06-مارس-2018

خديجة طنانة/ المغرب

من المخاوف التي أثارها وصول حكومة "العدالة والتّنمية" للحكم في المغرب، وفق الإصلاحات السّياسية التي تضمّنها الدّستور الجديد، الذي فرضته ضغوطات الرّبيع العربي، أن تلجأ هذه الحكومة إلى التضييق على الحريّات الفنية، في بلد ذي نزعة متوسطية، وله في استقبال الفنون الغربية بمفهومها الكونيّ رصيد لا يخفى.

أقدمت وزارة الثقافة المغربية على سحب لوحة للفنّانة خديجة طنانة، من معرض يفترض أنه يبقى مستمرًّا حتى نيسان/أبريل

غير أنّ حكومة عبد الإله بن كيران ثم سعد الدين عثماني من بعده، حاولت أن تنفي هذا الحكم الجاهز، من خلال ظهورها مشجّعة للفنّ والفنّانين، بحيث أسندت حقيبة وزارة الثّقافة لحزب يساري، واستمرّت في تمويل صندوق دعم الفنون والآداب ورعاية الملتقيات والمهرجانات الثقافية والفنية، بما في ذلك المهرجانات المتحرّرة فنّيًا مثل مهرجان "موازين" الموسيقي. وهي المرونة التي جعلت الفنانين المغاربة يتعاملون معها بحذر رغم مرور سنوات.

اقرأ/ي أيضًا: عن الفن.. اقتراح للخلاص من القشعريرة

غير أن هذا الحذر تحوّل إلى مخاوف حقيقية من جديد، بإقدام وزارة الثقافة على سحب لوحة للفنّانة التشكيلية خديجة طنانة، من معرض يفترض أنه يبقى فاتحًا أبوابه حتى منتصف حتى نيسان/أبريل الدّاخل في مدينة تطوان، بحجة أنها خادشة للحياء لأنها استلهمت مناخات كتابي "الكاماسوترا" و"الرّوض العاطر" الجنسيين.

الغريب في خطوة وزارة الثقافة أن اللوحة نفسها وما يشبهها عرضت سابقًا في مدينة الدّار البيضاء، وفي كون المعرض منظمًا بالشراكة مع المركز الثقافي الفرنسي والمركز الثقافي الإسباني، "وفي هذا عدم احترام للشريكين الأوروبيين، وانتهاك لروح الفنّ القائمة على الحرية والانفتاح على أسئلة الجسد والرّوح معًا"، تقول خديجة طنانة.

خديجة طنانة

خديجة طنانة هي فنانة معروفة بتسخير اللون في الاحتفاء بـ"الجسد في عطره وفنائه"، وهو عنوان أحد معارضها السّابقة، وقد أشارت متحدّثة إلى "الترا صوت" إلى أنها مارست حقها في الدّهشة أوّلًا، ثم حقها في الاحتجاج، من خلال وضع شريط لاصق على فمها وتعليق لافتة مكتوب عليها "لا فنّ بلا حرية" و"لا لقمع الحرّيات". تضيف خديجة طنانة: "خطير جدًّا أن يعود الحكم الجاهز على الفن الذي يتعامل مع الجسد بأنه تفسخ أخلاقي وخروج عن أعراف المجتمع. هل يعلمون أن لوحتي تدين ذلك بلغة الفن؟ إنها تدين ابتذال الجسد واغتصابه وإهانته والاعتداء عليه، مثلما حدث في حافلة عمومية مؤخرًا". تسأل: "لماذا لا يعملون على إيقاف هذه السلوكات المتوحشة من حياة الناس، بتسخير الفن نفسه، بالإضافة إلى تفعيل آلة القانون، عوضًا من أن يركزوا على منع الفنون المتحرّرة؟".

حنان بن علي: يحرجنا عمل فني في حين لا تحرجنا رشوة ولا اختلاس ولا شراء الأصوات الانتخابية

اقرأ/ي أيضًا: كيف انعكس الكساد الكبير على الفن في أمريكا؟

قطاع واسع من الفنانين والمثقفين المغاربة أبدوا تضامنهم مع خديجة طنانة، واعتبروا ما حدث لها اعتداء عليهم هم أيضًا. كتبت الناشطة حنان بن علي: "يحرجنا عمل فني في حين لا تحرجنا رشوة ولا اختلاس ولا شراء الأصوات الانتخابية. وكّل ما يحاكي هذا من مظاهر اعتلال الدولة والمجتمع". تضيف: "نحن بمثل هذا المنع لا نكرس ثقافة الاختلاف والانفتاح على الآخر ولا حتى معرفة الذات بل نكرس التابوهات وندعو للانغلاق".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الفن الإسلامي.. تجريد وتحريف وتأمُّل

3 تجارب سورية في الفن الرقمي