15-مارس-2021

جدل ما زال مستمرًا بشأن تعديل قانون الانتخابات في المغرب (Getty)

إن هي إلا ستة أشهر تفصل المواطن المغربي عن الانتخابات التشريعية، المزمع عقدها في أيلول/سبتمبر القادم، ومع اقتراب الموعد تستجد السجالات التنظيمية المرافقة لهذه الاستحقاقات. في هذه السنة صعد نجم تعديلات في القانون التنظيمي لعملية الاقتراع، انقسمت حولها الساحة السياسية. أبرزها ما همَّ بند القاسم الانتخابي، أي العمليَّة الحسابية التي تقسّم بها المقاعد البرلمانية على الأحزاب المتبارية، والتي تغيرت إلى حسابه على أساس عدد المسجلين، لا على أساس عدد الأصوات الصحيحة كما كان في السابق. 

إن هي إلا ستة أشهر تفصل المواطن المغربي عن الانتخابات التشريعية، المزمع عقدها في أيلول/سبتمبر القادم، ومع اقتراب الموعد تستجد السجالات التنظيمية المرافقة لهذه الاستحقاقات

تطرح هذه التعديلات كذلك تصورًا بديلًا بالنسبة إلى الدائرة الانتخابية الوطنية بتعويضها بدوائر انتخابية جهوية، وتوزيع المقاعد المخصصة حاليًا للدائرة الوطنية (90 مقعدًا) على الدوائر  الجهوية وفق عدد السكان القانويين للجهة. هذه الدوائر الجهويية التي ستتبارى حولها لوائح النساء، حسب الكوطا الممنوحة لهن (60 مقعدًا قبل التعديل)، بعد حذف لائحة الشباب (30 مقعدًا)  التي يعدها البعض أحد "مكاسب" دستور 2011، وما دفع به من حراك "20 فبراير" وقتها.   

اقرأ/ي أيضًا: تقنين القنب الهندي يؤجج الخلافات داخل الحزب الحاكم في المغرب

بالنسبة لوزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، فإنه كما يشير موقع تيلكيل عربي، "رفض مقترح التعديل الذي تقدمت به فرق المعارضة وفريق التجمع الدستوري والحركة الشعبية (المشاركين في الحكومة) بخصوص القاسم الانتخابي"، قبلًا داخلَ لجنة الداخلية والجماعات الترابية بالبرلمان المغربي. أما بخصوص حذف اللائحة الوطنية للشباب، المتبنى من طرف الحكومة، فوصفه الوزير المذكور قائلًا: "إن ما جاء في المشروع الحكومي هو استجابة للمطالب المطروحة من طرف الأحزاب السياسية"، مضيفًا: "لسنا ضد الشباب أو المرأة بل هي بضاعتكم ردت إليكم، ولكم واسع النظر"، و"دعمنا النساء ولكن ليس ضد الشباب؛ لأن الهدف هو الرفع من مشاركة النساء".

داخل ذات اللجنة البرلمانية نجحت المعارضة في تمرير التعديلات بمساندة أحزاب من الأغلبية، تاركين الحزب الذي يترأس الحكومة، العدالة والتنمية الإسلامي، معزولًا وحده في رفضها، يحاول جاهدًا إقبارها خلال جلسة المصادقة بإنزال جميع نوابه، في ما أسماها موقع الحزب الرسمي "معركة العدد"، متحدِّيًا بذلك الإجراءات الاحترازية الصحية التي نصها البرلمان لتنظيم جلساته جراء تفشي كورونا. محاولة باءت بالفشل، وتمت ليلة الجمعة الماضية، المصادقة على القانون 04.21 التنظيمي للانتخابات، والذي يأتي مغيِّرًا ومتمِّمًا للقانون التنظيمي الأول لانتخاب أعضاء مجلس النواب عبر الاقتراع باللاوائح الحزبية. كان هذا بأغلبية 162 من الأصوات قالت نعم لإقراره، مقابل معارضة 104، وامتناع نائب عن التصويت. ولم يكن المعارضون سوى فريق حزب العدالة والتنمية أما الصوت الممتنع الوحيد كان مصطفى الشناوي، نائب ائتلاف فيديرالية اليسار الديموقراطي المعارض.

