30-ديسمبر-2024
إخفاء قسري لمعتقلي غزة

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض الأبنية المدمرة في خانيونس (رويترز)

يواجه مئات المدنيين في قطاع غزة الذين اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 مصيرًا مجهولًا، وسط مزاعم جيش الاحتلال بعدم معرفة مكان احتجازهم، وهو ما يجعل من إخفائهم قسريًا جريمة أخرى، تُضاف إلى جرائم "التطهير العرقي" و"جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية" الذي اتهمته بارتكابها عديد التقارير الأممية.

وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية، في تقرير لها نشر، اليوم الإثنين، إن مئات الفلسطينيين "الذين تم احتجازهم من قبل الجيش لم يتم توثيق أماكن احتجازهم بشكل صحيح"، مضيفة أن جيش الاحتلال أعلن أنه "لا يوجد أي مؤشر" حول مصيرهم. وأضافت الصحيفة العبرية أنه منذ بدء العدوان على غزة "قدم الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان 27 التماسًا لمعرفة مصير المفقودين، معظمها رُفض"، بحسب ما نقل موقع "الترا فلسطين" عن الصحيفة العبرية.

ولفتت "هآرتس" إلى أن جيش الاحتلال كشف في "بعض الحالات أن المفقودين كانوا إما محتجزين في مراكز اعتقال إسرائيلية أو توفوا خلال فترة احتجازهم". وسلط تقرير الصحيفة العبرية الضوء على قضة، عبد الكريم الشنا، الذي اختفى بعد اعتقاله في كانون الثاني/يناير 2024، أثناء محاولته عبور حاجز للجيش جنوب خانيونس.

جيش الاحتلال كشف في "بعض الحالات أن المفقودين كانوا إما محتجزين في مراكز اعتقال إسرائيلية أو توفوا خلال فترة احتجازهم"

وحول قصة الشنا، قالت "هآرتس" إن: "عائلته لم تتلقَ أي معلومات عنه لمدة خمسة أشهر حتى وصلتها أنباء من أحد الأسرى المفرج عنهم بأنه محتجز في سجن عسقلان، حيث تعرض للتعذيب"، مشيرةً إلى أن عائلته تواصلت لاحقًا مع سلطات الاحتلال "للحصول على معلومات أو ترتيب زيارة، لكنها تلقت ردودًا متناقضة، حيث تم إبلاغهم أولًا بأنه في سجن عوفر، ثم نفي وجوده في أي منشأة اعتقال".

وشددت الصحيفة العبرية على أن هذه "الحادثة ليست الوحيدة"، وأضافت أن "منظمات حقوق الإنسان، مثل مركز هموكيد لحماية الفرد، قدمت أكثر من 900 طلب خلال الفترة بين أيّار/مايو وتشرين الأول/أكتوبر لتحديد أماكن المعتقلين"، وتابعت مشيرةً إلى أنه "تم الرد على 501 طلب بتحديد مواقع المحتجزين"، في الوقت الذي ذكر جيش الاحتلال أنه "لا يوجد أي مؤشر بخصوص 400 شخص آخر".

وقالت مديرة مركز "هموكيد"، جيسيكا مونتال، في تصريحات نقلتها "هآرتس" إن: "هذه الظاهرة تشير، إما إلى رفض الجيش تقديم معلومات أو فشل الجنود في توثيق عمليات الاحتجاز المتعلقة بالسكان المدنيين"، لافتة إلى اختفاء "آثار مئات الأشخاص بعد احتجازهم لدى الجنود"، وتابعت "رفعنا عشرات القضايا إلى محكمة العدل العليا، لكنها رفضت مراجعة هذه الحالات، مما يجعل المحكمة أداة لتصديق كل تصريح يصدر عن الجيش والشاباك".

ونوه التقرير في الختام إلى عدم سماح سلطات الاحتلال للصليب الأحمر بزيارة مراكز احتجاز الفلسطينيين منذ بدء العدوان على غزة، الأمر الذي يفاقم معاناة أهالي المفقودين الذين يواجهون صعوبات في معرفة مصير ذويهم، حيثُ أكد التقرير أن "هذه القضية لا تزال عالقة دون حل، حيث تبقى عشرات العائلات الفلسطينية بانتظار أي معلومات حول أحبائها الذين اختفوا أثناء احتجازهم".

وفي السياق، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني في بيان عبر تطبيق "تليغرام" عن استشهاد أربعة معتقلين من غزة في سجون الاحتلال، وذلك بعد يوم واحد على الإعلان استشهاد معتقل فلسطيني، ما يرفع عدد الشهداء المعلن عنهم خلال الـ24 ساعة الماضية إلى خمسة شهداء. وشدد البيان على أن "ما يجري من ارتفاع في أعداد الشهداء الأسرى هو كارثة إنسانية متصاعدة، وتأكيد جديد على ما حذرنا منه أن الاحتلال ودون أدنى اعتبار للبشرية جمعاء يعمل على تصفية الاسرى بشكل ممنهج وعلني".

وأكد البيان المشترك على أن "عامل الزمن اليوم يشكل الحاسم الأساس لمصير الأسرى، وذلك مع استمرار الجرائم الممنهجة وعلى رأسها جرائم التعذيب - غير المسبوقة - بمستواها وكثافتها، والتي ستؤدي إلى نتيجة واحدة فقط هو استشهاد المزيد من الأسرى والمعتقلين"، واصفًا الانتهاكات بحق الأسرى في سجون الاحتلال بأنه "وجه آخر لحرب الإبادة، والهدف منه هو تنفيذ المزيد من عمليات الإعدام والاغتيال والتصفية بحق الأسرى والمعتقلين".

وبحسب بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني يبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال الذين اعترفت بهم إدارة السجون حتى بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أكثر من 10300 أسير فلسطيني، بينهم 89 امرأة، وأكثر من 345 طفلًا، فيما تواصل سلطات الاحتلال فرض جريمة الإخفاء القسري بحق المئات من معتقلي غزة.