09-أغسطس-2017

قادة ثلاثة فصائل شيشانية أعلنوا الحياد في الاقتتال بين تحرير الشام وأحرار الشام (يوتيوب)

أعلنت ثلاثة فصائل شيشانية نهاية الأسبوع الماضي وقوفها على الحياد في المعارك الدائرة شمال سوريا بين حركة أحرار الشام من جهة، وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، والتي قامت خلالها الأخيرة ببسط سيطرتها على مدينة إدلب، وأغلب بلدات ومدن الريف باستثناء ريف إدلب الجنوبي الذي بقي خاضعًا لسيطرة أحرار الشام. ويأتي هذا الإعلان لينصب في قرارات مشابهة لمعظم الفصائل المتواجدة شمالي سوريا.

الفصائل الشيشانية تنأى بنفسها عن الاقتتال الداخلي

في تسجيل مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدث قادة ثلاثة فصائل شيشانية بشكل تراتبي، عبد الحكيم الشيشاني أمير تنظيم "أجناد القوقاز"، مسلم الشيشاني أمير تنظيم "جنود الشام"، وصلاح الدين الشيشاني أمير تنظيم "جيش العسر"، مؤكدين التزامهم الحياد في الاقتتال الذي يشهده الشمال السوري، إذ قال عبد الحكيم الشيشاني إن تواجدهم في سوريا يأتي بهدف "مساعدة المسلمين أهلنا في الشام" عن طريق المشاركة في المعارك ضد قوات الأسد، أو بتقديم التدريبات العسكرية لمقاتلي الفصائل المقاتلة للنظام السوري، أما فيما يخص "المشاكل الداخلية فنحن إلى الآن لم ولن نتدخل"، حسبا قال.

أكّدت ثلاث فصائل شيشانية نأيها بنفسها عن الاقتتال بين أحرار الشام وتحرير الشام وتأكيدها على أن هدفها قتال النظام السوري

أما مسلم الشيشاني فأكد على أنهم منذ خروج تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وقعت "بعض الفتن"، لكنهم لم يتدخلوا فيها أبدًا، مشيرًا إلى أنه خلال الاقتتال الأخير تردد حديث عن مشاركتهم في المعارك، وهو ما شدد على نفيه، مُؤكدًا أنهم لن يكونوا طرفًا في أي "مشاكل أو فتن داخلية مثل رفع جماعة معينة وإسقاط أخرى أو غير ذلك"، داعيًا الجميع لعدم الالتفات للإشاعات المرتبطة بمشاركتهم في الاقتتال الأخير. 

اقرأ/ي أيضًا: "تحرير الشام" على خطى جبهة النصرة في حربها ضد الجميع بسوريا

 ويبدو أن كلمة قادة الفصائل الشيشانية جاءت بعد ما تداوله نشطاء عن مشاركة الحزب الإسلامي التركستاني إلى جانب هيئة تحرير الشام في معاركها الأخيرة ضد أحرار الشام شمال سوريا، حيثُ قامت تحرير الشام منتصف الشهر الماضي بتسليم مقراتها لعناصر الحزب التركستاني في مدينة جسر الشغور غربي إدلب. هذا ويتواجد عناصر التركستاني في ريف إدلب الغربي، إضافًة للبلدات القريبة من الحدود السورية مع تركيا في ريف إدلب.

ووفقًا لما تحدث عنه عدد من المهتمين بالجماعات الجهادية في سوريا على تويتر، قد قامت عناصر الحزب التركستاني بالاستيلاء على أجهزة الاتصال في تلة "برج الديموس" بريف اللاذقية الشمالي التابعة لحركة أحرار الشام، وبدا واضحًا الانقسام الذي يشهده الحزب بين تيارين الأول مناصر لتحرير الشام الذي تقوده جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، أما الثاني فيوصف بالاعتدال نظرًا لما يؤكد عليه من أنه "جاء لمناصرة كافة السوريين"، لذلك لم يكن غريبًا مؤازرة العناصر الموالية لفتح الشام حملة تحرير الشام ضد حركة أحرار الشام.

كيف وصلت الفصائل الشيشانية إلى سوريا؟

اعتبارًا من نهاية كانون الثاني/يناير 2012، عندما أعلنت جبهة النصرة عن تواجدها رسميًا في سوريا لتبدأ معها طلائع المقاتلين القوقازيين والشيشانيين والأوروبيين المتشددين بالظهور ضمن عدد من الكتائب الجهادية، إلى أن أعلنت النصرة في نيسان/أبريل 2013 مبايعتها أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، حينها بدأت فصائل المقاتلين غير السوريين أو المهاجرين، بالظهور بشكل لافت في المعارك التي كانت تخوضها فصائل المعارضة بشكل عام ضد قوات الأسد والمليشيات المحلية في تلك الفترة.

