23-يوليو-2019

الكاتبة والروائية الروسية لودميلا بيتروشيفسكايا

ألترا صوت - فريق التحرير

تحت عنوان "صبيّة من متروبول" (دار المدى، ترجمة تحسين رازق عزيز، 2019) صدرت رواية الكاتبة والروائية الروسية لودميلا بيتروشيفسكايا وهي الرواية الأولى المنقولة إلى اللغة العربية، من بين روايات وأعمال الشاعرة والمسرحية والفنّانة التشكيلية المولودة سنة 1938.

تُعرف لودميلا بيتروشيفسكايا ككاتبة مسرحية أكثر منها روائية، رغم أنّها بدأت مسيرتها الأدبية بكتابة القصّة القصيرة مطلع ستينيات القرن الماضي

تُعرف لودميلا بيتروشيفسكايا ككاتبة مسرحية أكثر منها روائية. ورغم أنّها بدأت مسيرتها الأدبية بكتابة القصّة القصيرة مطلع ستينيات القرن الماضي، إلّا أنّها اتّجهت فيما بعد نحو المسرح، حيث أنجزت عددًا من المسرحيات، منها ما ظلّ على ورق المجلّات والصحف، ومنها ما تحوّل إلى عروضٍ مسرحية في مسارح العاصمة موسكو. لكنّ شهرتها الفعلية كمسرحية لم تتحقّق إلّا بعد عرض عددٍ من مسرحياتها على خشبة مسرح "المعاصر" الشهير.

اقرأ/ي أيضًا: مكتبة محمد ديبو

تُحاول لودميلا بيتروشيفسكايا في "صبيّة من متروبول" أن تروي حكايتها بشكلٍ غير مُباشر، أن تضع قارئها أمام الطريق الشائك الذي سلكته إلى أن وصلت إلى ما هي عليه، لا سيما أدبيًا. هكذا، ستحكي عن قطعة الخبز الذي كانت تحصل عليها وهي في سن السابعة من العمر، مُقابل استعراضاتٍ أدبية تؤدّيها بين الأفنية والمنازل. وكذلك عن القصص الخيالية حول اليد السوداء التي تمتدّ نحوها في غرفة النوم في دار رعاية الأطفال، تلك التي سوف تشكّل خزّانًا أو بئرَ حكاياتٍ لا ينضب، تنهل منه تفاصيل وأحداث دفعت بها لتكون ما هي عليه الآن.

من دار رعاية الأطفال تنتقل الكاتبة إلى مرحلة المدرسة ومن بعدها الجامعة، وتنتقل بالزمن سريعًا لتصل إلى البدايات؛ بدايات مسيرتها الأدبية، وأوّل عملٍ إذاعي لها، وكذلك أوّل مسرحية كتبتها. وبين هذه الأزمنة التي لا تكفّ عن التنقّل بينها، وجلب حكايةٍ من هنا وحدثٍ من هناك، تُمرّر بيتروشيفسكايا مواقف وحكاياتٍ هزلية عن المجتمع البوهيمي في الداخل والخارج. وفي حديثٍ سريع لـ "ألترا صوت"، يصف تحسين رازق عزيز، مترجم العمل، الرواية بأنّها مساحة مفتوحة لأولئك الذين يودّون استكشاف فضاء الأدب والمسرح والفن. ناهيك عن أنّها حكاية تسرد "الكيفية التي رعت فيها صبية صغيرة أحلامها لتغدو كاتبة مرموقة ومعروفة ومحبوبة، ومدى صعوبة الطريق نحو الإبداع الحر غير المحدود".

مقطع من الرواية

بعد عامين تقريبًا من تلك الحوادث التي وصفتها، عاد أقاربي إلى المنزل ورأوا أن الباب المؤدي إلى غرفهم ما زال مختومًا. وهذا يعني، أنَّ جدتي وصلت قبلهم، وجعلت تطرق الباب، ولَم يُفتَح لها، فقفلت عائدةً، وغادرت تلك الشقة نهائيًّا، من دون أن تنبس ببنت شفة. اقتربت فافا، التي كانت تسير من الخلف، من الباب ورأيت هناك على المقابض لُفَّ سلك، وعلى السلك معلَّق ختم. ربما، لو أنهم عادوا إلى المنزل في وقت سابق، لكانوا قد اعتُقِلوا بالفعل. لكنهم تأخروا كالعادة. عائلتنا تتأخر إلى الأبد، من جيل إلى جيل.

 لقد اختفى من منزلهم، من فندق "متروبول"، العديد من الناس.

لذلك ودَّعَتْ فافا جارتها الساكنة في الغرفة الملاصقة لجدار غرفتهم، التي لا تتذكر لقب عائلتها بالضبط، ربما لقبها كاليغينا أو لقب مشابه له. كانت سكرتيرة اللجنة الإقليمية وكثيراً ما جاءت إلى موسكو إلى غرفتها في فندق "متروبول"، مع فريق متكون من عدد من المساعدين الذكور.

في تلك المرة، دخلت فافا الشقة ورأت جارتها، برفقة اثنين من الرجال: أحدهما يرتدي بدلة عسكرية يسير أمامها، والآخر في ملابس مدنية يسير خلفها. ألقت عليها فافا التحية بفرح. حوَّلت كاليغينا وجهها عنها وعضَّت على شفتيها.

وقالت فافا لأمها:

- اقتيدت آنّا ستيبانوفنا بين رجلين.

لم تُعِر جدتي لها بالًا، وحتى لم تومئ برأسها.

لقد خرجوا من دون الملابس والحاجيات والكتب، بعد أن فقدوا الأثاث والبطانيات والأواني، ناهيك عن اللوحات، وجاءوا إلى ديديا، إلى إليا سيرغييفيتش فيغير، في المدخل المجاور لفندق "متروبول"، واستقروا معه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوار| رشا عمران: لم يستطع أي عملٍ أدبي أو فنّي حتّى الآن أن يُحيط بسوريا

نبيل سليمان في رواية "تاريخ العيون المطفأة".. وجهات العمى