ألقى تقرير مفصل ومؤلم، نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الضوء على أزمة إنسانية تتعلق بأوضاع النساء الحوامل في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي المستمر.
التقرير الذي صدر، الثلاثاء 29 يناير/كانون الثاني 2025، وحمل عنوان "خمسة أطفال في حاضنة واحدة: انتهاكات حقوق النساء الحوامل أثناء الهجوم الإسرائيلي على غزة"، ركز على الواقع الكارثي الذي يعيشه القطاع المحاصر، خاصة على النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل العدوان الإسرائيلي.
تقول "هيومن رايتس ووتش" إن تدمير البنية التحتية الطبية، من قصف المستشفيات إلى استهداف طرق الوصول إليها، أدى إلى "كارثة إنسانية غير مسبوقة". الأمهات الحوامل وأطفالهن حديثي الولادة هم الأكثر عرضة للخطر في هذا الوضع
المرافق الصحية تنهار أمام تصاعد الهجمات
وفقًا للتقرير، أدى الحصار الإسرائيلي المستمر منذ سنوات طويلة، وتصعيد العمليات العسكرية على القطاع، إلى شلل شبه كامل في القطاع الصحي بغزة. وأوضح التقرير أن من بين 18 مستشفى رئيسيًا في غزة، هناك 7 فقط قادرة جزئيًا على تقديم خدمات الطوارئ للولادة ورعاية الأطفال حديثي الولادة، إلى جانب 4 مستشفيات ميدانية ومركز صحي مجتمعي واحد فقط.
شدّدت "أطباء بلا حدود" على إدانتها: "حكم الإعدام الصادر بحق المدنيين المحاصرين حاليًا في #مستشفى_الشفاء والمذيل بتوقيع الجيش الإسرائيلي".
⬇️تابعنا عبر قنواتنا:
🚨تيليغرام: https://t.co/x0aLSpvB0z
🚨واتساب: https://t.co/TsHIHXYWv4#Gaza #افتحوا_المعبر #OpenRafahCrossing pic.twitter.com/dLM9hs5bmN— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 12, 2023
في هذا السياق، تقول "هيومن رايتس ووتش" إن تدمير البنية التحتية الطبية، من قصف المستشفيات إلى استهداف طرق الوصول إليها، أدى إلى "كارثة إنسانية غير مسبوقة". الأمهات الحوامل وأطفالهن حديثي الولادة هم الأكثر عرضة للخطر في هذا الوضع. العديد من النساء الحوامل لم يكن لديهن خيار سوى الولادة في ظروف قاسية، تفتقر إلى المعدات الأساسية وحتى الأدوية الضرورية لتخفيف الألم.
شهادات مريرة: بين الحرب والمخاض
استند التقرير إلى مقابلات مع 17 امرأة، بينهم 8 نساء حوامل عشن تجربة الولادة خلال العدوان. تحدثت هؤلاء النسوة عن تجاربهن في ظل قصف مستمر ونقص كامل في الغذاء والمياه النظيفة. إحدى النساء قالت إنها اضطرت إلى الولادة في منزل شبه مدمر لأنها لم تتمكن من الوصول إلى أي مستشفى.
من الشهادات التي نقلتها "هيومن رايتس": "وضعت طفلي على أرض باردة. لم يكن هناك أي مساعدة طبية.. سمعت صوت القصف يقترب. شعرت بالرعب من أنني قد أفقد حياتي أو حياة طفلي في أي لحظة."
"وضعت طفلي على أرض باردة. لم يكن هناك أي مساعدة طبية"، تروي سارة (اسم مستعار)، وهي أم فلسطينية في الثلاثينيات من عمرها، للمنظمة. وتضيف: "سمعت صوت القصف يقترب. شعرت بالرعب من أنني قد أفقد حياتي أو حياة طفلي في أي لحظة.".
في حالة أخرى، قالت أم لطفلين إن طفلتها المولودة حديثًا لم تجد مكانًا في الحاضنة بسبب اكتظاظ قسم حديثي الولادة. "كان هناك خمسة أطفال في حاضنة واحدة. الأطباء كانوا يحاولون فعل المستحيل، لكن لا يمكنهم توفير الأكسجين الكافي لكل طفل"، تضيف.
تخوفات كبيرة تحيط بمستقبل النساء الحوامل وأجنتهن في شمال القطاع الذي يتعرض لإبادة وتطهير عرقي منذ 29 يومًا.
اقرأ أكثر: https://t.co/lPeFrPnjTz pic.twitter.com/jd5JifQmKN— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 2, 2024
انتهاكات تتخطى الحدود الإنسانية
تطرق التقرير إلى عوائق إضافية ناجمة عن الحصار الإسرائيلي، مثل إغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات الطبية الأساسية. النساء اللواتي يحتجن إلى عمليات قيصرية طارئة لم يتمكنّ من الوصول إلى المستشفيات، مما أدى إلى مضاعفات صحية خطيرة، بل وحتى حالات وفاة.
