05-أكتوبر-2018

نادية المراد، العراقية الحائزة على نوبل للسلام لعام 2018 (أسوشيتد برس)

في 2014، ربما لم تكن تعلم الشابة العراقية الأيزيدية نادية مراد، البالغة من العمر 21 عامًا، وهي مستعبدة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية -داعش، أنها بعد أربع سنوات ستحصل على النجومية، وسيكون اسمها متداولًا في كل العالم. كان خيار الذبح أو الموت ماثلًا أمامها، كما هم أبناء نينوى الذين ذبحوا أو دفنوا تحت الأنقاض ولم يعرف العالم قصصهم المرعبة حتى الآن.

أعلنت الأكاديمية السويدية فوز كل من العراقية الأيزيدية نادية مراد والطبيب الكونغولي دينيس موكويغي بجائزة نوبل للسلام

تلقى العراقيون، اليوم، الخامس من تشرين الأول/أكتوبر، خبر حصول نادية مراد على جائزة نوبل للسلام بفرح غامر، مفتخرين بحادثة، جذرها يعود إلى كارثة إنسانية يشيب لها الولدان: سبي الأيزيديات، وقتل رجالهن وأبنائهن. كان ما تعرض له الأيزيديين ضمن الحوادث التي تجهز على الهوية العراقية لتضربها وتحطم ما تبقى منها في عراق ما بعد الاحتلال الأمريكي.

اقرأ/ي أيضًا: نوبل للسلام لـ"آيكان".. القضاء على السلاح النووي طوق نجاة الجائزة الدولية

اللجنة المعنية نوبل للسلام، أعلنت كذلك، من العاصمة النرويجية أوسلو، فوز الطبيب النسائي الكونغولي، دينيس موكويغي، على جائزة نوبل للسلام لجهوده في معالجة النساء من ضحايا الاغتصاب في جمهورية الكونغو.

ولموكويغي مستشفى باسم "بانزي" في مدينة بوكافو، يستقبل آلاف النساء منذ افتتاحه في نهاية التسعينات من القرن الماضي، يعالجهن ويحاول أن يخلصهن من آثار العنف الجسدي والنفسي، ما جعله يتعرض لمحاولة اغتيال في 2012 أجبرته على الخروج من بلاده سريعًا.

ولسبب قريب، كان حصول نادية مراد على الجائزة، التي قالت اللجنة المنظمة، إن "نادية بذلت جهودًا جبارة من أجل وضع حد لاستخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب".

تنتمي نادية مراد إلى قرية نائية في الموصل شمال العراق، في قضاء سنجار، المنطقة التي يسكنها المكوّن الأيزيدي. كانت تحلم في أن تكون معلّمة، لكن حلمها تبدّد تمامًا حين دخل تنظيم داعش إلى الموصل، ليجعلها في لون واحد، ومن لم يتبع تنظيم داعش في العلن سيقتل بأساليب مروعة.

الطبيب الكونغولي دينيس موكويغي
الطبيب الكونغولي دينيس موكويغي

طرد المسيحيون من مدينتهم التاريخية التي سكنوها قبل آلاف السنين، كما هم الأيزيديون، الذين مروا بمعاناة "لا تستطيع اللغة وصفها" كما قال أحدهم بعدما هرب من داعش بمعجزة قبل سنوات.

أخذ تنظيم داعش نادية مراد كجارية، وقتل عناصره أهلها جميعًا في قضاء سنجار، وتعرضت للاغتصاب أكثر من مرة، وصل الأمر إلى تعرضها للاغتصاب الجماعي. "في حكم داعش المرأة التي تتعرض للسبي تتحوّل إلى غنيمة"، تقول نادية مراد في تصريحات صحفية، مضيفة: "وبمجرد محاولتها الهروب، فإنها تحبس في غرفة منفردة ليغتصبها الرجال الموجودون في المبنى" وقد أشارت لتعرضها للاغتصاب الجماعي.

ولفتت نادية إلى أنها "استُقدمت إلى مناطق عدة، وباعها مسلحو التنظيم لأشخاص كُثُر". لكن إصرارها على الخلاص من وطأة التنظيم مكنها من الهرب بعد ثلاثة أشهر من مدة سبيها، لتنقل معاناتها وإلى ماذا تعرضت في كتاب اسمته "الفتاة الأخيرة: قصتي تحت الأسر وحربي ضد داعش".

بعد أن حصلت مراد على الحرية من قبضة داعش، رحلت لألمانيا عسى أن تعالج من الأذى الجسدي والنفسي جراء وجودها في الأسر، لتظهر بعدها إلى العالم من خلال وسائل الإعلام المرئية وغير المرئية، كما تحدثت مراد عن قصتها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعلى إثر ذلك، تم عُيّنت سفيرة للنوايا الحسنة.

مثلت زيارة نادية مراد إلى إسرائيل صدمة للمتعاطفين معها، خاصة في العراق الذي لا يلقى التطبيع فيه قبولًا شعبيًا

بعد نكبتها قامت نادية مراد بزيارة دول عدة. حتى جاءت محطة صادمة لجمهور متعاطفيها، بزيارتها إسرائيل في تموز/يوليو 2017 للمشاركة في مؤتمر أقيم بالكنيست الإسرائيلي. أحدثت هذه الزيارة جدلًا واسعًا، وتعرضت على إثرها للعديد من الانتقادات من العراقيين والعرب. وبررت هي الزيارة بأنها "من ضمنت واجباتي التي تحتم علي زيارة عدد من الدول"! إذ رأى منتقدوها آنذاك، ان إسرائيل لا تختلف عن داعش في قيامها وتأسيسها وسياساتها ضد فلسطين. 

على كل كان فوز مراد بنوبل للسلام، بالنسبة لعديد العراقيين أملًا في تسليط مزيدٍ من الضوء على معاناتهم المستمرة منذ نحو 15 عامًا. لكن آخرين في المقابل يُجزمون بأن نادية ستركز على قضية مكونها، خاصة من النساء اللواتي تعرضن إلى أبشع حالات الاغتصاب في القرن الحديث، بعضهن ما زلن مفقودات، وبعضهن ذبحن ولم يدري بهن أحد إلى اللحظة.

الأيزيديون اليوم توزعوا في المنافي، بعدما كانوا في سنجار، غرب محافظة نينوى العراقية، مدينتهم التاريخية، لتكون ضربة قاسية على التنوع العراقي الذي لا تكاد الأزمات بآثارها السياسية تتركه ليعيد تماسكه وعافيته بعد آثار الاستبداد والاستعمار الأمريكي في 2003.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عندما يكون الصمت "شريكًا"

نوبل للسلام وودّ النظام للإرهاب