27-نوفمبر-2018

تزايد القلق في الأردن مؤخرًا من تفشي ظاهرة التحرش (تويتر)

انطلقت في الأردن يوم الأحد الماضي، 25 تشرين الثاني/نوفمبر، في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، حملة ضد التحرش، تحت شعار "ما_تسكتوش.. التحرش جريمة"، ضمن حملة دولية بدعم من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والحكومة الكندية.

انطلقت في الأردن قبل يومين حملة ضد التحرش الجنسي تحت شعار "ما تسكتوش.. التحرش جريمة"

ويأتي انطلاق هذه الحملة بالتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي أطلقته هيئة الأمم المتحدة، في فعاليات متعددة تستمر حتى 10 كانون أول/ديسمبر، والذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا تعرف عن سوء المعاملة العاطفية؟.. وحش العنف الخفيّ ضد المرأة

وأعلنت اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة عن هذه الحملة، بهدف "نشر الوعي وتعبئة المجتمع لمواجهة التحديات التي تواجهها المرأة الأردنية في الحياة العامة والتضامن معها"، ومن أجل "دعوة المرأة إلى عدم الصمت عن التحرّش والمضايقات الجنسية التي تتعرض لها"، وذلك عبر التأكيد على أنّ التحرّش بمختلف أشكاله جريمة وانتهاك لحقوق الإنسان، وأنه شكل شائع وخطير من أشكال العنف ضدّ المرأة، لا يمكن الاستمرار في السكوت عنه.

وقد تزايد القلق مؤخرًا في الأردن من تفشّي ظاهرة التحرش بالمرأة، بأشكاله؛ كالتحرش اللفظي والإيمائي، الأكثر شيوعًا، والتحرش الجسدي، ومؤخرًا التحرش عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الفضاء الإلكتروني. 

ولا تتوقف ممارسة التحرش في الأماكن العامة، حيث القلق الدائم من التعرض للتعليقات المسيئة أو اللمس والمضايقة، ويتعداه إلى أماكن العمل، ما يضع قيودًا على حركة المرأة في المساحات العامّة وشبه العامّة، ويكشف عن مستوى التمييز الذي تعاني منه المرأة الأردنية والذي يمثّل تهديدًا مستمرًا لها ينعكس على فعاليتها ودورها في المجتمع.

ثقافة صمت وقوانين غير رادعة

ما تزال ظاهرة التحرش في الأردن تحاط بقدر كبير من الإنكار على المستويين المجتمعي والرسمي، إذ تتجنب الجهات المعنيّة ووسائل الإعلام الرسميّة، الإقرار بأن التحرش الجنسي بات ظاهرة في الأردن. كما يميل الخطاب الرسمي والشعبي عادة إلى لوم الضحيّة، عبر الحديث مثلًا عن لباس المرأة كأحد الأسباب التي تساعد على وقوع التحرّش.

في المقابل، تضطر الضحايا إلى الالتزام بالصمت حيال هذه المشكلة لعدم قدرتهنّ على التعامل معها، فيضاف إلى الألم النفسي الذي يلحق بالمرأة جراء تعرضها للإساءة والتحرش، صدمتها من القبول المجتمعي لهذه الظاهرة، وغياب أي شكل من أشكال الدعم القانوني والمجتمعي لها في حال قررت الحديث عما عانت منه.

إلا أنّ مختلف المؤشرات والشهادات تدل على أن الظاهرة في تزايد، وتشتكي منها المرأة في الأردن في أماكن العمل والأسواق وسيارات الأجرة والطرقات، الأمر الذي يرسّخ شعورها بالخوف واليأس وقلة الحيلة. أما المنظومة القانونية في الأردن، فلا توفر الدعم للمرأة لمواجهة هذا التهديد وفضحه، إذ لا يشتمل قانون العقوبات ولا قانون العمل على نصوص صريحة لتجريم التحرش وحماية ضحاياه والاقتصاص من المتحرّشين.

