26-فبراير-2016

سيطرت قوات حفتر لأوّل مرة منذ اندلاع "عملية الكرامة" على جميع محاور المدينة (عبد الله دوما/أ.ف.ب)

بينما توجه الأنظار هذه الأيام نحو مدينة صبراتة، غرب ليبيا، بعد الضربة العسكرية الأمريكية التي استهدفت مقرّا لتنظيم داعش، تشهد التوازنات العسكرية بين أطراف النزاع في بنغازي، ثاني أكبر مدن البلاد، تغييرات جذرية وذلك بعد سيطرة قوات حفتر لأوّل مرة منذ اندلاع "عملية الكرامة" على جميع محاور المدينة. وتتوازى هذه التطوّرات العسكرية شرق ليبيا وغربها، مع فشل مجلس النواب في منح الثقة لحكومة التوافق الوطني لعدم اكتمال النصاب.

تشهد التوازنات العسكرية بين أطراف النزاع في بنغازي الليبية، تغييرات جذرية وذلك بعد سيطرة قوات حفتر على جميع محاور المدينة

ولا تواجه قوات حفتر مجموعات "تنظيم الدولة" فقط في بنغازي، بل كذلك قوات "مجلس شورى ثوار بنغازي"، الرافضة لعملية الكرامة، والتي تلقى دعمًا سياسيًا من حكومة طرابلس، التي دعت، بدورها، إلى إيقاف ما أسمتها بـ "الهجمة الشّرسة" على بنغازي وكذلك أجدابيا.

اقرأ/ي أيضًا: التدخل العسكري في ليبيا.. هل بدأ قرع الطبول؟

وحول سؤال إذا ما تلقت قوات حفتر دعمًا عسكريًا غربيًا غير معلن عنه لتحقيق تقدّمها الأخير، تؤكد صحيفة لومند، واسعة الانتشار في فرنسا، وجود قوات فرنسية خاصة شرق البلاد، وهو ما نفاه وزير الدفاع الفرنسي، جون ايف لودريان، الذي أمر بفتح تحقيق ضد الصحيفة من أجل "انتهاك سرية الدفاع القومي".

من جانب آخر، أكّد خليفة حفتر في كلمة تلفزيونية أن "العملية العسكرية الأخيرة تم التخطيط لها قبل سنة". فيما شدّد آمر القوات الخاصة الصاعقة العقيد ونيس بوخمادة على "عدم وجود أي قوات فرنسية في بنغازي". وفي السياق ذاته، أعلن المجلس البلدي لمدينة بنغازي عطلة رسمية بيومين لـ"تخفيف الازدحام في المدينة وتسهيل حركة الجيش". كما أصدرت الحكومة المؤقتة في طبرق قرارًا بإنشاء "صندوق إعمار مدينة بنغازي والمدن المنكوبة".

ويشير مراقبون إلى أنه لا يمكن فصل تغيّر التوازنات العسكرية في بنغازي عن تطوّرات المشهد السياسي خاصّة فيما يتعلّق بعدم منح مجلس النواب بعد الثقة لحكومة التوافق، والتي رفض ثلث أعضاء المجلس الرئاسي الموافقة عليها من بينهم علي القطراني الذي يوصف بأنّه ممثّل "عملية الكرامة" في هذا المجلس. حيث اعتبر القطراني أن "الحكومة المقترحة لا تلبّي مطالب إقليم برقة، شرق البلاد، ولا تحصّن الجيش الليبي".

وفي هذا الإطار، وبعد عدم منح مجلس النواب الثقة للحكومة لعدم اكتمال النصاب، أعلن 102 نائبًا عن توقيعهم عريضة منح الثقة، تم إرسالها للمجلس الرئاسي وللبعثة الأممية، وذلك في انتظار عقد جلسة جديدة للبرلمان يوم الاثنين القادم. وتحتاج الحكومة لموافقة 99 نائبًا على الأقل، وهو ما يعني عمليًا توفّر الأغلبية لمنح الثقة لها عبر هذه العريضة، وذلك ما لم تحدث تطوّرات إلى غاية عقد الجلسة الرسمية المنتظرة. في المقابل، دعا أكثر من 70 نائبًا لإسقاط المجلس الرئاسي.

من جهة أخرى، يبدو أن الغارة الأمريكية الأخيرة على مقرّ لـ"تنظيم الدولة" في صبراتة، قد أطلقت الرصاصة المُنتظرة لتندلع المواجهات على الأرض، بين قوات التنظيم من جهة والمجموعات العسكرية المحليّة من جهة أخرى، في كرّ وفرّ متواصل، حيث بعد إعلان التنظيم سيطرته على وسط المدينة ومقرّات أمنية، أعلن المجلس البلدي للمدينة استعادة السّيطرة على هذه المقرّات في وقت لاحق.

بعد الغارة الأمريكية في صبراتة، لا يستبعد مراقبون انطلاق التدخل العسكري في ليبيا في شكل دعم لوجستي مع غارات جوية محدّدة الأهداف

كما أعلن المجلس البلدي في بلاغ له عن إعلان "عملية النفير والطوارئ" وذلك بتشكيل غرفة عمليات موحدة لقيادة العملية العسكرية ضد عناصر التنظيم، تضمّ مقاتلين من المدينة إضافة إلى مقاتلين من مدن مجاورة على غرار الزاوية وصرمان.

اقرأ/ي أيضًا: هل التدخل العسكري ضرورة حتمية في ليبيا؟

وتأتي هذه التطوّرات العسكرية في ظلّ جدل حول تدخّل عسكري غربي، بات عنوانًا رئيسيًا لحركية ديبلوماسية نشطة حول ليبيا. ففي تصريح لافت، أعلن وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني "عدم نيّة بلاده المشاركة في عملية هجومية في ليبيا بالتعاون مع الولايات المتحدة". وبالتوازي مع تقارير صحفية حول وجود قوات أجنبية لدعم لوجيستي للقوات الليبية المنتشرة في شرق البلاد، وبعد الغارة الأمريكية في صبراتة، لا يستبعد مراقبون الانطلاق العملي للتدخل العسكري في شكل دعم لوجيستي مع غارات جوية محدّدة الأهداف. وذلك خاصّة مع تقهقر قوات "تنظيم الدولة" في بنغازي وصبراتة على حدّ السواء.

من جانب آخر، قد لا تتأتى التطورات الأخيرة إلا في إطار خطة عسكرية تستهدف طرد التنظيم من المناطق التي لا يسيطر عليها بصفة كلية، بغية محاصرته في مركزه بمدينة سرت، والتي قد تكون المسرح الوحيد لتدخل عسكري أجنبي.

اقرأ/ي أيضًا:

المحاصصة المناطقية في ليبيا.. الخطر الأكبر

داعش يحفز العالم للتدخل السريع في ليبيا؟!