كسالى وموتى

" إنه يجازي الكسالى من الأحزاب التي لا يرى لها أثر في المجتمع إلا في مناسبة الانتخابات"، هكذا قال رئيس الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية، إدريس الثمري، في وصف تعديل القاسم الانتخابي، الذي رفضه حزبه لما يرى فيه من خلط لأوراقه خلال الاستحقاقات القادمة، هو الذي صعدَ متصدرًا نتائج نسختها لسنة 2016. مضيفًا خلال مداخلته البرلمانية بأن هذا التعديل "سيمنح أصوات الموتى إمكانية التقرير في مصير الأحياء"، في إشارة إلى لوائح التسجيل غير المحيَّنة مما قد تتضمن أسماء موتى لم يتم بعد إسقاط تسجيلهم منها. من جانبه نائب الأمين العام للحزب، سلمان العمراني، علَّق قائلًا بعيدَ المصادقة على القانون التنظيمي الجديد بأن "هذا التعديل غير دستوري"، وفي هذا الصدد  كان قد أعلن الحزب سابقًا التوجّه للمحكمة الدستورية للبث فيه.

وجاء ذلك في كلمة نائبه، نبيل الشيخي، خلال اجتماع لجنة الداخلية بمجلس المستشارين الثلاثاء، مكررًا دفوع فريقه في معارضته اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، بالإشارة إلى أنه "سيؤدي الى صعوبة بناء تحالفات قوية ومنسجمة، مقابل سيادة منطق العرقلة والترضيات وفسح المجال أمام الفساد"، كما "من شأنه تكريس العزوف عن المشاركة السياسية الانتخابية، كما يسيء لصورة المؤسسات المنتخبة ومكانة ودور الأحزاب السياسية". 

انقسام الساحة السياسة حولَ هذا التعديل، العدالة والتنمية المعارضُ له من ناحية، ومن ناحية أخرى تدافع عنه غالبية الأحزاب المتبقية، يضفي على النقاش صبغة "العدالة والتنمية ضدَّ الجميع" بعيدًا عن مضمون القانون التنظيمي. لتقصي مدى مصداقية هذه الصبغة طرحنا السؤال على خالد البكاري، الصحفي والمحلل السياسي المغربي، الذي أجاب بأنه لا يعتقدُ بتحوّل طرأ على النقاش، بقدر ما أنه "كان منذ البداية حول الحد من تصدر العدالة والتنمية نتائج الانتخابات، أو على الأقل إن تصدَّر يكون بفارق ضئيل عن من سيحل في المركز الثاني". يضيف البكاري لـ"الترا صوت": "إذًا السؤال الولاية  الثالثة للعدالة والتنمية هو في نظري سؤال مركزي في النقاش الدّائر الآن".

معيدًا الذاكرة إلى انتخابات 2016، يشير البكاري إلى أن "الدعم الذي حظي به حزب الأصالة والمعارضة آنذاك (أدى إلى) استثماره في خطاب المظلومية"، وقتها "كانت خرجات الأستاذ عبد الإله بنكيران (الأمين العام السابق للحزب) حاسمة في تحقيق النجاح الذي أحرزه". الإشكال اليوم، يضيف، "هو رغم أن غالبية الرأي العام تعرف أن تغيير القاسم الانتخابي هو موجه بدرجة أولى لكبح العدالة والتنمية، ولكن في ردود الفعل التي نلاحظها، نجد أن الحزب لم ينجح في خطاب إنتاج خطاب مظلومية مقنع". وهذا مرده إلى "استياء المغاربة من أداء الحزب في الحكومة، وكذلك من تنازلاته حتى في أمور كان يعتبرها إلى وقت قريب من مقومات هويَّته الحزبية وتشكل تمايز بينه وباقي الأطياف السياسية". ومن ذلك يخلص المتحدِّث بأن "الظرف والسياق جعل من طبخوا طبخة القاسم الانتخابي يمررونه في ظروف سهلة، وبقي حزب التنمية وحيدًا في المواجهة دون أي سند شعبي".