التحرش في الاردن
75.9% من الأردنيات تعرضن لمرة أو أكثر لأفعال وسلوكيات التحرش 

وما تزال المادة 320 من قانون العقوبات، تمثل غطاءً للمتحرشين في نظر العديد من القانونيين وناشطي المجتمع المدني في الأردن، وذلك لاشتمالها على عبارة تقيد فعل التحرّش بأنه ذلك الذي يحدث "بصورة يمكن معها لمن كان في مكان عام أن يراه"، حيث يصعب على المرأة في معظم الحالات للمرأة إثبات واقعة التحرش عليها. أما في مكان العمل فيجري التكتّم عادة على هذه المشاكل ويتم حلّها على المستوى الداخليّ للمؤسسات والشركات، فمع غياب القوانين التي تضمن حقّ المرأة في مقاضاة المتحرّش وضعف الثقافة الحقوقية التي تدعم الضحية للمطالبة بحقوقها، فإن المرأة تضطر إلى الخضوع لابتزاز أصحاب العمل وتجاوز الإساءات الحاصلة والتغاضي عنها، أو اختيار ترك العمل والاستقالة. 

غياب خطير للإحصاءات

في حين قد يكون غياب الأرقام والإحصاءات الرسمية المتعلقة بالتحرش ضد المرأة، مؤشرًا للبعض على عدم خطورة الأمر، يرى آخرون ذلك نقصًا خطيرًا يفاقم المشكلة، لعدم وجود ما يساعد على تحديد طبيعتها وما يؤدي لتزايدها، ويحول دون الإجابة عن الأسئلة الملحّة التي لا يمكن القفز عنها لتطوير إستراتيجيات ووسائل فعالة لمواجهة التحرش في الحياة العامة وأماكن العمل والمنازل.    

وكانت اللجنة الوطنية لشؤون المرأة في الأردن، قد أعلنت مؤخرًا عن دراسة "شاملة" لواقع التحرش في الأردن، شملت 1366 شخصًا، 86% من الإناث، و14% من الذكور، بهدف تجاوز النقص الحاصل في البيانات والمعلومات التي تساعد على الوقوف على حجم المشكلة في المجتمع الأردني ورصد الأشكال المختلفة للتحرش والعنف المبني على النوع الاجتماعي، وقياس وعي المجتمع حيال هذه القضية.

وكشفت هذه الدراسة عن أن 75.9% تعرضن لمرة أو أكثر لأفعال وسلوكيات التحرش، كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن أكثر الأشخاص الذين ارتكبوا التحرش في المنزل هم "الأقارب الآخرون" وذلك بنسبة 11.8%، أما في الأماكن العامة فكان "الغرباء الذكور" بنسبة 52.9%، وفي أماكن العمل والدراسة "الزملاء الذكور، بنسبة 29.1%، وفي الفضاء الإلكتروني "الغرباء الذكور" بنسبة 43.9%.

وأعلنت اللجنة الوطنية لشؤون المرأة عن نتائج هذه الدراسة بالتزامن مع إطلاق حملتها لنبذ التحرش في الأردن. وقالت الأمينة العامة للجنة، سلمى النمس، إن الدراسة نُفذت بالاعتماد على أدق المنهجيات العلمية والإحصائية.

كشفت دراسة عن التحرش في الأردن، أن 75.9% من الأردنيات، تعرضن لمرة أو أكثر لأفعال وسلوكيات التحرش

وبينت النمس أن التحرش "الإيمائي"، هو الشكل الأكثر انتشارًا من التحرش في الأردن وفق الدراسة، بنسبة 89.1%، في حين بلغت نسبة انتشار التحرش الجسدي بين أفراد العينة 68.7%، والتحرش الإلكتروني 80.8%، كما أكّدت الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة أن "التحرش أصبح ظاهرة مثيرة للقلق وبحاجة لاهتمام خاصّ".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الضحايا "قصّر".. صدمة مدوية بعد حادثة تحرّش جماعي في الأردن

شاهد.. صحفيّة توبّخ رجلًا تحرّش بها جنسيًا على الهواء!