطه الجامعية وحصوله على قرض لمتابعة دراساته العليا، انتهى للتو من تسديد أقساطه. إذًا فإن هذا "البيبي أنكور" (وهي عبارة يطلقها الأمريكيون البيض على مواليد المهاجرين على الأرض الأمريكية والذين يمنحهم الدستور الأمريكي الجنسية بشكل تلقائي بمعزل عن الوضع القانوني لأهلهم) هو خير من يمثل الطبقة الأمريكية المتوسطة والجيل الثاني من المهاجرين من الدول الفقيرة في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا. وبالتالي فإنه خير من يمثل الأقليات في الولايات المتحدة الساعية إلى حماية حقوقها المدنية ومكافحة التمييز العنصري الذي تتعرض له.

اقرأ/ي أيضًا: دفع أمريكا لاستحضار صورتها

المفارقة أن المتشددين في الحزب الجمهوري من المحافظين واليمين المسيحي يجدون في هذا الشاب الكاثوليكي الناجح رمزًا يمثلهم، وإن كانوا لا يتفقون مع نظرته إلى مسألة تشريع إقامة المهاجرين غير الشرعيين من أصول لاتينية في الولايات المتحدة. فقد كان أنصار "حزب الشاي" الذين يمثلون الجناح اليميني المتشدد في الحزب الجمهوري هم الرافعة التي دفعت هذا الشاب ذا الأصول الكوبية إلى الكونغرس الأمريكي عام 2010. والصورة العائلية لروبيو مع زوجته وأطفاله الأربعة التي تتصدر موقع حملته الانتخابية تمثل القيم الأمريكية المحافظة وموقع العائلة المحوري فيها والهالة الدينية المقدسة التي تضفيها على مؤسسة الزواج.

كما يمثل روبيو تطلعات المتشددين الشباب في الحزب الجمهوري. فالمسؤولية تقع على القيادة الحزبية التقليدية والطبقة السياسية النافذة في الحزب في وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض وفشل الجمهوريين رغم سيطرتهم على الكونغرس في مواجهة السياسات الأوبامية التي غيرت وجه أمريكا في السنوات السبعة الماضية.

 زعامة السيناتور عن ولاية فلوريدا، وشعبيته المتنامية، تهدد بالدرجة الأولى عائلة بوش التي تعتبر من أبرز العائلات السياسية الجمهورية التقليدية. ويستند حاكم فلوريدا السابق جيب بوش، نجل الرئيس جورج بوش الأب وشقيق الرئيس جورج دبليو بوش، إلى دعم المؤسسة الحزبية لنيل تمثيل الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. فيما يستند روبيو على دعم المحافظين وخصوصًا الشباب الطامحين إلى تغيير وتجديد قيادة الحزب.

على أن السجال الذي شهدته المناظرة التلفزيونية الأخيرة للمرشحين عن الحزب الجمهوري بين بوش وروبيو واستطلاعات الرأي اللاحقة التي أظهرت تقدم روبيو، دفع كبار ممولي الحملات الانتخابية لمرشحي الحزب الجمهوري إلى إعادة النظر في تمويل حملة بوش وتذمرهم من أدائه ما يؤشر إلى اقتراب انسحابه من السباق إلى الرئاسة، الانسحاب الذي قد ينذر بإغلاق أحد أكبر البيوتات السياسية في أمريكا.

من قبيل الذم، وربما بهدف إثارة مشاعر الجمهوريين ضده، وصفت حملة بوش الانتخابية ماركو روبيو بأنه "أوباما الحزب الجمهوري". بعد ساعات قليلة من ذلك، أعلن بليونير مدينة نيويورك بول سينجر الذي يعتبر أكثر المتبرعين ثراءً وتأثيرًا في الولايات المتحدة، أنه سيدعم ترشح روبيو، ما يعني أن ملايين الدولارات ستتدفق من أجل إيصال "أوباما أبيض" إلى البيت الأبيض.

اقرأ/ي أيضَا: عرب أمريكا..يا نقمة النسيان