10-فبراير-2018

نتائج حرب ضد كوريا الشمالية، ستكون أسوأ بكثير مما نتخيل (Vox)

"إن احتمالية اندلاع حرب جديدة في شبه الجزيرة الكورية، أكبر مما نظن، ونتائجها ستكون أسوأ بكثير مما نتخيل"، أو هذا ما توصل إليه يوشي دريزن في مقاله المطول بموقع "Vox "، بعد أن قضى شهرًا كاملًا يبحث مع أكثر من عشرة خبراء حول خيار الحرب مع كوريا الشمالية، من هؤلاء الخبراء مسؤولين سابقين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، ومحللين من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، وضباط عسكريين أمريكيين، وخبراء في إستراتيجيين، وكذلك جنرال متقاعد من كوريا الجنوبية قضى حياته المهنية بأكملها في التحضير للقتال مع جارتهم الشمالية.

يقدر خبراء عسكريون واستخباراتيون أنه لو قامت حرب مع كوريا الشمالية فإنها ستستخدم النووي ضد جارتها الجنوبية في بداية الحرب

يقول يوشي إن معظم الناس الذين تحدث إليهم، قالوا له "إنهم يعتقدون أن كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، سيستخدم القنبلة النووية ضد كوريا الجنوبية في المراحل الأولى من القتال، وليس كملاذ أخير يائس"، كما أكدوا له أنه في حال وقوع هذه الحرب سيموت الملايين في العاصمة الكورية الجنوبية سيول، خاصة وأن الجيش الكوري الشمالي يملك عددا هائلا من قاذفات الصواريخ وقذائف المدفعية في نطاق العاصمة الجنوبية، دون الحاجة إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل.

اقرأ/ي أيضًا: هل سنشهد في 2018 حربًا نووية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة؟

كوريا الشمالية ليست العراق

لطالما كان التوتر في شبه الجزيرة الكورية سائدًا، جراء خرجات الرجل المتهور كيم جونغ المفعمة بالتهديد والإبادة، في المقابل، حرصت الولايات المتحدة في أغلب الفترات على نهج أكثر عقلانية في ردودها على كوريا الشمالية، وباللجوء للحصار السياسي والاقتصادي.

لكن وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض، ازدادت بسببه حدة التوتر في الفترة الأخيرة، لحدٍّ وصل إلى  تبادل التهديدات بين قائدي البلدين باستعمال الأزرار النووية.

كوريا الشمالية ليست العراق وكيم جونغ أون ليس صدام حسين (أسوشيتد برس)
كوريا الشمالية ليست العراق وكيم جونغ أون ليس صدام حسين (أسوشيتد برس)

دفع ذلك بالسيناتور أنجوس كينج، إلى التصريح في جلسة استماع عقدتها لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ بأيلول/سبتمبر الماضي، قائلًا: "لقد شعرت بأننا في عام 1914 وعثرنا على ساراييفو"، في إشارة منه إلى حادثة اغتيال الأرشيدوق النمساوي، وهي الشرارة التي أشعلت الحرب العالمية الأولى ، مضيفًا السيناتور: "ما يقلقني ليس مواجهات نووية لحظية، بل تصعيد عرضي على أساس المزايدات الخطابية التي تحدث ذهابًا وإيابًا".

"هذا لن يكون مثل تجربة العراق، إن الجيش الكوري الشمالي مدرب جدًا وله عقيدة ولاء عمياء لكيم، فضلًا عن أنه يملك أسلحة مدمرة"، يقول ميشيل فلورنوي، المسؤول الثالث في البنتاغون إبان إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. 

فربما تقبل الشعب الأمريكي الحرب على العراق بناءً على سيناريوهات وردية، حتى وإن لم يكن مستعدًا لها ولم يفهمها، طالما أن لهيبها كان بعيدًا عنه بآلاف الكيلومترات، لكن الحرب مع كوريا الشمالية تنطوي على مخاطر جمة وتضحيات كبيرة حتى لو انتهت بالانتصار، هذا ما يجعل بعض المراقبين يدعون الإدارة الأمريكية إلى نقاش واقعي يقدر المخاطر، بعيدًا عن روح المجازفة المتحمسة، أو بالأحرى المتهورة.

النووي.. احتمال وارد جدًا

تنظر إدارة ترامب، مثل سابقاتها، إلى البرنامج النووي لكوريا الشمالية كأمر غير مقبول بتاتًا، وأن بيونغ يانغ يجب أن تتخلى عن جميع أسلحتها النووية، بينما كيم جونغ يُصر على مضيّه في تطوير ترسانته النووية والباليستية بلا هوادة، وإذا ذهبت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إلى الحرب مع كوريا الشمالية، فإن هدفهما الإستراتيجي الرئيسي، هو التقاط، أو تدمير كل المواقع النووية في بيونغ يانغ، فضلًا عن القواعد التي تضم صواريخها بعيدة المدى.

لكن تدمير ترسانة كيم النووية سيتطلب غزوًا أرضيا بالضرورة، وبطريقة سريعة وفورية، حيث يحتاج، حسب الخبراء العسكريين، إلى أعداد من الجنود تفوق تلك التي شاركت في غزو العراق أو أفغانستان، أي على الأقل 200 ألف جندي، بالإضافة إلى ألفي طائرة حربية وطائرات أخرى لكوريا الجنوبية، وذلك لشن هجوم واسع مباغت على الشمال.

