26-أبريل-2017

كاريكاتير أكرم رسلان/ سوريا

كنت أتابع تفاعلات الأحداث بعد قصف الطيران الأمريكي لمطار الشعيرات العسكري، الواقع في محافظة حمص والتابع للنظام السوري، حين قفز إلى عقلي هذا السؤال: ماذا لو بقي بشار الأسد في السلطة؟ ما الذي سيحدث لنا كسوريين؟ هل سيكون الوضع العام في البلاد أفضل أم أن الحياة ستكون أسوأ؟ وهل هناك أسوأ مما نحن فيه الآن؟

ماذا لو بقي بشار الأسد في السلطة؟ ما الذي سيحدث لنا كسوريين؟

من جملة ما تخيلت هو زمن الحصار الاقتصادي لسوريا حين كان حافظ الأسد يمسك البلاد بقبضة من حديد. لا علاقات خارجية، لا استيراد ولا تصدير. سيحرم أطفال الجيل الجديد من أكل الموز مثلما كنّا محرومين منه حين كنّا أطفالًا، فقط أولاد الأغنياء والمهربين سوف يستمتعون بأكل الموز.

اقرأ/ي أيضًا: الشرق الأوسط: مأساة العرب

سترى الناس يقفون في طوابير المؤسسة العامة الاستهلاكية الطويلة طوال النهار، مثلما كنت أفعل صغيرًا مرافقًا جدتي من أجل الحصول على الرز والسكر والسمن والحليب، وستكون كوبونات المؤسسة أهم ما تملكه العائلة. سيكون هناك سجناء سياسيون ومنفيون ومهجرون، أكثر بكثير مما كان عليه الوضع سابقًا، لكن لن يجرؤ أحد عن الحديث عنهم. ستزداد الاعتقالات وسنرى الشبيحة بشكل أكبر.

في سوريا الأسد المستقبلية سنرى صور الأسد أكثر، ففي ملعب كرة القدم لن يكتفوا بصورة واحدة كبيرة بل سيكون السور كله عبارة عن صور فسيفسائية لعائلة الأسد. سيضعون صورة بشار في محراب الجامع ليصلي الناس لها. في الدوائر الرسمية والمدارس سيزيدون عدد الصور مرتين. سيكون جدار البنك المركزي هو صورة عملاقة لبشار الأسد يحتضن ابنه، رئيس المستقبل.

عدد المسيرات الرسمية المنادية بأبدية القائد وخلوده سيزداد بشكل لافت، لن يكتفوا بالمناسبات السابقة كذكرى الحركة التصحيحية وذكرى ميلاد حزب البعث، ستكون هناك مناسبات جديدة؛ ذكرى مجزرة كرم الزيتون، ذكرى تهجير داريا، ذكرى تدمير حلب، ذكرى مجزرة دير الزور… الخ. سيكون هناك مسيرات كل يوم تقريبًا طوال السنة.

سينتشر شبيحة النظام مع سلاحهم في كل مكان ولن يكتفوا بالترهيب الكلامي فقط بل إن الأمر سوف يتجاوز ذلك ويصبح قتل كل من يبدي ولو اعتراضًا صغيرًا على تصرف عابر حدثًا عرضيًّا.

سوف تضاف مواد أخرى إلى المناهج المدرسية ولن يكتفوا بمادة تربية قومية واحدة، سيكون هناك مادة اسمها ثقافة الدولة الأسدية. سترتفع أسوار المدارس أكثر مما هي مرتفعة الآن وسوف تضاف إليها أسلاك شائكة كهربائية كي تصبح شبيهة بالسجن أكثر. على كل حال ستكون المدارس في أحياء الأغنياء فقط فالفقراء ليسوا بحاجة إلى تعليم.

سينتشر شبيحة النظام مع سلاحهم في كل مكان ولن يكتفوا بالترهيب الكلامي فقط

الطبقة الوسطى ستختفي تمامًا. طبقة غنية جدًا تعيش في بيوت فخمة في أحياء مسوّرة وطبقة مسحوقة لا شوارع ولا كهرباء ولا ماء في أحيائها. لن يكون هناك شبكة مواصلات، فقط سيارات الأثرياء.

اقرأ/ي أيضًا: حول فكرة "المكونات" في مبادرات المعارضة السورية

ستختفي الحفلات الموسيقية والمسرحيات من الحياة العامة باستثناء تلك التي تمجد القائد والمنتصر على الأعداء. وسيكون التصفيق بحرارة عالية وبنغمة يحددها القائد هو النشيد الوطني لهذه البلاد. وستتغير اسم البلاد من الجمهورية العربية السورية إلى الجمهورية الأسدية السورية الاشتراكية المتحدة.

سوف يلغى العمل بالدستور وسوف يُحل مجلس الشعب. القانون السائد سيكون العمل بأقوال بشار الأسد. سوف يمنع السفر من وإلى سوريا إلا بمرافقة مخابراتية. كل شخص يرافقه عنصران من المخابرات على الأقل. سوريا سوف تسبق كوريا الشمالية في الانغلاق.

قد يكون الكلام السابق مبالغة، لكن الوضع الحالي ليس أسوأ من هذا بكثير والأمور تتجه في هذا النحو. بشار الأسد يدمر هذه البلاد ويدمر شعبها وثقافتها ومستقبلها، وهو استمرار لما فعله والده من قبله وسيستمر في فعل ذلك ما دام يجلس على كرسيه في قصره ويضحك ضحكته البلهاء.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قاق... قاق... قاق

تونس وسوريا.. نهاية الثورة واستعادتها