27-مارس-2023
getty

ساهمت إقالة وزير الأمن في انطلاق مظاهرات واسعة احتجاجًا على خطة "إضعاف القضاء" (Getty)

صادقت لجنة الدستور في الكنيست الإسرائيلي، صباح اليوم الإثنين، على قانون لتغيير تشكيل لجنة اختيار القضاة، والذي يُعد من أبرز بنود خطة "إضعاف القضاء" في إسرائيل، وذلك بعد ليلة طويلة من الاحتجاجات في دولة الاحتلال.

أعلن رئيس الهستدروت -أكبر نقابة عمالية في إسرائيل-، عن الإضراب المفتوح في القطاعات التي يمثلها بما في ذلك المصانع والمجمعات التجارية، كما أعلنت نقابة الأطباء الإسرائيلية الإضراب وذلك حتى يتم إلغاء خطة "إضعاف القضاء"

ومر التصويت في لجنة الدستور بأغلبية 8 مؤيدين مقابل 7 معارضين، وبذلك رغم الاعتراضات الحادة في داخل اللجنة والمظاهرات الواسعة في الشوارع، بالإضافة إلى توقعات بإيقاف نتنياهو لخطة "إضعاف القضاء".

وبعد الإعلان عن خطاب لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، صباح اليوم الإثنين، كان من المتوقع فيه تجميد خطة "إضعاف القضاء"، تم تأجيل الخطاب، وذلك بعد تهديدات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بإسقاط الحكومة.

وشهدت إسرائيل موجة واسعة من المظاهرات، عقب إقالة وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، انطلقت مظاهرات واسعة في إسرائيل، شملت إغلاق طرق رئيسية والإعلان عن إضراب مفتوح في الجامعات الإسرائيلية، مع انتظار خطوات عدة، تأتي كلها لمعارضة خطة "إضعاف القضاء"، التي يسعى اليمين إلى تشريعها وتغيير النظام القضائي في دولة الاحتلال.

getty

وعن خلفية إقالة غالانت التي أشعلت موجة واسعة من المظاهرات خلال الساعات التي تلتها، فقد جاءت نتيجة تصريحات دعا فيها إلى وقف تشريعات "الانقلاب القضائي"، قائلًا: إن "الاحتجاجات التي خرجت على مستوى إسرائيل ضد التعديلات، وانضم لها عدد متزايد من جنود الاحتياط، تؤثر على عمل القوات النظامية وتهدد الأمن القومي"، وأضاف "لن أجعل ذلك يسيرًا"، في إشارة إلى احتمال امتناعه عن التصويت على التصديق على مشروع القانون، إذا ما تم تمريره هذا الأسبوع.

وبعد هذه التصريحات اتخذ نتنياهو قرارًا بإقالة غالانت، وعن خلفية ذلك نقل موقع أكسيوس الأمريكي، عن مصادر إسرائيلية مطلعة، إشارتها إلى أن نتنياهو اتهم وزير الأمن بتقويض جهود التوصل إلى حل وعدم التنسيق قبل إعلان تصريحاته، حيث قال نتنياهو إنه فقد الثقة بغالانت لأنه "يعمل ضد الائتلاف الحاكم".

وتصريحات غالانت، جاءت نتيجة موجة واسعة من رفض الخدمة العسكرية الاحتياطية في حال تم تمرير خطة "إضعاف القضاء"، وعقب إحاطة أمنية قدمها مسؤول أمني قبل ساعات من إقالة غانتس، أشار فيها إلى أن خطة "إضعاف القضاء"، تساهم في التهديدات الأمنية وتشكل خطرًا كبيرًا على الجيش.

وأعلن رئيس الهستدروت -أكبر نقابة عمالية في إسرائيل-، عن الإضراب المفتوح في القطاعات التي يمثلها بما في ذلك المصانع والمجمعات التجارية، كما أعلنت نقابة الأطباء الإسرائيلية الإضراب وذلك حتى يتم إلغاء خطة "إضعاف القضاء".

المتظاهرون يسيطرون على الشوارع

من جانبه، قال مسؤول أمني إسرائيلي إن الشرطة فقدت السيطرة على المتظاهرين الذين خرجوا في أنحاء مختلفة من المدن الإسرائيلية، احتجاجًا على قرار رئيس الوزراء بإقالة وزير الأمن.

كما نقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول كبير في الشرطة رفض الكشف عن هويته قوله، لقد "فقدنا السيطرة على الاحتجاجات". فيما قال ضابط آخر، "ما يحدث في الخارج الآن هو جنون"، وأضاف من يظن أنه سيتمكن من تهدئة تصاعد الأحداث، برش المياه على المتظاهرين هو مخطئ".

أما صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقالت إن الشرطة تمكنت من إخلاء المتظاهرين من مفرق أيالون، بعد إغلاقه لمدة خمس ساعات، ووقوع اشتباكات بين الطرفين.

getty

تنديد بقرار الإقالة

أثارت إقالة وزير الأمن الإسرائيلي ردود فعل غاضبة على المستوى السياسي، فقد اعتبر رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، الإقالة بأنها "خطوة جديدة تمس بالأمن القومي من حكومة معادية للصهيونية". وتابع لابيد، "بإمكان نتنياهو إقالة غالانت، لكنه لن يستطيع إقالة من يواجهون جنون الائتلاف الحاكم"،  ووصف نتنياهو بأنه "خطر على أمن إسرائيل".

