09-نوفمبر-2022
انتقادات واسعة لقمة المناخ وأمل محدود بنتائجها (Getty)

انتقادات واسعة لقمة المناخ وأمل محدود بنتائجها (Getty)

بدأت قبل أيام أعمال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 27" في مدينة شرم الشيخ المصرية وسط ضغوط كبيرة على قادة الدول للوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم تجاه مناخ الأرض، فجميع التقارير الرسمية وغير الرسمية تؤكد أن العالم ما زال بعيدًا عن تحقيق هدف "اتفاق باريس" للمناخ عام 2015، والمتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين، فضلًا عن تفاقم تداعيات التغير المناخي صحيًا وبيئيًا.

رافقت المؤتمر انتقادات كثيرة شمل جانب منها أجندة المؤتمر وجانب آخر البلد المستضيف، نظرًا للسجل الحقوقي السيئ للنظام المصري

 كما رافقت المؤتمر انتقادات كثيرة شمل جانب منها أجندة المؤتمر وجانب آخر البلد المستضيف، نظرًا للسجل الحقوقي السيئ للنظام المصري، كما ابتكر نشطاء آخرون أساليب احتجاج جديدة تمثلت في إفساد لوحات الطبيعة كطريقة للاحتجاج في ظل صعوبة تنظيم مظاهرات في البلد المستضيف بسبب القبضة الأمنية ومصادرة الحريات في التنظم وإبداء الرأي.

أبرز أجندة مؤتمر "كوب 27" في شرم الشيخ

انطلق مؤتمر المناخ العالمي يوم الأحد السادس من تشرين الثاني/نوفمبر وتستمر أعماله حتى الـ 18 من نفس الشهر بمشاركة قادة وزعماء وممثلين لما يقرب من 200 دولة، وبحسب هيئة المؤتمر فإن أجندة كوب 27 هي على النحو الآتي: توضيح قواعد ميثاق المناخ العالمي الجديد باتخاذ إجراءات عملية للحد بشكل عاجل من انبعاثات الاحتباس الحراري ومَنع تجاوز درجة حرارة الأرض عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وبناء المرونة، والتكيف مع الآثار الحتمية لتغيّر المناخ، والوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخيّ من الدول المتقدمة لصالح البلدان النامية التي تعدّ من أكبر ضحايا التغير المناخي.

 وفي هذا الصدد يتم النقاش حول تخصيص نحو 100 مليار دولار سنويًا تقدمها الدول المتقدمة إلى الدول الأكثر تضررًا من التغيرات المناخية لتتمكن من التعامل مع عواقب تلك التغيرات التي تدفع البشرية ثمنها صحيًا وبيئيًا، مع الإشارة إلى أن الدول الغنية سبق ونكثت بوعودها برفع مساعداتها إلى 100 مليار دولار سنويًا اعتبارًا من 2020 من أجل خفض الانبعاثات والاستعداد لتداعيات التغير المناخي، لكن المعطى الجديد في المؤتمر الحالي هو الاتفاق في ساعة متأخرة من مساء السبت الماضي على إدراج التعويض على جدول أعمال القمة لأول مرة. حيث كانت الدول الغنية ترفض رفضًا قاطعًا مناقشة التعويض عن الخسائر والأضرار رسميًا على جدول الأعمال.

تحذيرات من التخاذل وشكوك في التغيير  والإنجاز

تأتي التشكيكات من كل حدب وصوب في نيات الدول الكبيرة تجاه قضية المناخ، وحتى لو افترض البعض وجود نية أو مخاوف حقيقية لدى هذه الدول من تداعيات التغير المناخي، فإن التقاعس طبع سلوكها إزاء المطلوب منها عمليًا لتفادي تفاقم أزمة المناخ، فموجات الحر حسب منظمة الصحة العالمية أودت بحياة 15 ألف شخص على الأقل في أوروبا عام 2022، كما طال تأثيرها المحاصيل في وقت ازدادت حدة حرائق الغابات وتفاقم فيه الضغط على شبكات الطاقة في القارة.

