25-يوليو-2018
Angry customer complaining to chef in restaurant

الجوع يؤدي إلى الغضب وتعكير المزاج (Time)

"الجوع يجعل المرء أكثر غضبًا"، ليست مجرد معلومة عامية عرفية، وإنما هناك مجموعة متنامية من الأدلة العلمية التي تفيد بأن التشنج الناتج عن الجوع هو شيء حقيقي تمامًا، وأن انخفاض نسبة السكر في الدم يؤدي إلى سلوك عدواني. سنناقش هنا بشكل أوسع العلاقة بين الجوع والغضب، وماذا يقول العلم حول ذلك، وما إذا كانت هنالك أية نصائح لتفادي هذه الكارثة. 

ثمة العديد من الأدلة العلمية المتنامية على أن الجوع يجعل المرء أكثر غضبًا بالفعل وانخفاض نسبة السكر في الدم يؤدي إلى سلوك عدواني

الجوع والغضب.. سبب عضوي أم صدفة؟ 

في دراسة نشرت في مجلة "PNAS"، نظر باحثون في 107 من الأزواج خلال 21 يومًا، ووجدوا أن الأشخاص الذين يعانون من انخفاض السكر في الدم بشكل غير معهود، كانوا أكثر عرضة لإظهار غضبهم تجاه زوجاتهم. ويبدو أن الزوجات يعين هذه الحقيقة منذ زمن، حيث يحرصن على الحد من عدوانية أزواجهم عن طريق المطبخ، وهي ثقافة منتشرة.

وهناك سبب لكون الجوع يقود إلى الغضب، وهو أن الدماغ يحتاج إلى الطاقة لكي يعمل. والجلوكوز، وهو سكر بسيط، هو الجزيء الوحيد الذي يقبله الدماغ للحصول على الوقود، لذلك عندما ينخفض ​​السكر في مجرى الدم لديك، كذلك تنخفض تباعًا قوة عقلك. وهكذا يمكن أن يكون لسكر الدم المنخفض تأثير كبير، خاصة على المهام عالية المستوى التي تتطلب ضبط النفس، لأنها تتطلب كمية كبيرة من الطاقة بشكل خاص.

بشكل عام، قد يؤثر انخفاض نسبة السكر في الدم على بعض الأشخاص أكثر من غيرهم، حيث تكون أجسام بعض الناس أسوأ في تنظيم الجلوكوز، وهؤلاء الناس بالتحديد أكثر عرضة لإظهار سلوك الغضب، إذ حسب دراسة طويلة الأمد تعود إلى عام 1984، فإن الأشخاص الذين يتأثرون بسهولة عندما ينخفض مستوى السكر لديهم، يمكن التنبؤ بأنهم سيصبحون مجرمين بنسبة 84%!

علاوة على ذلك، تذهب بعض الدراسات إلى أن الجوع يمكن أن يكون سببًا لانتشار الجريمة والحروب الأهلية في البلدان النامية، إذ وجدت علاقة ترابطية بين انخفاض الجلوكوز ومعدلات الوفيات الناجمة عن العنف ووفيات الحرب في 122 دولة.

Frustrated man at Vending Machine

 

وفي المقابل، فإن تناول مشروب أو وجبة خفيفة، يجعل الناس يتصرفون بشكل أفضل، ويكونون في مزاج جيد لاتخاذ قرارات إيجابية.

وفي دراسة مثيرة، قام باحثون بفحص أكثر من ألف قرار اتخذه قضاة بشأن طلبات الإفراج المشروط بحق المدانين، ووجدوا أن القضاة وافقوا على %65 من الطلبات التي سمعوها في بداية اليوم، بينما لم يكد يقبل أي منها في نهايته.

ومباشرة بعد استراحة وجبة خفيفة، قفزت الطلبات المقبولة إلى %65 مرة أخرى. ومنه فإن العدالة في الحقيقة يبدو أنها مرهونة بحال بطن القاضي!