وخلال الفترة التي رافقت ظهور النصرة بشكل قوي عسكريًا شمال سوريا، بدأت تبرز العديد من الأسماء المقربة من تنظيم القاعدة، مثل أبوعمر الشيشاني مؤسس جيش "المهاجرين والأنصار" الذي انشق مع 800 مقاتل معلنًا البيعة لتنظيم داعش عام 2014. ويعتبر الشيشاني وزير حرب التنظيم المتشدد، من أبرز مهندسي معارك داعش، وساعده في إحكام السيطرة على مناطقه في شمال شرق سوريا، حيث برز اسمه لأول مرة بشكل لافت بعد معركة السيطرة على مطار "منغ" العسكري بريف حلب في آب/أغسطس 2013، قبل أن يقتل بغارة للتحالف الدولي في الموصل العراقية العام الماضي.

كذلك كان من أهم الأسماء التي قدمت إلى سوريا الكويتي محسن الفضلي، قائد تنظيم "خراسان" المنشق عن جبهة النصرة، والذي قُتل بغارة جوية أمريكية في ريف إدلب في أيلول/سبتمبر  2014. وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير سابق لها، إن الفضلي كان من الأشخاص المقربين من مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وقد جاء إلى سوريا بناءً على أوامر من أيمن الظواهري بهدف التخطيط لشن هجمات في أوروبا والولايات المتحدة.

بشكل عام دعم المقاتلون غير السوريين، فصائل المعارضة بخبراتهم القتالية التي اكتسبوها خلال معاركهم في الشيشان وأفغانستان 

ويبقى اللافت في أمر هذا التنظيم أن المعلومات الواردة حوله ضئيلة جدًا، ولا توجد أي تفاصيل ترتبط بمكان تواجده في ريف إدلب، ومن المرجح أن تكون ضربات التحالف التي وجهها مطلع العام الجاري، استهدفت عددًا من قياديه لم يُكشف عن مقتلهم بعد.

اقرأ/ي أيضًا: شبيحة الأسد.. تعرف على أبرز المليشيات الأجنبية المقاتلة مع النظام السوري (3-3)

واستطاع المقاتلون غير السوريين عمومًا، غداة وصولهم إلى شمال سوريا، أن يدعموا الفصائل المقاتلة ضد النظام السوري بشكل عام بخبراتهم القتالية التي اكتسبوها في معاركهم مع تنظيم القاعدة في الشيشان وأفغانستان، ما ظهر واضحًا في المعارك التي أفضت لسيطرة تحالف "جيش الفتح" بين فصائل إسلامية متشددة، وأخرى منضوية ضمن تشكيلات الجيش السوري الحر، على كامل محافظة إدلب عام 2015، حيثُ وقتها برز دور الحزب التركستاني واضحًا في معركة السيطرة على مدينة "جسر الشغور" بريف إدلب في نفس العام أيضًا، غير أنه يبقى العامل الأهم في وصولهم، سيطرة فصائل مقاتلة ضد النظام السوري على المعابر الحدودية شمال سوريا، والأهم من ذلك استعانة رئيس النظام السوري بشار الأسد بمقاتلين من حزب الله اللبناني، ولاحقًا المليشيات الأجنبية التي أشرفت إيران على تمويلها بشكل مباشر.

أبرز التنظيمات القوقازية المقاتلة في سوريا

لا توجد تقارير واضحة تتحدث عن تعداد الفصائل غير السورية المقاتلة للنظام السوري، نظرًا لأن معظم الفصائل الصغيرة اختارت بعد تصاعد قوة تنظيم داعش مبايعته، فيما ارتأت أخرى أن تنضم لجبهة النصرة، أما باقي الفصائل فقد التزمت الحياد في الاقتتال بين بعض الفصائل الجهادية، وهي ليست الوحيدة بين التنظيمات غير السورية التي يبرز من بينها السنغالي الفرنسي عمر أومسن، قائد "الكتيبة الفرنسية" التابعة لتنظيم القاعدة، وهو متواجد في سوريا منذ عام 2013، ويقوم بالعديد من الأنشطة بينها الإشراف على تجنيد المقاتلين من فرنسا وشمال أفريقيا.

1. جيش "المهاجرين والأنصار"

أُعلن مطلع عام 2013، عن تشكيل كتيبة "المهاجرين والأنصار" في شمال سوريا بقيادة أبي عمر الشيشاني. وضمت في صفوفها المقاتلين القادمين من منطقة القوقاز. وكان غالبية مقاتليها من الجنسية الشيشانية. وفي نهاية نفس العام أُعلن عن اندماج أربعة فصائل جهادية متشددة على الأقل، ضمن تشكيل جيش "المهاجرين والأنصار" الذي ضم مقاتلين من القوقاز وأوزبكستان، وخلال هذه الفترة اشترك الجيش في معظم المعارك بريف حلب واللاذقية، وكان له دور بارز في السيطرة على عدد من مواقع النظام، وكان من بين الفصائل المؤسسة لجبهة "أنصار الدين"، وهي تحالف للفصائل المعتزلة القتال بين فصائل مختلفة من المعارضة السورية وداعش.

ورغم التزام جيش "المهاجرين والأنصار" الحياد في القتال ضد تنظيم داعش في الشطر الشرقي لمدينة حلب مع ريفها، إلا أنه سرعان ما شهدت صفوفه انشقاقًا كبيرًا عندما أعلن القائد العسكري للجيش أبي عمر الشيشاني انشقاقه مع 800 عنصر، ومبايعتهم لتنظيم داعش، وأصبح الشيشاني إلى جانب مهامه كوزير للحرب، المسؤول المباشر عن تجنيد المقاتلين من دول أوروبا الشرقية.

