19-أغسطس-2021
5 مذكرات لصحافيين كانوا شهودًا على أحداث تاريخية فارقة

أغلفة الكتب (ألترا صوت)

تحظى مذكرات الصحافيين بأهمية كبيرة مردّها ما تتضمنه من معلومات لا يتاح لغيرهم، في العادة، الاطلاع عليها. ناهيك عما تقدّمه من سرديات مغايرة لأحداث وتحولات كبرى مثل الثورات، والحروب، والاضطرابات السياسية، والانقلابات العسكرية، وغيرها.

وفي بعض الأحيان، يتاح للصحفيين الاطلاع على كواليس الحياة السياسية وعملية صنع القرار أيضًا، الأمر الذي يجعل منه شاهدًا على أحداث تاريخية مهمة قد يطويها النسيان. ولهذا السبب، يولي الباحثون أهمية كبيرة للمذكرات التي يصدرها صحافيون حول أحداثٍ فارقة كانوا شهودًا عليها.

نتعرف معًا في هذا المقال على 5 مذكرات وثّق فيها صحافيون عرب وأجانب مشاهداتهم حول أزمات سياسية وحروب وثورات وانقلابات عسكرية قاموا بتغطيتها، أو كانوا شهودًا عليها.


1- ويلات وطن: صراعات الشرق الأوسط وحرب لبنان

أمضى الصحفي البريطاني روبرت فيسك، 1946 – 2020، نحو أربعين عامًا في عالم الصحافة المكتوبة، قام خلالها بتغطية مختلف الأحداث الكبرى التي عرفها العالم عمومًا، والشرق الأوسط خصوصًا، منذ سبعينيات القرن الفائت، وحتى أواخر العقد الثاني من القرن الحالي، مثل الحرب الأهلية اللبنانية، والغزو السوفييتي لأفغانستان، والثورة الإيرانية، والحرب العراقية الإيرانية، وغزو العراق، والربيع العربي، وغيره.

وإلى جانب تقاريره الصحفية، قدّم فيسك عدة كتب تناول فيها الأحداث التي قام بتغطيتها بأسلوبٍ يجمع بين التحليل والتوثيق والسرد الأدبي، ولعل أبرزها كتاب "ويلات وطن: صراعات الشرق الأوسط وحرب لبنان" (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 1990)، الذي روى فيه حصيلة مشاهداته حول الحرب الأهلية اللبنانية، وأضاء من خلاله على أهم أحداثها وتحولاتها، مثل التدخل السوري في لبنان، ومجزرتي الكرنتينا وتل الزعتر، واجتياح إسرائيل للعاصمة بيروت، واغتيال الرئيس بشير الجميل، وانسحاب فصائل المقاومة الفلسطينية من بيروت، ومجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا، وإعلان العماد ميشال عون الحرب على الجيش السوري في لبنان، وغيرها.

غلاف الكتاب


2- قبل أن تبهت الألوان: صحافة ثلث قرن

دوَّن الكاتب والصحفي السوري الراحل رياض نجيب الريس (1937 – 2020) في كتابه "قبل أن تبهت الألوان: صحافة ثلث قرن" (رياض الريس للكتب والنشر، 1991)، حصيلة ثلاثة عقودٍ قضاها متجولًا بين مختلف بلدان العالم بصفته مراسلًا صحافيًا حرص على تغطية الأحداث الكبرى من موقعها لا من خلف الطاولة، أو عبر نشرات وكالات الأنباء، على حد تعبيره.

وعلى مدار تلك السنوات، تنقّل الريس بين عددٍ من مناطق الاضطراب حول العالم، موثّقًا مشاهداته على شكل تقارير أمدّ بها صحف لبنانية مختلفة، مثل الحياة والنهار وغيرهما، قبل أن يقرر جمع المهم منها في كتابه هذا، واضعًا القارئ أمام وثائق حية حول حرب فيتنام، والحرب الأهلية بين الملكيين والجمهوريين في شمال اليمن، وحرب الاستقلال ضد بريطانيا في جنوبه، بالإضافة إلى انقلاب 17 تموز/ يوليو عامة 1968 في العراق، والغزو السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا، وانقلاب 1967 في اليونان، وغيرها من الأحداث الفارقة التي كان رياض الريس شاهدًا عليها.