يقول جوناثان ليفاف، وهو أحد المشاركين في الدراسة، إن القضاة يمكن أن يكونوا غاضبين بسبب الجوع، لكنهم ربما يعانون أيضا من التعب العقلي، ويخمن أن هناك تأثير مماثل في المستشفيات ومكاتب القبول بالجامعة أو في أي مكان يتخذ فيه موظفون قرارات متكررة.

وجدت دراسة أن قرارات القضاة مرهونة بدرجة كبيرة بحال بطونهم، وإذا ما كانوا قد تناولوا الطعام أم لا!

لذا إذا كنت تشعر بمزاج سيئ فعليك بالطعام، وإذا كنت تنوي أن تطلب من مسؤول ما شيئًا يخصك، فعليك زيارته مباشرة بعد تناول وجبة الإفطار أو الغذاء!

دراسة حديثة وكلمة جديدة بالإنجليزية 

أكّدت العلاقة بين الجوع والغضب دراسة حديثة نشرت في تموز/يوليو 2022 في مجلة (Plos One)، وخضعت لمراجعة النظراء مؤخرًا، وهي واحدة من أهم الدراسات التي تفحص العلاقة بين الجوع والغضب بشكل علمي. وبحسب أحد مؤلفي الدراسة، في حديثة لموقع USA Today، فإنه الاهتمام بظاهرة "الجعب" (الجوع+الغضب)، والتي تعرف باللغة الإنجليزية بكلمة (Hangry)، بدأ بعد نقاش أجراه مع زوجته التي اتهمته بأنه يتصرف على نحو مختلف حين يكون جائعًا، وهو ما دفعه إلى دراسة الأمر علميًا.

وقد قال الأستاذ فيرين سوامي، وهو أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة أنجليا روسكين في المملكة المتحدة، أنه قد كان لديه اهتمامات واسعة بفحص تأثيرات الجوع ونمط الأكل على الرفاهية والسلوك والنشاط الاجتماعي، وأن الدراسة أتت استجابة للفقر البحثي حول هذا الموضوع. 

Disappointed guy

ولفهم العلاقة بين الأمرين، أي بين الجوع والغضب، استعان الباحثون بمجموعة من المتطوعين بلغ عددهم 64 شخصًا من دول أوروبية مختلفة، وتمت مراقبة مستويات الجوع والمشاعر المختلفة لديهم على مدار ثلاثة أسابيع، مع فحص يومي مكثف. وقد قام الباحثون بعد ذلك بفحص النتائج وتحليلها، مع مراعاة جنس الشخص وعمره ونظامه الغذائي ومؤشر كتلة الجسم لديه، وقد كانت النتيجة واحدة: وهي أن الناس يشعرون بالغضب وسرعة الانفعال بشكل أكبر كلما كانوا جائعين.

وقد قال الباحث الرئيسي في الدراسة بأن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها وبشكل علمي إثبات ارتباط الغضب وتعكر المزاج بالجوع والتأخر في الحصول على الطعام. 

كما وأظهرت البيانات أن الجوع مرتبط بنسبة 37% من التغيرات في التهيج العاطفي، و 34% من حالات الغضب، و 38% في تعكر المزاج وتدني مستوى المتعة، وكل ذلك يشير إلى أن المشاعر وتقلباتها لها ارتباط واضح بالجوع.

أظهرت البيانات أن الجوع مرتبط بنسبة 37% من التغيرات في التهيج العاطفي، و 34% من حالات الغضب

ورغم أن  أن الباحثين كانوا قادرين على ربط المشاعر السلبية بالجوع ، إلا أنه من غير الواضح لماذا يمكن للجوع أن يؤثر على المشاعر. إذ اقترح الباحثون أن انخفاض مستويات الجلوكوز في الدم يمكن أن يؤدي إلى التهيج والانزعاج، أو أنه يمكن أن ينزعج الناس أو يغضبوا بشكل أسرع من المعتاد عند الجوع.