03-يناير-2022

(Getty Images)

ولد ديزموند مابيلو توتو عام 1931 في جمهورية جنوب أفريقيا، وقد وافته المنية مؤخرًا عن عمر ناهز 90 عامًا، في 26 كانون الأول/ديسمبر من العام المنصرم. توتو رجل دين أنجليكاني كان قد حصل على جائزة نوبل للسلام لدوره الريادي لدوره في مناهضة نظام الفصل العنصري في جمهورية جنوب أفريقيا والذي ألغي عام 1994. 

خلال الثمانينيات لعب توتو دورًا كبيرًا في لفت الانتباه الوطني والدولي إلى ظلم نظام الفصل العنصري، وشدد على وسائل الاحتجاج غير العنيفة

خلال الثمانينيات لعب توتو دورًا كبيرًا في لفت الانتباه الوطني والدولي إلى ظلم نظام الفصل العنصري، وشدد على وسائل الاحتجاج غير العنيفة، وشجع على ممارسة الضغط الاقتصادي من قبل الدول التي تتعامل مع جمهورية جنوب أفريقيا. وأثناء الانتقال نحو الديمقراطية في أوائل التسعينات، روج توتو لفكرة مفادها أن جنوب أفريقيا "أمة قوس قزح"، وذلك لما يمثله قوس القزح من رمزية عبر غنى ألوانه. وتم تعيينه من قبل الرئيس نيلسون مانديلا رئيسًا للجنة الحقيقة والمصالحة، التي حققت في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان خلال حقبة نظام الفصل العنصري.

 

وبناءً على طلبه، خضعت جثة توتو للتذويب بواسطة الماء باعتبارها وسيلة أقل ضررًا للبيئة. وأما الإسم العلمي لهذه العملية فهو "التحلل بالماء" (Aquamation Alkaline Hydrolysis) حيث يتم استخدام مزيج من المياه الساخنة والتي تصل حرارتها إلى 350 درجة مئوية لتسريع تكسير المواد العضوية للجثة.

تبدأ العملية بوضع الجسم في آلة تحلل تتكون من غرفة حديدية محكمة الإغلاق ومملوءة بمحلول مصنوع من الماء والمواد الكيميائية كالأسيد. وبعد ذلك يتم تسخين الحرارة داخل الغرفة مما يؤدي إلى تسييل الجسم فيما تبقى العظام فقط، بحسب جمعية حرق الجثث في أمريكا الشمالية CANA. وبمجرد أن تجف العظام يمكن أن تسحق مما "ينتج عن العملية ما يقرب من 32% بقايا محترقة أكثر من حرق الجثث المعتمد على اللهب" ومن ثم يوضع الغبار الأبيض في جرة ويتم تسليمه إلى أسرة المتوفي، ويمكن أن تستخدم النواتج المتبقية كأسمدة زراعية.

كان توتو شغوفًا بحماية البيئة، فقد ألقى العديد من الخطب وكتب العديد من المقالات حول الحاجة إلى العمل لمعالجة أزمة المناخ. ففي عام 2007 كتب مقالًا بعنوان "هذا الرضا القاتل" لصحيفة الغارديان البريطانية تناول فيه التأثير المقلق لتغير المناخ على المجتمعات الفقيرة. وأشار في مقاله إلى أن معظم أمريكا الشمالية وأوروبا لم تواجه بعد الطقس القاسي وظروف المناخ الطارئة كما القارة الأفريقية.

وإضافة إلى طلبه إلى أن يكون موته صديقًا للبيئة حين حرق جسده، فقد اتخذ توتو خطوات أخرى للتأكد من أن جنازته ستكون متواضعة مثل أسلوب حياته، وطلب أن يوضع في نعش بسيط من خشب الصنوبر زهيد الثمن وأن تكون مراسم جنازته بدون زخرفة، بحسب ما نقل موقع شبكة msn news.

إحدى الشركات المتخصصة بالتخلص من الجثث عبر التحلل المائي واسمها Bio-Response Solutions أشارت في صفحتها على الإنترنت إلى أن "العملية تستخدم طاقة أقل بنسبة 90% من حرق الجثث ولا تنبعث منها أي غازات ضارة"، وتضيف الشركة في تعريفها للعملية "لا انبعاثات مباشرة من الغازات المضرة والتي تفاقم الاحتباس الحراري أو الزئبق"، بينما هناك "20% إضافي من الرماد المتبقي من الجثة تحصل عليها أسرة المتوفي". وتضع الشركة الشعار التالي على صفحتها "إذا كان المزيد من الناس يحترمون كوكب الأرض في موتهم، فهذا يبشر بالخير لكيفية معاملتهم له وهم على قيد الحياة".

وفي هذا السياق، قال الباحث المقيم في الولايات المتحدة، فيليب آر أولسون، في ورقة بحثية نشرها عام 2014، إلى أن هذه التقنية تم تطويرها لأول مرة في أوائل التسعينات كوسيلة للتخلص من جثث الحيوانات المستخدمة في التجارب، ومن ثم استخدمت التقنية بعد ذلك للتخلص من الماشية أثناء وباء مرض جنون البقر. وفي عام 2000 استخدمت كليات الطب الأمريكية تقنية التحلل بالمياه للتخلص من الجثث البشرية المتبرع بها، قبل أن تشق هذه الممارسة طريقها إلى صناعة الجنازات والدفن، بحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.

يشير مناصرو هذه التقنية إلى أن الماء طريقة ألطف من النار للتعامل مع الجثث

ويشير مناصرو هذه التقنية إلى أن الماء طريقة ألطف من النار للتعامل مع الجثث، وبأنها تستهلك طاقة أقل، وينبعث منها غازات أقل. وكذلك يبررون موقفهم بأن أماكن الدفن في المدن في جميع أنحاء العالم أصبحت نادرة وذات تكاليف مرتفعة، لذلك فإن هذه التقنية أصبحت أكثر جاذبية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

وفاة ديزموند توتو.. صوت للنضال ضد الفصل العنصري والاستبداد

فلسطين: خبران وواقع واحد

التضامن مع القضية الفلسطينية.. بوابة جنوب أفريقيا لتأكيد استقلال قرارها