18-أكتوبر-2016

الفنان الأمازيغي الليبي مادغيس ؤمادي

يُجمع العارفون بالشأن الثقافي الأمازيغي على تطور ملحوظ، في السنوات الأخيرة، في ميدان الإنتاج الأدبي والثقافي بجميع أصنافه، تأليفًا وترجمة، كما أنّه من الملاحظ انفتاح الثقافة الأمازيغية على ثقافات أخرى، واحتكاكها بعوالم جديدة، فلقد ظهر جيل جديد من المبدعين حملوا هم الهوية الأمازيغية والترويج لها في شتى بقاع العالم، رحلة بدأها الكثيرون من أجل الرقي بهذه اللغة إلى مصاف اللغات العالمية. 

يؤسس الفنان مادغيس ؤمادي لطريقة حديثة للترويج لثقافة وحضارة الأمازيغ

من بين هؤلاء الذين يحملون مسؤولية النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين الفنان والمبدع الليبي "مادغيس ؤمادي"، أحد سفراء الحرف الأمازيغي، وأحد أكبر المساهمين في نقل حرف "التيفناغ" من جدران المغارات إلى العالمية.

اقرأ/ي أيضًا: أن تفقد جدتك الأمازيغية

مادغيس، ابن جبل نفوسة في ليبيا، ناشط في الثقافة والهوية الأمازيغية، وباحث في الأدب والتراث الأمازيغي، ميزته التي تجعله مختلفًا عن باقي النشطاء هو مزجه للأصالة والمعاصرة في نضاله من أجل التسويق لثقافته، فلقد اشتهر بتطويره للكثير من البرمجيات التي سمحت للأمازيغية بولوج الإنترنت ومحركات البحث ومختلف مواقع التواصل الاجتماعي، كما قام بتطوير تطبيقات أخرى للهواتف الذكية، إنه يؤسس لطريقة حديثة للترويج لثقافة وحضارة الأمازيغ.

"ألترا صوت" التقى مادغيس ؤمادي، على هامش المهرجان الدولي للشريط المصور، الذي فاز فيه بالمرتبة الأولى، عن عمله "تاريخنا"، وهو شريط مصور يحاكي حياة الملك يوغرطة وشاشناق ويوبا الثاني، والعديد من الشخصيات التي كان لها وزن كبير في التاريخ الأمازيغي القديم. 

يقول مادغيس: "لقد حان الأوان كي نخرج الأمازيغية من حيز التقاليد، وجب علينا أن ننقل تراثنا من القرى والمداشر لنفتح لها أفقًا رحبًا كي يكتشف العالم كنوزًا تاريخية وثقافية كانت معزولة، ولن يتأتى ذلك إلا بالعمل وفق منهجية واضحة". 

وعن انخراطه في مجال القصة المصورة والشريط المرسوم، يرى مادغيس أنه من الواجب اقتحام فنون جديدة، لذلك اختار الشريط المرسوم كوسيلة من أجل التعريف بتاريخ الأمازيغ، فلقد اختار 14 ملكًا وحاكمًا من مختلف الحقبات التي مرّت بها الحضارة الأمازيغية، وبدأ في العمل على ذلك ضمن سلسلة "تاريخنا"، يقول شارحًا: "اخترت الأسماء بعناية، وحاولت أن أظهر التنوع الذي تمتاز بها حضارتنا، فقد أنجزت عملًا عن يوغرطة بوصفه رجل دولة وقائد حرب، ويوبا الثاني بوصفه حاكمًا ورجل علم، كما أحضر أعمالًا عن فاطمة نسومر وعبد الكريم الخطابي وابن رشد، ولقد حرصت أن تكون الأعمال بالحرف الأمازيغي والحرف العربي في نسخة واحدة، وقد لقي العمل تجاوبًا كبيرًا، فالناس متشوقون للغوص في هذا التاريخ المنسي".

يدير مادغيس ؤمادي قناة على موقع يوتيوب، يقوم فيها بتقديم دروس في اللغة الأمازيغية وقواعدها

اقرأ/ي أيضًا: ما معنى أن تكون جزائريًا؟

إضافة لعمله في ميدان القصة المصورة وتطوير البرمجيات، يدير مادغيس قناة على موقع يوتيوب تضم أزيد من نصف مليون متابع، يقوم من خلالها بتقديم دروس في اللغة الأمازيغية وقواعدها، كما ينتج نبذات تاريخية عن بعض الشخصيات التي قدمت قيمة مضافة في سبيل الدفع بعجلة الثقافة الأمازيغية نحو الأمام. وعن هذا يقول: "أقوم ببحوث معمقة، وأكتشف العديد من المعلومات القيمة التي أسعى إلى نقلها للآخرين، فلقد وسعت الحيز الذي أشتغل فيه ليضم الأدب والكتابة بالتيفيناغ والتاريخ والترجمة، لقد نقلت تجاربي خاصة ما أقوم به في مجال القصة المصورة بالأمازيغية إلى الصين، وتركيا، والمملكة السعودية، ومصر، وإسبانيا... وبلدان أخرى، ولقد كنت سعيدًا جدًا بالأثر التي رأيته في وجوه الناس وهم يكتشفون ثقافة وحضارة جديدة، لقد قامت مختلف الحضارات بنقل موروثها الثقافي إلينا، لقد أتى دورنا من أجل نقل ما نملك من موروث إلى تلك الحضارات، ستكون رحلة طويلة، لكن علينا أن نبدأها الآن".

يسيّر مادغيس أيضًا موقع "تاوالت" المشهور، وهو أحد أقدم المواقع التي تختص بالثقافة الأمازيغية، وينتج أيضًا مناهج تربوية موجّهة لمدرّسي اللغة الأمازيغية للأطفال، إضافة إلى عمله في إنتاج قواميس إلكترونية كـ"القاموس العربي الأمازيغي" و"الأمازيغي الفرنسي"، أعمال جعلت من مادغيس أحد أنشط المناضلين من أجل الرقي بالثقافة واللغة الأمازيغية، فجهود شباب مثقف وواعي ستثمر عن قريب رواجًا لثقافة وهوية كانت في طي النسيان، أو ربما كانت ضحية ممارسات سياسية وأنظمة لم تعطها حقها الكافي من الاهتمام والرعاية.

اقرأ/ي أيضًا:

الأمازيغية في الجزائر.. من السجن إلى الدستور

سي محند أومحند... عذاب يشابه المنفى