غزو كوريا الشمالية سيحتاج لـ200 ألف جندي على الأقل
غزو كوريا الشمالية سيحتاج لـ200 ألف جندي على الأقل 

ولأن القوات البرية الأمريكية مدربة ومجهزة بشكل أفضل من القوات الكورية الشمالية، أو هكذا يُتوقّع، إلى جانب طائرات الشبح المتفوقة على الطائرات السوفيتية التقليدية، فإن الهجوم الأمريكي سيبادر بضربة قوية لصفوف القوات الشمالية، التي يُرجّح أنها ستلجأ، في محاولة منها لموازنة الكفة، إلى استخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية، من خلال المسارعة إلى إطلاق عشرات الآلاف من القذائف المعبأة بالمواد السامة صوب سيول والقواعد الأمريكية المحيطة بكوريا الجنوبية، قبل أن تلتقط طائرات الشبح منصات الإطلاق، وهو ما سيتسبب في قتل الملايين من النساء والأطفال والجنود في شوارع سيول.

بالإضافة إلى الغارات الجوية والقصف الصاروخي الدقيق، يستلزم تدمير الترسانة النووية لكوريا الشمالية، 200 ألف جندي على الأقل

لكن من المتوقع أن القواعد الأمريكية لن تتأثر كثيرًا، بالنظر إلى أن الجنود الأمريكيين هناك مجهزين بأقنعة واقية من الغاز، ومعدات وقاية أخرى، ومدربين على القتال في ظروف حرب كيميائية أو بيولوجية. لكن مع ذلك لا يخفي العسكريون الأمريكيون، أنه من المحتمل جدًا، أن تتسبب موجات القصف الكيماوي بحالة من الذعر والفوضى وسط القواعد التي تضم الطائرات الحربية والقاذفات الاستراتيجية، ما قد يقلل من فعالية هذا التفوق الجوي الكبير الذي تملكه القوات الأمريكية.

اقرأ/ي أيضًا: أمريكا تفوز في حربها مع كوريا الشمالية.. لو تجاهلت روسيا الأمر

ويُعول على طائرات الشبح، في حال نشوب أي نزاع مع كوريا الشمالية،  لضرب منشآت كيم النووية والقواعد العسكرية ومخابئ الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وأنظمة الرادار، ومصفوفات الدفاع الصاروخي، وخصوصًا خلال المراحل الأولى للصراع. بعد ذلك من المرجح أن واشنطن ستتجه إلى محاولة تصفية القادة السياسيين والعسكريين الكبار بكوريا الشمالية وعلى رأسهم كيم بالطبع، في عملية تسميها بخطة "قطع الرأس".

 لكن ما يخشاه الخبراء الأمريكيون هو كابوس الأسلحة البيولوجية، التي لا تتطلب تكنولوجيا متطورة أو جهود كبيرة لنشرها، فقط يكفي لحفنة من القوات الخاصة الكورية الشمالية، أن تتسلل إلى سيول، وبحوزتها حقائب ظهر معبأة بالميكروبات الخبيثة لتنشرها في الهواء أو قنوات المياه، قبل أن تسمم مئات الآلاف المدنيين الجنوبيين، أما بالنسبة للجنود الأمريكيين فهم يتلقون تلقيحات ضد هذا النوع من الأسلحة.

قد يتجه كيم جونغ أون للسلام

يكمن الخطر الأكبر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية بخصوص الحرب مع كوريا الشمالية، في احتمالية وصول صواريخ كيم النووية إلى الأراضي الأمريكية، خاصة بعدما امتلك الجيل الجديد من صواريخ بعيدة المدى، بجانب احتمالية تورط الصين في هذه الحرب، ما يجعل واشنطن تفكر مليًا في إمكانية المخاطرة أو عدمها لمجرد الدفاع عن كوريا الجنوبية من هجوم كوري شمالي.

أمّا الخبر السار، فهو أن بعض الخبراء لا يعتقدون أن الحرب حتمية، أو حتى محتملة، مثل جونغ باك، المحلل السابق لكوريا الشمالية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والذي يرى أن كيم جونغ أون هو زعيم عقلاني، على عكس الصورة النمطية عنه، فهو قد استطاع الوصول إلى السلطة والحفاظ عليها طوال هذه السنوات دون أن يسقط في الحافة، رغم الأسباب الداخلية المشجعة على الانقلاب والضغوط الخارجية.

وافقت كوريا الشمالية على دخول فريقها الرياضي مع فريق كوريا الجنوبية، تحت علم واحد، في مراسم افتتاح الألعاب الأولمبية هذا العام

وعلى كل، يظهر مؤخرًا أن كوريا الشمالية بدأت تبدي بعض الودية نحو جارتها الجنوبية، التي ما فتئت تطلبها للحوار والسلام، حتى أن كوريا الشمالية أعلنت عن قبولها دخول فريقها الرياضي مع فريق شقيقتها الجنوبية تحت علم واحد ضمن مراسم الافتتاح لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية لهذا العام، وهي بادرة اعتبرها البعض علامة على استعداد كوريا الشمالية للدخول في محادثات سلام مع كوريا الجنوبية لنزع فتيل الحرب في شبه الجزيرة الكورية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تفاصيل خطة الحكومة الأمريكية السرية للنجاة من نهاية العالم "النووية"

إنفوغراف: ما حقيقة الميزان العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية؟