من جهته، حذر وزير الأمن الإسرائيلي السابق بيني غانتس من أن إسرائيل تواجه "خطرًا واضحًا وفوريًا وملموسًا"، وأضاف "لا يمكن أن يكون أمن الدولة ورقة في اللعبة السياسية"، معتبرًا أن نتنياهو "تجاوز خطًا أحمر الليلة"، ودعا "وزراء وأعضاء حزب الليكود إلى عدم المساعدة في سحق الأمن القومي". 

أما وزير العدل الإسرائيلي السابق والقيادي في معسكر الدولة جدعون ساعر، المنشق عن حزب الليكود، فقال إن "إقالة غالانت قرار مجنون لا سابق له، ونتنياهو مصمم على دفع إسرائيل للهاوية"، متابعًا: "كل يوم إضافي يقضيه في منصبه يعرض إسرائيل ومستقبلها للخطر".

بدوره، نشر أفيغدور ليبرمان، الذي كان في وقتٍ سابق حليفًا لنتنياهو، مجموعة التغريدات، جاء فيها "نتنياهو اختار طريق كل الطغاة"، مضيفًا: "إقالة غالانت يجب أن تكون إنذارًا حقيقيًا لجميع أعضاء الائتلاف"، وتابع "لن أتفاجأ إذا كانت الخطوة التالية لنتنياهو هي إقالة رئيس الأركان هرتسي هليفي".

وقال عضو الكنيست غادي أيزنكوت، لقد "أثبت نتنياهو أن أمن إسرائيل ليس على قائمة أولوياته"، وأضاف "إقالة غالانت هي وصمة عار على إرث نتنياهو ورهان خطير على حياتنا كلها".

بالمقابل، رحب وزير الأمن إيتمار بن غفير بالقرار، قائلًا: "من يخضع ويفشل في مهامه لا يمكنه البقاء في منصبه ولو للحظة، إنني أهنئ الرئيس نتنياهو على قراره إقالة غالانت"، وغرد "الإصلاح الآن"، في إشارة إلى دعم استمرارية خطة "إضعاف القضاء". 

وطالب بن غفير السبت من نتنياهو إقالة غالانت بعد تصريحاته ضد قانون "الانقلاب القضائي".  

getty

موجة احتجاجات

على المستوى الرسمي، أعلن قنصل إسرائيل في نيويورك، عساف زامير عن استقالته احتجاجًا على قرار نتنياهو بإقالة وزير الأمن، وكتب زامير تغريدة نشرها حسابه الرسمي على تويتر، "أنا أستقيل".

ومن المتوقع أن يحل محل غالانت، وزير الزراعة والرئيس السابق للشاباك آفي ديختر، الذي دعا في الأيام الأخيرة إلى تأجيل التشريع، لكن موقفه قد يتغير خلال الفترة القادمة.  

نتنياهو قد يوقف التشريع

هذا وتحدثت مصادر في حزب الليكود للقناة "الإسرائيلية 12" عن  أن نتنياهو ووزراء كبار من الليكود يدعمون وقف التشريع، بالإضافة لرئيس حزب شاس أرييه درعي، إلا أن وزير العدل ياريف ليفين، هدد بالاستقالة في حال إيقاف مشروع القانون، بالإضافة إلى دعم أحزاب الصهيونية الدينية والأحزاب المتشددة دينية للخطة.

في سياق متصل، قالت هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، إن قيادة أركان جيش الاحتلال تبحث صباح اليوم أبعاد وتداعيات إقالة وزير الأمن غالانت.

وتسعى حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو إلى إجراء عملية إصلاح/ انقلاب واسعة النطاق في النظام القضائي في إسرائيل. ويعتزم نتنياهو، المتهم بقضايا "فساد وخيانة الأمانة"، ويُحاكم بسببها منذ أعوام، عبر هذه الإصلاحات التي يقودها وزير القضاء ياريف ليفين، إلى الحد من صلاحية الجهاز القضائي والمحكمة العليا، وتعزيز دور الحكومة، وفي إسرائيل يعتبر القضاء، وتحديدًا المحكمة العليا، الضابط الوحيد للفصل بين السلطات.

وتتضمن خطة إضعاف القضاء تشريعًا سيسمح للكنيست الإسرائيلي بإلغاء قرارات المحكمة العليا بأغلبية 61 عضوًا، حيث أن المحكمة العليا حاليًا، تمتلك القدرة على إلغاء أيّ تشريع في دولة الاحتلال، يتناقض مع قوانين الأساس (الدستور). بالإضافة إلى ذلك، سيتم منح أعضاء الكنيست تمثيلًا أكبر في اللجنة التي تعين قضاة المحكمة العليا.

تسعى حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو إلى إجراء عملية إصلاح/ انقلاب واسعة النطاق في النظام القضائي في إسرائيل

كما سيتم توسيع لجنة اختيار القضاة لتضم 11 عضوًا، بدلًا من تسعة أعضاء، حيث تتألف اللجنة حاليًا من 3 قضاة من المحكمة العليا، و2 من المحاميين، ووزيرين وعضوين من الكنيست، والهدف في هذه الجزئية زيادة حصة أصحاب المناصب السياسية على حساب أصحاب المناصب المهنية، إلى جانب تعديلات أخرى.