ماذا عن الأصالة والمعاصرة؟

أما حزب الأصالة والعاصرة المعارض، وقائد المطالبة بتعديل القاسم الانتخابي، فقد "عرف نقاشات داخلية كثيرة حول هذه النقاط؛ ففيما دفع عدد من أعضاء المكتب السياسي بهذا المطلب، عارضته بشدة لجنة الانتخابات بمنطق أن الحزب سيخسر عددًا من المقاعد التي تحصل عليها في الدوائر التي كان يفوز بها بمقعدين" يوضِّح عبد الله عيد نِزار، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، في حديث خصَّ به "الترا صوت". يضيف بأن الكلمة الفيصل في ذلك الجدل الداخلي كانت للأمين العام للحزب، عبد اللطيف وهبي، الذي اعتبر أن "حساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين سيدفع الأحزاب السياسية إلى الاجتهاد من أجل البحث عن كتلة ناخبة جديدة"، وكذلك "الاجتهاد في تغطية كامل الدوائر الانتخابية عوض التركيز على تلك التي يحصدون فيها أكثر من مقعد"، فاليوم "لتفوز بالانتخابات يجب عليك أن تكون حاضرًا في جميع الدوائر والمناطق" يقول عيد نزار.

يسترسل المتحدِّث في توضيح وجهة نظر حزبه قائلًا: "أخطأ من أشاع أن تغير حساب القاسم الانتخابي سيؤدي إلى بلقنة البرلمان، بل إن المستفيدين من الحساب الجديد هم الأحزاب المتواجدة أساسًا داخل القبة مثل: حزب الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي، التقدم والاشتراكية، فيديرالية اليسار وغيرهم". حيث "سيمكنها التعديل من الحصول على إمكانيات داخل المؤسسات وحضور يتوافق وعدد الأصوات التي حصلوا عليها"، وهنا يحيل عيد نزار إلى حديث نائب تحالف فيديرالية اليسار الديموقراطية، مصطفي الشناوي، إذ قال بأن الفيديرالية تحصَّلت في الانتخابات الماضية على 10% من الأصوات التي التي تحصلت عليها العدالة والتنمية، "فلو  احتسبت على أساس القاسم الانتخابي الجديد، لتحصلت على 12 مقعدًا عوض مقعديها الحاليين".

فيما يخلص المتحدث إلى أنه " لا علاقة لما يقع بالضرب في الديموقراطية"، بقدر ما هي "حسابات رياضية تقنية كل حزب يدافع على مصالحه فيها، وهذا الأمر كذلك في دول أخرى، ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال كل حزب يقطع الدوائر الانتخابية بما يخدمه قبيل كل انتخابات"، فـ "نحن اليوم كحزب نرى مصلحتنا، ومصلحة البلاد بشكل أعمّ، في تغيير القاسم الانتخابي. كما لا نجد مانعًا في فتح البرلمان أمام تعددية حزبية أوسع، وأن تمنح أحزاب تمثيليات برلمانية افتقدتها خلال الانتخابات السابقة".

في هذا السياق، وحسب البكاري، فإنه "إذا طبَّقنا حسابات القاسم الجديد على نتائج انتخابات 2016، فإن الفائز سيكون بها هو حزب الأصالة والمعاصرة"، بالتالي "ادعاءات الأمين العام للحزب، الأستاذ عبد اللطيف وهبي، حول أن الدافع من ذلك هو التعددية الحزبية ومنح الفرصة للأحزاب الصغرى، هو في اعتقادي هو ادعاء مضلل". ويضيف: " في كلِّ الأحوال سيؤدي إلى أن يكون حزب العدالة والتنمية إما الحزب الثاني أو الثالث وليس الأول"، مراكز متقدّمة مردها إلى التقطيع الانتخابي الذي "يحفظ لهذا الحزب قوة كبيرة في دوائر معينة"، لكن "لطالما تكون ملحقة بمناطق قروية حيث الكلمة الأعلى فيها  لازالت  للأعيان أو لبعض الاختيارات القبلية كما حصل في الانتخابات الجزئية الأخيرة بإقليم الراشدية (جنوب شرق البلاد)". ما يحيلنا كذلك إلى أن الحالة التنظيمية للحزب بفعل صراعاته الداخلية "قد تؤدي إلى أن يكون نقص في التعبئة الداخلية في الانتخابات مقارنة بانتخابات 2016"، إضافة إلى أن "جزء من الكتلة الناخبة الوفية للعدالة والتنمية قد تقاطع الانتخابات بسبب بعض مواقف الحزب؛ ما تعلق منها بالتطبيع، أو ما تعلق منها بالمصادقة على القانون الإطار للتربية والتكوين، الذي رسم ما سمي بالتناوب اللغوي والذي يتعارض مع ما كان يرفعه الحزب في السابق من دفاع على التعريب".

