03-ديسمبر-2020

من مدينة سانت بطرسبيرغ في روسيا (ألكسندر دومانشيك/Getty)

أحيت الأمم المتحدة فعاليات "اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة" بشكل سنوي، والذي حدد  يوم 3 كانون الأول/ديسمبر من كل سنة، منذ أقرّته في العام 1992.  ويهدف الاحتفاء بهذا اليوم بشكل أساسي، إلى تعزيز فهم المجتمع لقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، والتعرف على احتياجاتهم والمشاكل التي يعانون منها.

يستهدف اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة توفير بيئة وظروف أفضل لهم في كافة نواحي الحياة الخدمية والمهنية وحتى الترفيهية

وابتداء من سنة 1998، كان  القيمون على الاحتفال يختارون كل عام عنوانًا مختلفًا لقضية متعلقة بهذه الاحتياجات، حيث تتم الإضاءة عليها، والعمل خلال العام على نشر الوعي المجتمعي فيما يخصها، ودفع الحكومات إلى إقرار قوانين وسن تشريعات مرتبطة بها، بما يصبّ في مصلحة ذوي الاحتياجات الخاصة ومتطلبات عيشهم.

اقرأ/ي أيضًا: العالم بعيون قصار القامة.. تجارب حية وشهادة ذاتية

العنوان الأول الذي اعتمد في سنة 1998 كان "فن، ثقافة وحياة مستقلة"، وقد حثّ البرنامج في تلك السنة، الحكومات المتلكئة في هذا المجال، على العمل على تأمين فرص متكافئة لذوي الاحتياجات للتعبير عن أنفسهم، وضمان إتاحة الفرص للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة للاستفادة من إمكانياتهم الفكرية، الفنية، والثقافية، لإثراء المجتمع ككل.

فريق كرة سلة باراليمبي في بنغلاديش (Getty)

كذلك يشجع البرنامج الحكومات على تقديم الخدمات اللازمة لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من العيش باستقلالية قدر المستطاع، واعتماد سياسات وإنشاء هياكل تضمن لهم تكافؤ الفرص بما يؤمن لهم أعمالًا منتجة ومربحة.

وفي سنة 2019، نظم قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة فعاليات اليوم العالمي، بحضور خبراء ومختصين في شؤون ذوي الاحتياجات الخاصة من حول العالم، تحت عنوان "تعزيز مهارات المشاركة والقيادة لدى ذوي الاحتياجات الخاصة، بشأن خطة التنمية حتى عام 2030". وتركّز الموضوع يومها على تمكين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من أجل تحقيق تنمية شاملة ومنصفة ومستدامة، على النحو المتوخى في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تتعهد بعدم ترك أي شخص "يتخلّف عن الركب" وتعترف بالإعاقة بكونها قضية شاملة، يجب مراعاتها في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

وفي هذا العام، وللمرة الأولى، خصصت الأمم المتحدة أسبوعًا كاملًا للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، من 30 تشرين الثاني/نوفمبر، وحتى 4 كانون الأول/ديسمبر. وقد حملت فعاليات إحياء المناسبة هذا العام عنوان : "إعادة البناء بشكل أفضل. نحو مجتمع يشمل ويحتوي الإعاقة، في عالم ما بعد كوفيد 19".

يهدف الاحتفاء باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة بشكل أساسي، إلى تعزيز فهم المجتمع لقضايا هذه الفئة الواسعة، والتعرف على احتياجاتهم والمشاكل التي يعانون منها

ازدادت في السنوات الأخيرة نسبة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل ملحوظ. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلًا، هناك شخص واحد من بين كل أربعة أشخاص، يعاني من نوع واحد على الأقل من الإعاقات، فيما تقدر منظمة الصحة العالمية النسبة المئوية لذوي الاحتياجات الخاصة بـ15% في العالم، إذ يقدر عددهم بمليار شخص تقريبًا. أسباب الإعاقة تكون إما جينية حيث يولد الطفل وهو يعاني منها لأسباب وراثية وإما موضعية وتكون ناجمة عن حوادث أو أمراض.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "قدمي اليسرى".. الإبداع لا يقف عند حد الإعاقة

وتطال الإعاقات وظائف الجسم الأساسية، كالنظر والسمع والقدرة على المشي، كذلك تطال وظائف الدماغ فيتفرع منها أنواع كثيرة من الصعوبات في التفكير واتخاذ القرارات وما إلى ذلك. 

من المتعارف عليه أن لدى ذوي الاحتياجات الخاصة  معاناة إضافية في تحصيل دراستهم، وفي إيجاد فرص عمل. وفي معظم دول العالم، خاصة دول العالم الثالث، وسائل النقل العام والمرافق والمؤسسات غير مخصصة لتلائم وضعهم الخاص، ما يعيق حركتهم ويشلّ قدرتهم على قضاء حاجاتهم وتسيير أمورهم، وبالتالي يحد من قدرتهم على الوصول إلى تحقيق الاستقلالية، ويجعلهم بحاجة دائمة إلى مساعدة من شخص آخر. 

اتّخذت مبادرات وخطوات كثيرة في السنوات الأخيرة، وسنّـت قوانين تهدف إلى تكييف وتطويع عدد كبير من الأمور الحياتية بما يتلاءم مع وضعية ذوي الاحتياجات الخاصة. على سبيل المثال، فرضت بعض الدول طباعة أرقام بلغة البريل على الأوراق النقدية، لتتيح للمكفوفين معرفة قيمة الأوراق النقدية التي يحملونها، بدون الحاجة إلى مساعدة أحد. كذلك لجأت بعض الدول إلى فرض قوانين على الشركات توجب أن يكون لديها نسبة مئوية محددة من موظفيها من ذوي الاحتياجات. فالحكومة اللبنانية مثلًأ أصدرت قرارًا في العام 2019، نصّ على أن يكون 3% من موظفي القطاع العام من ذوي الاحتياجات الخاصة.  

تجدر الإشارة، أن سنة 2020، بما حملته من متغيرات عامة في العالم على إثر جائحة كوفيد 19 والارتباك والتغيرات التي اعترت القطاع الصحي في معظم مناطق العالم، قد اشتملت على خلق تحديات مركبة أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما انتبهت إليه الأمم المتحدة وضمنته في عنوان الفعالية لهذا العام. إذ يتم النظر إلى مثل هذا الحدث من طرف الجهات الشريكة فيه ووكالات الأمم المتحدة على أنه فرصة عمل وتغيير أكثر من كونه مجرد فعالية عابرة. وتتضح النظرة الشمولية لهذه القضية من خلال ما حددته الأمم المتحدة من جهات معنية باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة وتوسيع دائرتهم لتتضمن جميع ذوي الاحتياجات الخاصة أولًا، مهما اختلفت أعمارهم أو نوع إعاقتهم، وحتّى درجتها. إضافة إلى عائلاتهم والمجتمع المحيط بهم. كذلك الحال بالاشتمال على جميع العاملين في المجال الصحي والمؤسسات الحكومية والأهلية ووسائل الإعلام. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

ذوو الاحتياجات الخاصة.. الأكثر اضطهادًا في الجزائر

مخلفات الحرب.. آلاف المعاقين في جنوب اليمن