وفي سياق التشكيك في إرادة القوى الكبيرة دوليًا، حذّر الأمين التنفيذي لتغير المناخ بالأمم المتحدة سيمون ستيل من "التقاعس" عن الحد من الاحترار العالمي وهدف خفض انبعاثات الاحتباس الحراري بنسبة 45% بحلول عام 2030، للحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية. متابعًا القول: "سنحاسب الناس سواء كانوا رؤساء أو رؤساء وزراء أو رؤساء تنفيذيين"، دون أن يبيّن طريقة تلك المحاسبة أو وسائلها.

المضيف المصري للمؤتمر وعلى لسان وزير الخارجية سامح شكري دندن هو أيضًا حول ذات التوجه، عندما قال "حان الوقت للانتقال من المفاوضات والتعهدات إلى مرحلة يحظى فيها التنفيذ بالأولوية"، مضيفًا "أننا لا نملك ترف الاستمرار على هذا النهج".

تسند هذه الشكوك وحالة التشاؤم بشكل عام تقارير أممية آخرها تقرير صادر عن الأمم المتحدة أكّد ضآلة نتائج تعهدات الدول بخفض الانبعاث منذ العام الماضي، التي جاءت في مؤتمر غلاسكو بأسكتلندا 2021، حيث لم يحدث إلا فرق ضئيل في الانبعاثات المتوقعة لعام 2030، وهذا يعني أن العالم ما يزال بعيدًا، حسب تقرير الأمم المتحدة المتشائم، عن تحقيق هدف "اتفاق باريس" للمناخ عام 2015، والمتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين.

تقريرٌ آخر صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية نشر بالتزامن مع "مؤتمر كوب 27" أكّد "تسارع في وتيرة ارتفاع مستوى مياه البحار وذوبان الأنهر الجليدية والأمطار الغزيرة وموجات الحر والكوارث القاتلة التي تتسبب بها".

ودفع ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش إلى القول:"مع انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ كوب 27 يوجه كوكبنا نداء استغاثة"، واصفًا تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بأنه "سرد لفوضى مناخية"، محذّرا البشرية من "انتحار جماعي".

انتقادات وطرق مبتكرة للاحتجاج

بدأت المؤتمرات الدولية للمناخ في العام 1992 مع قمة الأرض في ريو دي جنيرو البرازيلية، ومنذ ذلك التاريخ تواكِب مؤتمرات المناخ الدولية احتجاجاتٌ ومسيرات ينظّمها نشطاء المناخ وحماية البيئة والأرض. لكن مع استضافة بلد مثل مصر لقمة المناخ هذه السنة وما رافق ذلك القرار من رفض بسبب سجلها الحقوقي، ابتدع نشطاء المناخ أشكالًا جديدة من الاحتجاجات، حيث اعتمدوا على إفساد لوحات الطبيعة طريقةً للاحتجاج هذه السنة.

بدأت المؤتمرات الدولية للمناخ في العام 1992 مع قمة الأرض في ريو دي جنيرو البرازيلية، ومنذ ذلك التاريخ تواكِب مؤتمرات المناخ الدولية احتجاجاتٌ ومسيرات ينظّمها نشطاء

 وينطلق هذا النشاط الاحتجاجي من فكرة مفادها أن التقدير الذي تحاط به هذه اللوحات الطبيعية التي يصل سعر بعضها ملايين الدولارات لا يجب أن تكون أهم أو أكبر ثمنًا من الطبيعة الحقيقية التي تستحق فعلًا العناية الشديدة التي تلقاها تلك اللوحات. كما يدعو هؤلاء النشطاء إلى تخصيص الأموال المهدورة على اللوحات على البيئة الحقيقية ورعايتها. كما ينتظر تنظيم احتجاجات في أكثر من بلد غربي للضغط على المجتمعين في شرم الشيخ.