تطرق تقرير "هيومن رايتس ووتش" إلى عوائق إضافية ناجمة عن الحصار الإسرائيلي، مثل إغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات الطبية الأساسية. النساء اللواتي يحتجن إلى عمليات قيصرية طارئة لم يتمكنّ من الوصول إلى المستشفيات، مما أدى إلى مضاعفات صحية خطيرة، بل وحتى حالات وفاة
كما تسبّب الهجوم الإسرائيلي في تهجير قسري لأكثر من 90 % من سكان غزة، وكان التهجير متكرّرًا في كثير من الأحيان، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة. ونتيجة لذلك، عادة ما يستحيل إعلام النساء بالأماكن التي يمكنهن التوجه إليها للحصول على خدمات صحيّة بشكل آمن، وكثيرًا ما يصعب عليهن الوصول إلى الخدمات القليلة المتاحة. التهجير المستمر للسكان في ظل تغيير ما يسمى بـ"المناطق الآمنة"، وبسبب أوامر الإخلاء العسكرية المتكرّرة، جعل من شبه المستحيل على الشبكات المجتمعية أن تقوم بدورها وعلى العاملين والمتطوعين في الرعاية الصحية متابعة حالات الحمل واحتياجات الأسر بشكل فردي. ونتيجة لذلك، نادرًا ما تمكنت النساء والمواليد الجدد من الحصول على خدمات المتابعة ورعاية ما بعد الولادة.
يشير التقرير إلى أنه من أذار/مارس إلى نيسان/أبريل 2024، أجرت "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" مسحًا لـ 305 امرأة في محافظات غزة أو مناطقها الخمس، شمل 37 امرأة حاملًا. من هؤلاء النساء الحوامل، تعرّضت 68 % منهنّ لمضاعفات طبية. ومن بين هؤلاء أيضًا، قالت 92 % إنه كانت لديهن التهابات في المسالك البولية، و76 % فقر الدم، و44 % اضطرابات ارتفاع ضغط الدم، و28 % مخاض مبكر. ومن المخاوف الأخرى التي عبّرن عنها النزيف (20%)، والنزيف الحاد (16%)، ووضع طفل ميت (12%). يلفت التقرير إلى أنه قبل تشرين الأول/أكتوبر 2023، كانت معدلات هذه المضاعفات الطبية أقل بكثير.
ردود فعل دولية: انتقادات تتصاعد
دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إسرائيل إلى رفع الحصار المفروض على غزة فورًا ووقف استهداف المرافق الطبية. كما وجهت نداءً إلى المجتمع الدولي بضرورة التدخل العاجل.
شاهد | ظروف صعبة جدًا على النساء في #غزة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع. pic.twitter.com/ubMWaHh30n
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 23, 2024
تقول المديرة المشاركة لقسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في "هيومن رايتس ووتش"، بلقيس والي: "الهجمات الإسرائيلية على المرافق الصحية ليست مجرد أعمال عدوان عشوائية؛ إنها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني. ما يحدث في غزة يتجاوز الأزمة الإنسانية؛ إنه أزمة حقوق إنسان حقيقية".
التقرير أشار أيضًا إلى دور المجتمع الدولي في هذه الكارثة. فالدعم المستمر لإسرائيل من بعض القوى الكبرى يغذي الانتهاكات، بينما يتجاهل محنة الفلسطينيين. "لا يمكن أن نسمح باستمرار هذه الجرائم دون محاسبة"، تقول المنظمة في تقريرها.
تحديات دولية: ما الذي يجب فعله؟
التقرير لم يكتف بتوثيق المعاناة فقط، بل أشار إلى أن الحلول الممكنة تبدأ برفع الحصار والسماح بدخول الإمدادات الطبية. كما دعا الدول الكبرى إلى الضغط على إسرائيل لاحترام القانون الدولي الإنساني.
"لن نسكت": أصوات من داخل غزة
رغم القصف والمعاناة، لم تفقد النساء الفلسطينيات الأمل في غد أفضل. تقول مريم، التي فقدت ابنها الأول بسبب نقص الرعاية الصحية أثناء الولادة: "كل ما أريده هو أن أعيش بسلام، أن أنجب طفلي القادم في مكان آمن. نحن لسنا أرقامًا؛ نحن بشر."
كارثة إنسانية أم مسؤولية دولية؟
تقرير "هيومن رايتس ووتش" يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته. النساء اللواتي عانين تحت القصف وفي المستشفيات المدمرة يطالبن بالعدالة. هل سيستجيب العالم لهذه الأصوات؟ أم سيستمر في تجاهل معاناة غزة؟