22-يونيو-2019

تتضارب الاستطلاعات حول نتائج الانتخابات الموريتانية (Getty)

بدءًا من اليوم السبت، الـ22 من حزيران/يونيو الجاري، تنطلق انتخابات الرئاسة الموريتانية، التي من المتوقع أن تشهد انتقال السلطة لأول مرة من رئيس منتخب إلى رئيس آخر منتخب، الأمر الذي يُعدُّ مكسبًا للديمقراطية الموريتانية الناشئة. لكنّ حالة التفاؤل الديمقراطي هذه تُعكّر صفوها مجموعة من المكدّرات في ظل حديث البعض عن وجود إرادة حقيقية من النظام للتزوير وفرض فوز مرشّحٍ بعينه هو ولد الغزواني، حتى ولو تطلّب الأمر العودة بالبلاد لمربع الانقلابات العسكرية التي كان آخرها انقلاب السادس من آب/أغسطس 2008 الذي أطاح بأول تجربة انتقال ديمقراطي وبأول رئيس مدني منتخب هو  سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.

من المستبعد حصول أحد المرشحين في موريتانيا على الأغلبية المطلقة (50%+1). وهو ما يعني الذهاب إلى شوط ثان بين ولد الغزواني وولد بوبكر. وقد رجّحت الاستطلاعات الذهاب إلى جولة ثانية بنسبة 45.5% 

اقرأ/ي أيضًا: موريتانيا بين جنرالين

وإن كان الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز في آخر مؤتمر صحفي عقده الخميس قد أكّد من جديد على جملة من الأمور أهمها: احترام الدستور الذي يُجرّم الانقلابات، وحياد الدولة تجاه المرشحين، وذلك على الرغم من دعمه هو الشخصي لوزير دفاعه ولد الغزواني الذي وصفه أثناء المؤتمر الصحفي بالرفيق والشريك، مؤكدًا أن هذا الدعم لا يتنافى مع الديمقراطية، التي اعتبر ترسيخها أولوية بالنسبة له ولمشروعه الذي قاده منذ انقلاب الثالث من آب/أغسطس 2005 على الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.

استطلاعات الرأي الأخيرة تُعزّز حالة اللايقين السياسي من الفوز والحسم سواء لمرشح النظام أو مرشحي المعارضة الأوفر حظًا، وذلك ما تسنده أيضًا معطيات الحملة الانتخابية من حيث القدرة شبه المتكافئة على الحشد الجماهيري. وبالرغم من أن حالة اللايقين السياسي من الفوز تعتبر حالة إيجابية بالنسبة لأي ديمقراطية حقيقية إلا أنها في الوضعية الموريتانية تعتبر مؤشرًا على انفتاح المشهد السياسي على احتمالات تتساوى فيها فرص النكوص والنهوض.

الحسم سيتأجّل لشوط ثان

أجرى المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية استطلاعًا للرأي أُعلنت نتائجه في السادس عشر من حزيران/يونيو الجاري، وهو ربما الاستطلاع الوحيد الذي توافرت فيه أبسط المواصفات العلمية لاستطلاعات الرأي، حيث استخدم طريقة "العينة القصدية في اختيار مواقع الاستطلاع للوصول لعينة تمثيلية لمجتمع الناخبين المستطلع"، وإن كان قد اقتصر على العاصمة نواكشوط لوحدها دون بقية الولايات الأخرى، وقد انطلق هذا الاستطلاع قبل أربعة أسابيع، واستهدف معرفة من سيُصوت له المواطنون وأسباب التصويت والدعم؟

87% من المشاركين في استطلاع المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية عبّروا عن نيتهم المشاركة في الانتخابات والتصويت، في مقابل 4% فقط عبروا عن عدم مشاركتهم. وبالتطرق إلى النتائج الأهم في هذا الاستطلاع فقد حظي مرشح النظام أو مرشح استمرار النهج كما يصفه بعض أنصاره محمد ولد الغزواني بأصوات 29.5% من المستطلعين، وتحصّل أقرب منافس له وهو سيدي محمد ولد بوبكر على 23% من أصوات المستطلعين أي بفارق 6% تقريبًا، فيما حلّ المترشح بيرام ولد الداه ثالثًا بنسبة 9.5% والمترشح محمد ولد مولود رابعًا بنسبة 3.7%، وتقاسم المترشحان كان حاميدو بابا ومحمد الأمين ولد الوافي المرتبة الأخيرة في الاستطلاع بنسبة 2.6% و 2.1%.