"إذَا كل هذه العوامل مجتمعة، كانت ستؤثر على حزب العدالة والتنمية، وقد لا يكون هو الحزب المتصدر للانتخابات القادمة، دون اللجوء إلى تغيير القاسم" يورد البكاري، مضيفًا أنه "حتى وإن تصدر هو الانتخابات، وهذا خيار مطروح كون الأحزاب المنافسة له تفتقد التنظيم والامتداد الشعبي، فإنه لن يفوز بفارق كبير عن وصيفيه الثاني والثالث"، بالتالي فإن "الخاسر الأكبر من تغيير القاسم الانتخابي هو حزب العدالة والتنمية".

أي تحالفات ستنشأ في ظل  القاسم الجديد؟

إلى هنا يبقى سؤال التحالفات السياسية مطروحًا، تحت وطأة كل المتغيِّرات التي حملها التعديل، مع احتمال دخول عدد من الوافدين الجدد على المؤسسة البرلمانية، كما صعوبة تحصيل أغلبية مريحة من المقاعد. بداية الإجابة عند خالد البكاري تنطلق من تحديده بأنه "أساسًا في المغرب التحالفات تكون بعدية للعملية الانتخابية، لا قبلها، ولا توجد تجربة أحزاب تدخل الانتخابات بتحالفات قائمة على أساس التمايز بين اليسار واليمين والوسط. بل تقوم هذه التحالفات عادة على أساس النتائج المحصل عليها ومن أجل تشكيل الحكومة".

وفي هذا السياق ينتقل بنا الصحفي والمحلل السياسي المغربي، بناءً على توقعاته الآنف ذكرها، إلى أنه "في حالة عدم تصدُّر الانتخابات من قبل حزب العدالة والتنمية" فهو يعتقد بأن "الحكومة ستتشكل من الفرقاء الذي دافعوا عن القاسم الانتخابي الجديد"، وخصوصًا "أحزاب التجمُّع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال"، كما "سيلعب حينها كل من حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية أدوارًا ثانوية داخل هذه التشكيلة"، في حين "سيعود العدالة والتنمية إلى قيادة المعارضة بجانب الأحزاب الصغرى، التي قد تظفر بمقاعد قليلة، إضافة إلى فيديرالية اليسار الديموقراطي".

أما في حالة تصدُّر العدالة والتنمية الانتخابات، "أتوقع أن ترفض الأحزاب الأخرى التحالف معه" يقول  البكاري، مضيفًا أنه " إثرها سيجد العدالة والتنمية نفسه في ورطة؛ كيف ستقبل أحزاب هو يهاجمها اليوم الاصطفاف إلى جانبه داخل حكومة واحدة"، وبالتالي "أتوقع أن يحصل انسداد سياسي، لكنه لن يطول كسابقه بعيد الانتخابات الماضية. وأعتقد في هذه الحالة أن الملك لن يلجأ إلى تعيين شخصية ثانية في حالة فشل العثماني في تدبير التحالفات، بل ربما سيعين شخصية من الحزب الوصيف لهذا الغرض". ويردف قائلًا:"  غم أن هذه الإمكانية غير واضحة دستوريًا، لكن نتذكر خطاب الملك إثر تعيين العثماني على رئاسة الحكومة حين قال بما معناه: أنه كانت أمامه خيارات دستورية أخرى لكنه لم يرد اللجوء إليها". وإذا سرت الأمور في هذا النسق ستظل النتيجة على حالها، أي "سيعود العدالة والتنمية إلى المعارضة، وسيدخل إلى الحكومة حزبا الأصالة والمعاصرة والاستقلال، لأنه لا يمكن استمرار مكوثهما طويلًا في المعارضة".

فيديرالية اليسار الديموقراطي ضد الكل

"كان المطلوب هو التصويت على قاسم انتخابي مبني على أساس الأصوات المعبر عنها"  يقول مروان بن فارس، مسؤول التنظيم الشبيبي لفيديرالية اليسار الديموقراطي بتطوان (شمال البلاد)، موضحًا في تصريح لـ"لترا صوت" موقف حزبه بأن " المشكلة في القاسم الانتخابي الجديد أنه لا يعكس إرادة المصوتين، بل يمنح تمثيلية لأشخاص لم يصوت عليهم"، و "لهذا السبب كان موقف الفيديرالية هو الامتناع عن التصويت".

