09-أكتوبر-2018

تلوث مياه الشرب في بعض مناطق بيروت بالبراز البشري (Green Area)

استفاق اللبنانيون قبل أيام قليلة، على خبر انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يكشف عن تحاليل أجرتها مصلحة الأبحاث العملية الزراعية على عينات من مياه الخدمة في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت؛ أثبت ظهور بقايا براز بشري فيها!

انتشرت عبر السوشيال ميديا نتائج تحاليل تُظهر وجود بقايا برازٍ بشري في مياه الخدمة بإحدى مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت

المواطن حسام عطايا الذي يقطن في المنطقة، والمعروف بنشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، كان هو من بادر إلى إجراء تلك التحاليل، بعد صدور رائحة كريهة من مياه الخدمة في منزله، وقد نشر النتائج على صفحته بفيسبوك. وبعد البلبلة الناتجة عن انتشار هذه النتائج، أكد عطايا من خلال صفحته، أن "صحة أطفاله أهم من كل الحسابات السياسية".

اقرأ/ي أيضًا: المياه المعبأة في لبنان.. المواطن يشرب بلا رقابة

وانتشرت معلومات عن دخول عدد من المواطنين إلى المستشفيات، في الأيام السابقة، وتبين أنهم التقطوا جراثيم بسبب تلوث المياه. وكما يحصل مع كل ملف يطال أمن المواطن الصحي أو غير الصحي، بدأ تبادل الاتهامات بين الأطراف المعنية. وفيما يعتقد المواطنون أن شبكة المياه تتداخل مع شبكة الصرف الصحي تحت الأرض، عزا بعض المعنيون وجود البراز إلى كثرة الآبار الإرتوازية الخاصة، وبالتالي فإن التلوث محدود، وأن شبكة المياه الأساسية سليمة، بحسب زعمهم.

من جانبها أعلنت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، أنها ستقوم فورًا باتخاذ الإجراءات التقنية والإدارية لإجراء الفحوصات اللازمة في المختبرات، للتحقق من سلامة المياه الموزعة في المنطقة المذكورة. في الوقت الذي أكد فيه بعض المواطنين أنه يمكن ملاحظة تغيّر لون المياه بالعين المجرّدة، وكذلك شم رائحتها الكريهة على الجسد بعد الاستحمام. وسخر ـحدهم قائلًا: "هذه المياه لا تصلح حتى للنارجيلة"!

المواطن اللبناني الغارق أساسَا في مشاكله الاجتماعية والاقتصادية، من غلاء معيشة وبطالة وأزمة كهرباء، وغير ذلك، وجد نفسه أمام معضلة جديدة، فالمياه التي يستخدمها يوميًا للاستحمام وغسل الخضر والفواكه وتحضير الأطعمة؛ باتت الآن تشكل مصدر قلق له بل خطرٍ عليه، فيما يكلُف استخدام مياة مفلترة مبالغ كبيرة، علمًا بأن اللبناني يدفع أقساط سنوية للحصول على مياه الاستخدام، كما يضطر لأن يشتري مياه خاصةً في فصل الصيف بسبب شح المياه، وبالتالي فإن المواطن يدفع ثمن الماء مرتين، ليحصل في النهاية على مياه ملوثة.

من نقاط قوة الطبقة الحاكمة في لبنان، هو الغموض المتعلق بتحديد المسؤوليات، فيتم تقاذفها بين هذه الجهة وتلك، وتضيع الطاسة. وفيما صبّ بعض قاطني تلك المنطقة غضبهم على الدولة اللبنانية، التي يُفترض بها العمل على تأمين وصول مياه نقية إلى كل منزل؛ انتقدت أصوات أخرى ما يعرف بـ"الثتائية الشيعية"، أي حزب الله وحركة أمل، والتي تؤيدها الغالبية الشيعية، وبالتالي فهي تمثل أهل حارة حريك والضاحية الجنوبية! 

وسخر البعض من التباين والتناقض بين خطاب "هيهات من المذلة"، والحديث المستفيض عن "الانتصارات والكرامة والعز"، فيما يعاين المواطن في الضاحية أبشع أنواع الذل بشكل يومي. وتساءل البعض ساخرًا: "هل علينا أن نعيد أداء فروض الصلاة، لأن مياه الوضوء لم تكن طاهرة؟".

وتداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا شهيرًا من الفيلم الكوميدي "مرجان أحمد مرجان"، عندما يتحدث عادل في مجلس الشعب عن تداخل مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب.

وفي سياق متصل، يُشار إلى أنه لبنان شهد قبل سنوات حملة من وزارة الصحة تم خلالها إغلاق أو معاقبة عدد كبير من المطاعم، بسبب عدم مطابقتها أبسط معايير السلامة، فيما أثار حديثٌ انتشر على بعض المواقع الإلكترونية، عن باخرة أبقار تركية مصابة بالجمرة الخبيثة، متوجهة إلى لبنان؛ هلع المواطنين. وبالرغم من النفي التام لوزير الزراعة لهذا الأمر، إلا أن اللبنانيين لا يثقون أبدًا بأجهزة الدولة، خاصة في ظل تجاربهم المريرة مع مماحكة الحكام وتسويفهم، وتراجعهم المستمر عما يعدون به.

يضاف تلوث المياه إلى جملة من الأزمات التي تقض مضاجع اللبنانيين، الذين باتوا أكثر اقتناعًا بأنهم ينزلقون نحو الهاوية

دخلنا في الربع الأخير من عام 2018، هناك حديث عن أن الليرة اللبنانية قد لا تصمد إلى ما بعد مطلع العام الجديد، فيما يظهر تهديد حقيقي بأزمة كهربائية ستزيد من ساعات التقنين، في ظل غياب أي حلول جدية. وتأتي اليوم مشكلة تلوث المياه لتضاف إلى عشرات المشاكل التي تقض مضاجع اللبنانيين، الذين باتوا يقتنعون أكثر فأكثر أنهم ينزلقون نحو الهاوية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تلامذة لبنان يشربون مياهًا ملوثة

النفايات مجددًا في لبنان.. أهلًا بالأمراض!