بحسب نتائج هذا الاستطلاع فمن المستبعد حصول أحد المرشحين على الأغلبية المطلقة (50%+1). وهو ما يعني الذهاب إلى شوط ثان بين المترشِّحَين ولد الغزواني وولد بوبكر. وقد رجّحت العينة المستطلعة الذهاب إلى جولة ثانية بنسبة 45.5% مقابل 30.2% قالوا بأن حسم الانتخابات سيكون من الجولة الأولى.

في الجولة الثانية من المتوقع أن تتعقّد الأمور أكثر، فقد ركّز الاستبيان على استطلاع آراء المُصوّتين لغير ولد الغزواني وولد بوبكر وذلك لمعرفة من الأوفر حظًا منهما في الحصول على تأييد جمهور باقي المترشحين الذين سيغادرون السباق الرئاسي من جولته الأولى.

توحي نتائج استطلاع مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية بأن الجولة الثانية قد تتمخّض عن مفاجأة قوية بفوز مرشح المعارضة شريطة أن لا يتكرّر سيناريو قيام بعض أحزاب المعارضة في العام 2007 بدعم مرشح النظام على حساب مرشح المعارضة في انتخابات الجولة الثانية التي جمعت أحمد ولد دادّاه وسيدي محمد ولد الشيخ عبد الله مرشّح المجلس العسكري إذ ذاك. وكانت نتائجهما حينها متقاربة مع النتائج التي أعلن عنها استطلاع المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، فقد حصل ولد الشيخ عبد الله على 24.79% بينما تحصل مرشح المعارضة ولد دادّاه على 20.68% في الجولة الأولى.

غير بعيد عن هذا الاستطلاع قامت وكالة الأخبار الموريتانية، وهي أول وكالة أنباء موريتانية مستقلة وتحظى بمتابعة ومصداقية كبيرة، باستطلاع رأي آخر شارك فيه أكثر من 11 ألف شخص عبر موقعها الإلكتروني. بخلاف استطلاع المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي تصدر فيه ولد الغزواني المترشحين الستة فإن ولد بوبكر يتصدّر استطلاع وكالة الأخبار بنسبة 53.34%، يليه ولد الغزواني بنسبة 33.74% وولد مولود بنسبة 5.87% ثم بيرام ولد الداه بنسبة 5.55%.

اقرأ/ي أيضًا: فوضى أحزاب موريتانيا.. تعددية غير ديمقراطية

على الرغم من عدد المشاركين في استطلاع وكالة الأخبار، إلا أنه استطلاع عُني فقط بجمهور المستخدمين للإنتنرت، وهو جمهور قليل جدًا بالنظر إلى الانتشار المحدود للإنترنت في موريتانيا وبين الشرائح الاجتماعية المختلفة.

87% من المشاركين في استطلاع المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية عبّروا عن نيتهم المشاركة في الانتخابات والتصويت، في مقابل 4% فقط عبروا عن عدم مشاركتهم

يبدو أن مهمة المترشحين في الوصول إلى كرسي الرئاسة لن تكون مهمة سهلة بالنظر إلى حالة تشتت جمهور الناخبين بين المترشحين  فهل نشهد تحقيق مفاجآت في انتخابات الرئاسة الموريتانية؟ وهل تنتقل الديمقراطية الموريتانية من وضع الديمقراطية الهشة إلى وضع الديمقراطية شبه الراسخة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

انتخابات 2018.. رهان موريتانيا على مصيرها

 موريتانيا..وعي حقوقي شبابي متصاعد