غلاف الكتاب


3- بيروت، برلين، بيروت

نشرت جريدة "الحياة" اللبنانية، بين عامي 1946 و1959، سلسلة بعنوان "بيروت، برلين، بيروت"، روى فيها الكاتب والصحفي اللبناني الراحل كامل مروة (1915 – 1966)، مشاهداته كصحفي عربي في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها، وتحديدًا في العاصمة الألمانية برلين المنقسمة، شأن ألمانيا كلها زمن الحرب الباردة، إلى شطرين شيوعي وآخر رأسمالي.

وبعد وفاته بنحو عشرين عامًا، جُمعت السلسلة في كتاب حمل العنوان ذاته "بيروت، برلين، بيروت"، وصدر عام 1991 عن دار "رياض الريس للكتب والنشر"، بصفته: "خريطة لذلك النظام الدولي القديم – الجديد، ووثيقة للقوانين السياسية التي حكمت المنطقة الممتدة بين بيروت وبرلين، بدءًا بالمشرق العربي الممزق، ومرورًا بتركيا القلقة والبلقان المتفجر، ووصولًا إلى الدولة الألمانية العظمى". عدا عن أنه: "مرجع قيّم للتفكير السياسي الذي طبع ما يسمى "الرعيل العربي الأول"، الذي تأثر بـ "المعجزة" الألمانية، وتحالف مع أسيادها لمحاربة الانتدابات الفرنسية والبريطانية في المنطقة، ثم هاجر إلى دول المحور أثناء الحرب العالمية الثانية، ليعود بانطباعات عميقة أثرت في نظرته إلى طبيعة العالم العربي، وجعلته أشد قلقًا وتوترًا مما تخبئه الأيام له".

غلاف الكتاب


4- دفتر سراييفو

وصل الكاتب والمستشرق الإسباني خوان غويتيسولو (1931 – 2017) إلى العاصمة البوسنية سراييفو، سنة 1993، لتغطية حرب الصرب على المدينة وحصارهم لها، بصفته مراسلًا حربيًا لصحيفة "إلباييس" الإسبانية. وإلى جانب التقارير التي أعدها من قلب الحدث، دأب غويتيسولو على تدوين يومياتٍ وثّق فيها أحوال المدينة ومعاناة سكانها، في ظل الحرب التي تُعتبر الأشد فظاعةً في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

"دفتر سراييفو"، هو عنوان الكتاب الذي جمع فيه غويتيسولو يومياته التي دوّنها في العاصمة البوسنية، والذي صدرت النسخة العربية منه سنة 1994 عن "دار الفنك" بترجمة طلعت شاهين. وفيه، يرسم المستعرب الإسباني مشهدًا تفصيليًا للمدينة المحاطة بالموت من جميع جهاتها، تمامًا كما لو أنها، ووفق تعبيره، مصيدة فئرانٍ ضخمة يجب على المرء التنقل فيها بحذر، وإلا خسر حياته فجأة. وبالإضافة إلى ما سبق، رصد غويتيسولو أنماط عيش السكان في ظل الحصار وانعدام مقومات الحياة، وأحاط القارئ بالطرق التي اتبعوها آنذاك للتحايل على القناصين المنتشرين في المدينة، خاصةً عند الخروج للبحث عن الماء والطعام ومواد التدفئة.

غلاف الكتاب


5- الثورة التائهة، صراع الخوذة واللحية والميدان

في كتابه "الثورة التائهة: صراع الخوذة واللحية والميدان" (مركز المحروسة، 2012)، يضيء الكاتب الصحفي المصري عبد العظيم حماد، رئيس تحرير صحيفة الأهرام الأسبق، على كواليس الحياة السياسية المصرية، وعملية صنع القرار، وإدارة شؤون الدولة، خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك.

 ويرى حماد في كتابه أن الثورة المصرية دخلت، بعد شهورٍ قليلة على الإطاحة بنظام مبارك، مرحلة التيه التي تمخضت عن عوامل مختلفة ساهمت جميعها في إفشال الثورة على حد تعبيره، ومنها أداء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المسؤول عن إدارة البلاد في تلك المرحلة، الذي كان يصب في عكس مصلحة الثورة، لا سيما في ما يتعلق بمحاكمة مبارك التي كان المجلس، وفي مقدمته المشير حسين طنطاوي، رافضًا لها. ويشير حماد في السياق ذاته إلى تدخلات المجلس في عمل المؤسسات الصحفية، قبل أن ينتقل إلى الحديث عن أداء جماعة الإخوان المسلمين في تلك المرحلة وانقلابه على شعار "مشاركة لا مغالبة"، وغيرها من التفاصيل التي أفشلت الثورة المصرية.

غلاف الكتاب