وبين عامي 2014 و2015 شارك "المهاجرين والأنصار" في عدد من المعارك إلى جانب الفصائل المقاتلة ضد قوات الأسد والمليشيات الأجنبية الداعمة لها، وعُرف عنه أنه من التنظيمات التابعة لـ"إمارة القوقاز الإسلامية". وفي أيلول/سبتمبر 2015 أعلن الجيش في بيان صادر عنه مبايعته "جبهة النصرة" رسميًا، حيثُ كان يسيطر في تلك الفترة على مدينة "حريتان" بريف حلب الشمالي، وهي من أكثر المدن استراتيجية كونها الطريق الوحيد الذي يربط بين الشطر الشرقي لمدينة حلب مع باقي مناطق سيطرة المعارضة في الشمال.

2. الحزب الإسلامي التركستاني

سُجّل أول ظهور رسمي للحزب الإسلامي التركستاني في شمال سوريا، عام 2015، عندما تمكن من السيطرة على مدينة "جسر الشغور" بريف إدلب، كما كان من بين التنظيمات التي شنت هجومًا على مطار "أبو الضهور" العسكري بريف إدلب أيضًا، وهو يتواجد في ريف إدلب واللاذقية الشمالي. 

ويُعد الحزب ذراع الحزب الإسلامي التركستاني المؤسس في إقليم "شينغ يانغ" الصيني عام 1993، وينتمي عناصره لأقلية الإيغور المسلمة في الصين، ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد مقاتليه، فيما تقول تقديرات إن أعدادهم تتراوح ما بين ثلاث آلاف وخمسة آلاف مقاتل، ويضم بين صفوفه مقاتلين محليين، وهو من التنظيمات التي تملك علاقات قوية مع هيئة تحرير الشام، انعكست خلال المعارك الأخيرة بوقوفه إلى جانبها في غرب إدلب، وكان معظم مقاتليه قد اصطحبوا معهم عائلاتهم عندما قدموا إلى سوريا أسوًة بباقي المقاتلين القوقاز.

3. جنود الشام وأجناد القوقاز وجيش العسر

يمكن اعتبار جنود الشام، وأجناد القوقاز، وجيش العسر، من التنظيمات القليلة التي لا تزال تلتزم الحياد في عمليات الاقتتال المتوالية بين الفصائل في شمال سوريا، وهي من التنظيمات التي تتواجد بشكل أكبر في ريف اللاذقية الشمالي على حساب ريف إدلب، وتتفق جميعها في تاريخ تشكيلها بعد مبايعة ما تبقى من جيش "المهاجرين والأنصار" لجبهة النصرة عام 2015، إذ إنّهم رفضوا العمل العسكري ضمن مكونات الأخيرة.

تضم سوريا عديدًا من التنظيمات القوقازية الداعمة للمعارضة، انضم بعضها إلى داعش والآخر إلى النصرة، فيما فضل البعض الحياد 

ويتراوح عدد عناصر التنظيم الواحد منهم ما بين 200 و300 مقاتل، أي أن عدد مقاتلي التنظيمات الثلاث مجتمعة قد لا يتجاوز الألف مقاتل قوقازي غالبيتهم من الشيشان، وهي تابعة لما يعرف بـ"إمارة القوقاز الإسلامية".

اقرأ/ي أيضًا: سوريا بتوقيت الدولة.. مجتمعات العسكرة

وكانت الفصائل القوقازية قد أكّدت أكثر من مرة عن أنها لن تشارك في الاقتتال الداخلي بين الفصائل المقاتلة ضد النظام وأنها تلتزم الحياد. وفي عام 2014 توجه قائد "جيش العسر" صلاح الدين الشيشاني، إلى مدينة الرقة حاملًا مبادرًة من طرف جبهة النصرة لتنظيم داعش في محاولة لرأب الصدع بين التنظيمين المتشددين، إلا أن الأخير قابل الرد على المبادرة بالرفض.

وإلى جانب الفصائل المقاتلة القوقازية، تبرز كتيبة سيف الدين الشيشاني، الذي أعلن مبايعته لجبهة النصرة عام 2013، والتي استمرت بتبعيتها لها بعد مقتله عام 2014 في معركة اقتحام سجن حلب المركزي، وكذلك كتيبة "التوحيد والجهاد" بقيادة أبو صالح الأوزبكي، والتي أعلنت بيعتها لجبهة النصرة أيضًا عام 2015، فيما يُسجل تواجد المقاتلين القوقاز ضمن تنظيم داعش على شكل أفراد لا فصائل أو تنظيمات كونه يفرض على الفصائل المبايعة حل نفسها تمهيدًا للاندماج ضمن تشكيلاته.

 

اقرأ/ي أيضًا:

خسائر سوريا سنويًا.. 53 مليار دولار

الدولة المفيدة تكتمل.. كيف وقع التغيير الديموغرافي "القسري" في سوريا (3-3)