13-مايو-2017

شباب حملة العناق المجاني في جامعة تشرين السورية (فيسبوك)

نظم مجموعة من طلاب جامعة تشرين في مدينة اللاذقية السورية، يوم الخميس الماضي حملة تطوعية بعنوان "العناق المجاني" حين لبسوا "باروكات" شعر ملونة ووضعوا الأنوف الحمراء التي تستحضر هيئة المهرج، ووقفوا بالقرب من المكتبة المركزية في الجامعة حاملين لافتات بيضاء كتب عليها Free hug أو عناق مجاني ومنتظرين المارة الذين سيهرعون للمعانقة.

أثارت حملة بعنوان "العناق المجاني" في جامعة تشرين السورية جدلًا في أوساط السوريين حول الهدف منها في بلد تتكاثر فيه حالات الانتحار

على حد تعبير القائمين على الحملة هي عبارة عن محاولة لنشر الرأفة والمحبة بين الناس، وزيادة الألفة في المجتمع السوري، بعد تكرار حوادث انتحار عدد من الشباب في سوريا، وبذلك يرى أصحاب الحملة أن هذا العناق قد يقي من خطر الانتحار، كما جاء في شعار الحملة "ربما من انتحروا كانوا فقط بحاجة لعناق طويل".

اقرأ/ي أيضًا: سوريا..الفصل من الجامعة بتهم سياسية

تعتمد هذه الفكرة على العناق السريع بين الغرباء في محاولة لتأكيد التآلف، وتقوم على فكرة تقبل الغريب مهما كان شكله وبعيدًا عن الأفكار والمعتقدات المختلفة بين الناس. كما وجاء في بيان الحملة أنها "تتحدى القوانين في مجتمع يعتبر صوت المرأة عورة"، في إشارة منهم للتحدي الذي يقومون به عبر ذلك العناق، وفي محاولة منهم لكسر القوانين الاجتماعية وتغييرها.

نص البيان بدا أقرب ما يكون إلى كتابة أي كلام بجانب بعضه البعض دون أي تفكير في معنى وجدوى ما يكتب، كما أن طريقة التفكير هذه التي يحملها هؤلاء الشبان وينظمون لأجلها الحملات ويدعون للعناق تستدعي أسئلة بديهية لمن يعيش في سوريا، فهل حقًا من انتحروا كانوا بحاجة إلى عناقٍ فقط، وهل تكفي المعانقات لعدد كبير من الشباب السوري اليوم من اللذين لا يعرفون لبؤسهم نهاية؟

هؤلاء الهاربون من الخدمة الإلزامية وقد تحولت حياتهم لمجرد سجن كبير، أو من ضاقت بهم سبل العيش وباتوا أمام خيارات لا تنفع، كالتطوع في القوات المسلحة التابعة للنظام أو مع أحد الجيوش التي تحارب معه، هل هذا ما يحتاجونه؟ هذا عدا عن آلاف الشباب المفقودين والمختطفين والمعتقلين، والآلاف الذين أخذت الحرب حياتهم ولم يكن لهم أي خيار. ربما لم ير أصحاب الحملة حقًا ما يجري حولهم في مدينة كاللاذقية التي لا تتوقف عن استقبال القتلى من أبنائها.

شهدت الحملة موجة من الانتقادات سواءً ممن تواجدوا هناك أو ممن علقوا على وسائل التواصل الاجتماعي، كما وكانت تلك التعليقات منقسمة بين من شجع "شباب العناق" ومن يرى في الأمر مجرد تفاهة.

وكثيرون رأوا أن مثل تلك الحملات قد تكون مفيدة ربما لو تم استثمار جهد مشابه في أفكار أخرى أكثر أهمية على المستوى الاجتماعي، وبين من دعا هؤلاء الشبان إلى مراعاة قيم وعادات المجتمع وعدم التشبه بالغرب وأفكاره على حد تعبير البعض.

اقرأ/ي أيضًا: جامعة اللاذقية.. سادية دكتاتور برتبة أستاذ

هل حقًا من انتحروا كانوا بحاجة إلى عناقٍ فقط، وهل تكفي المعانقات لعدد كبير من الشباب السوري من اللذين لا يعرفون لبؤسهم نهاية؟

يظهر، في الفيديو الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، شبان الحملة بلباس المهرج الملون في محاولة منهم ربما لإضافة طابع المرح والعفوية على حملتهم، لكنهم أضافوا عليها من السخرية أيضًا، لتسخر منهم قوات الأمن وتقودهم إلى الأمن الجنائي بتهمة إثارة الفوضى في الجامعة. فتكون نهاية هذا العناق في قبو معتم إلى جانب مواطنين آخرين ربما لم يحظوا بأي عناقٍ مع أحبائهم منذ سنوات.

تجدر الإشارة إلى أن العالم يحتفل في 21 كانون الثاني/يناير من كل عام باليوم العالمي للعناق، وكان الأمريكي كيفين زابورني أول من اقترح الاحتفال به في ولاية ميشيغان في العام 1986، حين وجد أن الناس قد تجد حرجًا في التعبير عن مشاعرها للأصدقاء وأفراد العائلة علنًا، ومن هنا جاءت فكرة الاحتفال بالعناق في يومين من كل عام، من خلال مظاهر كرنفالية يُعبر من خلالها الناس عن مشاعرهم، وهما عيد رأس السنة وعيد الحب في شهر شباط/فبراير.

والجدير بالذكر أن حملات مشابهة لهذه الحملة السورية قد حدثت في أماكن عدة حول العالم منها جامعات في تونس والسعودية عبر مبادرات فردية تحث على نشر الألفة بين أبناء المجتمع الواحد.

تفاعل مع حملة العناق المجاني في جامعة تشرين

تفاعل مع حملة العناق المجاني في جامعة تشرين

اقرأ/ي أيضًا:

أي مصير للغة "موليير" في سوريا؟

مستوى الجامعات السورية بعد الحرب.. إلى أين؟