22-أبريل-2022
فيضانات

"Getty"

لم تمر سنتان على انتشار فيروس كوفيد-19 وتأثيه على السياحة في غالبية دول العالم، حتّى جاءت السيول والفيضانات لتضرب السواحل في جمهورية جنوب أفريقيا، الواقعة شواطئها على المحيط الهندي، مما تسبب بتعطيل حركة السياحة وخسارة المردود المالي، والذي كانت تأمل بجنيه المنتجعات والفنادق ومراكز الترفيه.

يتوقع العلماء أن العواصف المسببة للفيضانات ستزداد وتيرتها وحدّتها بفعل الاحتباس الحراري وتغير المناخ

أدّت الأمطار الغزيرة في الأيام القليلة الماضية إلى التسبب في حدوث فيضانات وانهيارات طينية. وأسفرت عن مقتل أكثر من 440 شخصًا، وقطع التيار الكهربائي وتوقف إمدادات المياه. كما غطت الفيضانات الشواطئ في مدينة ديربان الساحلية الرئيسية في البلاد، تاركة المنطقة وسط فوضى كبيرة، بحسب ما أفادت وكالة رويترز.

تعطل السياحة

أضافت رويترز إلى أنه "تم إلغاء ثلث الحجوزات في بعض الفنادق، واضطر البعض الأخر إلى إغلاق أبوابه". وأشارت السلطات المحلية أنها كانت تتوقع وصول حوالي 360 ألف شخص إلى المنطقة السياحية المذكورة، لكنها حصلت على أقل من نصف العدد. فيما يشار إلى أن عيد الفصح يعد ثاني أكثر الأعياد ازدحامًا بالسياح في جنوب أفريقيا. يذكر بأن السياحة في جمهورية جنوب أفريقيا لا تزال مصدر توظيف كبير، في البلد الذي يرزح تحت بطالة يزيد معدلها عن 30% من نسبة اليد العاملة فيه.

 ويتوقع العلماء بأن العواصف المسببة للفيضانات سوف تزداد وتيرتها وحدّتها بفعل الاحتباس الحراري وتغير المناخ، خصوصًا في تلك المنطقة المصنفة بكونها عرضة للكثير من العواصف بسبب ارتفاع درجات الحرارة. المدير المالي لإحدى الفنادق المحلية، يوجين نايدو، أشار من أمام فندقه المدمر على مقربة من منطقة ديربان "خرجنا من جائحة كورونا ونحن بأمس الحاجة لعودة السياحة والسياح إلى المنطقة، وكدنا نحقق هدفنا"، وأضاف "لكن الأمطار الغزيرة تسببت بالدمار".

فيضانات

وأشار إلى كون المنطقة بما فيها من طرقات وأبنية باتت ملطخة بالطين بارتفاع يصل إلى نصف متر وأكثر. وقامت الآليات بنقل أكوام من الطين إلى الشواطئ، بينما تناثرت القمامة في الشوارع. أورد نايدو، بأنه هو وغيره من أصحاب المنتجعات السياحية خسروا مداخيل شهرية بسبب الفيضانات، وقدر خسائره بحوالي 1340 دولارًا شهريًا. وأشار إلى أن جميع الحجوزات ألغيت. أما الرئيس التنفيذي لمجموعة فنادق Resort chain Sun International فأشار بالقول "نأمل بان لا تكون العواقب ذات أثر بعيد المدى على السياحة في المنطقة"، بحسب ما أورد موقع msn الإخباري.

شعور بالمرارة!

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية في تقريرها أحوال السكان في المنطقة المنكوبة من الفيضانات، وأشارت في تقريرها إلى تأخر المساعدة بعدما تقطعت بهم السبل للخروج من هذه الكارثة، وهم يشعرون بالمرارة وبأنه تم التخلي عنهم. وعبر العديد من السكان المحليين عن "توترهم وخوفهم بفعل مشاهد الطرقات المغمورة بالمياه والجثث والممتلكات". وأفاد العديد من السكان أنهم استهلكوا طاقاتهم في البحث عن جثث أحبائهم بغية منحهم الجنازات المناسبة، فيما لا يزال هناك العديد من الأشخاص المفقودين.

فيضانات

الشاب براسون خومالو، 24 سنة، صرح للغارديان "أشعر وكأننا قد رُمينا بعيدًا، وكأن السلطة لا تهتم لأمرنا"، وتابع بالقول "لم يأت أحد حتى الأن للاطمئنان علينا. نحن نحاول معالجة الكارثة بأنفسنا، وهذا يزيدنا غضبًا". يقوم براسون خومالو بالعمل على جمع جمع لائحة بأسماء المقيمين في المنطقة ممن هم أكثر حاجة إلى مساعدة، لتقديمها إلى السلطات الحكومية، وخاصة أولئك الذين جرفت منازلهم أو أصبحت غير صالحة للسكن.

نقص في الموارد

صرحت نومبي مخيزي، 42 عامًا، وهي من السكان المحليين، وأم لثلاثة أطفال "لدينا نقص في المياه والكهرباء، وأقوم بإرسال ابني الأكبر لجمع المياه المتسربة من الأنابيب المكسورة بعيدًا عن منزلها". وكان عليها أن تجمع الحطب من أجل الطهي والتدفئة وتسخين المياه للتخلص من الملوثات المحتملة، بالرغم من كونه لا يزال رطبًا بفعل المطر.

فيضانات

خوف وقلق

اعتبرت مخيزي أن للفيضانات ذاكرة أليمة في وجدان سكان المنطقة. وقالت "أنا أرتجف بفعل ما رأيته وعشته"، وأضافت "حتى لو هطلت أمطار قليلة، لكن بسبب الذكريات الحية، نشعر أنها كبيرة". وأشارت إلى أن الخوف تسبب لها بالأرق. يضاف إلى ذلك، فهناك مخاوف وقلق من اقتحام المنازل والتعرض للسرقة وافتعال الجرائم الأخرى التي يرتكبها أشخاص يستغلون الليالي المظلمة.

أضرار بملايين الدولارات

خصصت الحكومة مبلغ 67 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الكارثة. ووفق ما أشار تقرير لصحيفة الإندبندنت البريطانية، فإن قرابة "4 آلاف منزل دمروا جراء الفيضان، وشرد أكثر من 40 ألف شخص، وتضرر نحو 600 مدرسة بأضرار تقدر بنحو 28 مليون دولار".

فيضانات

وكان رئيس البلاد، سيريل رامافوزا، قد ألقى باللوم على التغير المناخي في حصول الفيضانات التي وصفها بأنها "الأعنف منذ 60 عامًا على الأقل". وتعهد رامافوزا بألا تضيع الأموال الحكومية لضحايا الفيضانات بسبب الفساد، مشددًا على أنه "لا مجال للفساد أو سوء الإدارة أو الاحتيال من أي نوع في هذه القضية". غير أن الكثير من المواطنين في البلاد يشككون في إمكانية الالتزام بما أعلن عنه رامافوزا بخصوص أموال الإغاثة، مشيرين إلى تجربة ضياع الأموال المخصصة لمكافحة فيروس كورونا، بفعل تفشي الفساد في البلاد.

فيضانات

وقد أعلنت الحكومة دخول البلاد في حالة "كارثة وطنية"، وأعلنت وزارة الدفاع أنها ستنشر 10 آلاف جنديًا للمساعدة في إزالة الأنقاض وإعادة بناء الجسور المتهدمة، وتوفير المياه النظيفة وإعادة توصيل خطوط الكهرباء المقطوعة وتوفير الملابس والطعام.