امتناع تتجلى علَّته واضحة عبر كلمة نائب فيديرالية اليسار، مصطفى الشناوي، خلال جلسة المصادقة، إذ قال إن "الديموقراطية كلّ لا يتجزَّأ، وأقول للذين يتباكون اليوم على غياب الديموقراطية في هذه المحطة وذاقوا مرارة ما زرعوه، هل هذا أسلوب ديموقراطي؛ أن يحصل الحزب الأول على 1.6 مليون صوت ويحصد 125 مقعد، ونحن في فيديرالية اليسار تحصلنا على 164 ألف، أي  ما يعادل  10 بالمئة من أصوات الحزب الأول، وحصلنا فقط على مقعدين؟", وأضاف مصوبًا ناحية حزب العدالة والتنمية بأن "من يتباكون اليوم على الديموقراطية هم من مارسوا الهيمنة والإقصاء ضدنا وضد مكونات من الشعب المغربي والمجتمع المدني"، قبل أن يخلص "نحن في فيديرالية اليسار سنمتنع عن التصويت لأننا لا نصطف بجانب من لا يؤمنون بالديموقراطية".

في هذا الصدد يوضح بن فارس بأن " الموقف هنا لا يهم بالقدر الذي يهم به السلوك في التعبير عن ذلك الموقف"، ويمكن أن نفهمه كذلك "كضد على عدم التصويت على التعديلات المقترحة من قبل التحالف". فيما وقفت الفيديرالية كذلك في وجه اللائحة الوطنيَّة للشباب منادية بحذفها، هي التي "كانت منذ البداية رافضة وجودها". والقول هنا لشكيب السبايبي، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد (أحد مكونات الثلاث لفيديرالية اليسار الديموقراطي)، في حديث خصَّ به "الترا صوت"، معللًا "بأن هذه الآلية لا أساس دستوري لها، وأيضًا فهي ترسخ التمييز، وتفرز نوع من الانتهازية بغياب الكفاءة لدى غالبيَّة الذين تباروا على مقاعدها، كما أن التزكية لها عند عدد من المرشحين والأحزاب انبنت على قراباتهم بزعاماتها". بالإضافة إلى أن "تقييمنا لعمل البرلمانيين الشباب الذين حازوا مقاعد هذه اللائحة كان ضعيفًا جدًا، بل وغيابًا تامًا في حالة البعض، ولم يمنحوا أي قيمة مضافة لا للعمل البرلماني أو للشباب، خاصة وأن هذه الآلية كانت نتاج لحركة 20 فبراير ذات الطابع الشبابي المحض".

يبقى سؤال التحالفات السياسية مطروحًا، تحت وطأة كل المتغيِّرات التي حملها التعديل، مع احتمال دخول عدد من الوافدين الجدد على المؤسسة البرلمانية

من كل هذه المعطيات نستنتج موقف تحالف الفيدرالية في الجدل القائم؛ ضد المطالبين بالتعديلات والرافضين لها عل حد سواء. هي التي حازت على مقعدين خلال الولاية التشريعية الحالية المشرفة على انتهائها، ماذا سيكون أثر التعديلات الجديدة على مصيرها تحت القبة؟ بالنسبة لخالد االبكاري فإن "القاسم الاتخابي السابق كان يصب ضد المصلحة الانتخابية لفيديرالية اليسار"، "وكذلك العتبة الانتخابية التي حرمتها في الانتخابات السابقة من مجموعة مقاعد، وأضاعت عليها كتلة من 6 إلى 10 نواب"، وبالتالي "فالقاسم الانتخابي الجديد سيكون مفيدًا لفيديرالية اليسار، وسيمكنها من أن تتجاوز العشرة مقاعد، وأن تشكل مجموعة نيابية"، لكن "لا أتوقع أن تصل إلى تأسيس فريق برلماني بـ 20 نائبًا، بالنظر إلى صراعاتها الداخلية كذلك وتأخرها في التهيييء للانتخابات" و"إذا استطاعت أن تصل هذا الرقم فسيكون هو أكبر مفاجأة للانتخابات القادمة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

 فقراء المغرب وأزمة كورونا.. محاولات رسمية لحماية حالة الطوارئ