21-فبراير-2017

لوبان أمام دار الفتوى أثناء عرض الحجاب عليها لارتدائه قبل لقاء المفتي (أنور عمرو/أ.ف.ب)

لم تمر تصريحات مارين لوبان في بيروت مرور الكرام. شاء "سوشلجية" لبنان تقريع المرأة الفاشية غير المستجدة، التي لا تزال تحمل الكثير من العقل المستعمر. فكانت ردودهم الأولى تشجب ما تلفظت به المرشحة للرئاسة الفرنسية في محطتها إلى الشرق الأوسط. ورأى هؤلاء في تعليقاتهم أن لوبان لا تخجل من نفسها، وهي تهلل لـ"مجرم دمشق"، على ما كتب أحدهم، ساخرًا من تصريحاتها بشأن الوضع السوري. وكان مثيرًا أن لوبان تعمدت إعلان دعمها للأسد من مقر الحكومة اللبنانية، وبعد اجتماعها برئيسها سعد الحريري، الذي لا يخفي موقفه ضد النظام في سوريا. لكن أكثر ما سخر منه اللبنانيون هو عدم قبولها ارتداء الحجاب أثناء زيارتها دار الإفتاء، وبالتالي فقد رفض مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان استقبالها، مؤكدة أمام باب الدار أنها التقت بمفتي الأزهر ولم تتحجب. وأثار هذا الموقف، موجة سخرية، وسأل المستخدمون عن فرضية ارتداء "الحاجة" لوبان (بشكل ساخر) للحجاب، وصورتها أمام الغرب. وكتب أحدهم: "لربما اعتبرها أحد الفرنسيين لاجئة". في إشارة إلى الصورة النمطية التي يتناقلها الفرنسيون عن اللاجئين والمسلمين ودور زعيمة الجبهة الوطنية المتطرفة في تعزيز هذه الصورة بل وتوظيفها سياسيًا، هذا دونًا عن استغلالها انتخابيًا.

أثارت زيارة مارين لوبان للبنان زوبعة من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي ووصفت بـ"الفاشية" لدعمها نظام الأسد

 وقالت إنها أوضحت للحريري موقفها حيال الأزمة السورية، وإنها ترى أن الأسد "يشكل اليوم حلًا يدعو إلى الاطمئنان أكثر بالنسبة إلى فرنسا"، مشيدة في الوقت نفسه بما وصفته "سياسة الأسد الواقعية". وكان الحريري قد أبلغ لوبان (حسب مكتبه الإعلامي) أن "المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب المتستر بلباس الدين"، وأضاف أنه من الخطأ الأكبر في مقاربة هذا الموضوع هو "الخلط الطائش الذي نشهده في بعض وسائل الإعلام والخطابات بين الإسلام والمسلمين من جهة وبين الإرهاب من جهة ثانية".

أقرأ/ي أيضًا: مارين لوبان.. تحت مقصلة الوظائف الوهمية والفساد

وهذا ما رصده مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر بعضهم أن لوبان تمثل أحد هذه الوجوه "المقيتة" التي تكره المسلمين وتعتبرهم إرهابيين مفترضين، وتهاجم اللاجئين وتعدهم "وحوشًا" سيقضمون أوروبا. ويرى مستخدمون أن زيارة زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية لوبان بالمسؤولين هناك منحها منصة للترويج لحملتها الانتخابية، وأن لبنان قدم لها خدمة للتعبير عن آرائها المتطرفة. حيث أثارت زيارتها جدلًا سياسيًا، انعكس حضوره على "فيسبوك" و"تويتر"، خصوصًا أنها ناقشت مع ميشال عون، رئيس الجمهورية، ما اعتبره مستخدمون "استفزازًا" ويؤثر على الوحدة الوطنية، حين قالت إنها ناقشت مع عون "مسألة نمو التطرف الإسلامي التي تثير قلقًا أساسيًا".

سخر المستخدمون من عدم قبول لوبان ارتداء الحجاب ورفض مفتي الجمهورية استقبالها

وأثار موقفها من حماية مسيحيي الشرق، حملة على فيسبوك من قبل ناشطين، قالوا إنها "محرضة" ولا توحي بأي إيجابية، مؤكدين أن لبنان ليس "صندوق رسائل" عابر للقارات، حيث قالت لوبان على أثر زيارتها جبران باسيل، وزير الخارجية، أن أفضل طريقة لحماية المسيحيين في الشرق الأوسط هي في "القضاء على التطرف الإسلامي"، وأنه أمر أخذته على عاتقها في فرنسا، "لأن هذا الخطر قاتل".

يشار إلى أن زيارة لوبان، هي الثانية لمرشح رئاسي فرنسي، بعد إيمانويل ماكرون، الذي زار بيروت والتقى بمسؤولين سياسيين فيها. ويوجد في لبنان أكثر من 23 ألف ناخب فرنسي، وهو محطة هامة للمرشحين كإطلالة فرنكفونية ومنصة عربية ضمن تركيبة طائفية معقدة يرى فيها أمثال لوبان مغذ خصب لخيالاتهم عن الشرق الذي يرغبون بموارده ولا يرحبون بأهله. 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد فشلها في لقاء ترامب.. لوبان مادة دسمة للسخرية

انظروا إلى فرنسا.. هناك ما ينافس سوء انتخاب ترامب