02-مارس-2023
getty

عاشت قضماني أكثر من 50 عامًا من حياتها خارج سوريا ومع ذلك استمرت بالالتزام في قضية الشعب السوري (Getty)

توفيت الأكاديمية والمعارضة السورية البارزة بسمة قضماني، عن عمر يناهز 65 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض. ونعى باحثون وناشطون ومعارضون سياسيون القضماني، بعد وفاتها، عصر اليوم الخميس. 

عاشت قضماني معظم حياتها منفيةً خارج سوريا، بعد خروجها منها بعمر العشرة أعوام إلى لبنان ومن ثم إلى بريطانيا ولاحقًا فرنسا

وعاشت قضماني معظم حياتها منفيةً خارج سوريا، بعد خروجها منها بعمر العشرة أعوام إلى لبنان ومن ثم إلى بريطانيا ولاحقًا فرنسا، وذلك بعد اعتقال والدها ناظم قضماني الدبلوماسي السوري والمعارض لاحقًا، ونفيه خارج سوريا عام 1968.

ومع انطلاق الثورة السورية، شغلت بسمة قضماني عضوية الكتلة الوطنية المنضوية ضمن المجلس الوطني السوري، كما أنها كانت الناطقة باسم اللجنة التنفيذية في المجلس، إلا أنها استقالت من هذا الأخير، في 28 آب/ أغسطس 2012، مع استمرار في نشاطها المعارض لنظام الأسد.

حصلت قضماني على شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية من معهد العلوم السياسية Sciences Po، ومن ثم أصبحت أستاذة مساعدة في العلاقات الدولية في جامعة باريس. 

وعلى مدار مسيرتها الأكاديمية، كانت قضماني المديرة التنفيذية لمبادرة الإصلاح العربي، وهي عبارة عن اتحاد لمعاهد الأبحاث السياسية العربية يعمل على الإصلاحات والعمليات الانتقالية الديمقراطية في العالم العربي. وسبق لها العمل في مجلس الاستشارة والبحث في المجلس الوطني للبحوث العلمية (فرنسا)، ومركز الدراسات والأبحاث الدولية التابع لمعهد العلوم السياسية Sciences Po (باريس)، ومكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمؤسسة فورد (القاهرة)، إضافة إلى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (باريس).

في عام عام 2011 حصلت على جائزة ريموند جورج، وذلك تقديرًا، لدور مبادرة الإصلاح العربي في تعزيز الديمقراطية في سياق الربيع العربي.

انضمت قضماني إلى "هيئة التفاوض السورية"، وكانت ممثلةً للفئة المستقلة. ولكنها تركت الهيئة عام 2020. بالإضافة إلى عضوية اللجنة الدستورية. وطوال سنوات الثورة السورية، استمرت بنشاطها المعارض لنظام بشار الأسد، سواء من مواقع تنظيمية أو بشكلٍ مستقل، وفي عمل سياسي وأكاديمي وبحثي وصحفي، كما أنها تُعد أبرز الأصوات النسوية السورية.

وطوال السنوات الماضية استمر انشغالها في القضية السورية، وقالت في مقابلة لها مع تلفزيون سوريا، بعد زيارة الشمال السوري: "التواصل مع الداخل السوري، خاصة في مناطق الشمال، هو أهم فرصة لنسمع من الناس هموهم وقلقهم مما سيكون مصيرهم، لأنهم يشعرون أنهم منسيون، لا أحد يفكر فيهم، فالقضية السورية لا تظهر في الإعلام الدولي، ويشعرون أن مصيرهم مجهول ومؤجل لأجل غير مسمى، والزيارة تعطي فرصة للتبادل وإيصال قراءتنا للمشهد الدولي واحتمال تفعيل الملف دوليًا".

getty

وفي مقابلة أخرى لها، تحدثت حول التزامها السياسي خلال سنواتها حياتها، قائلةً: "طيلة حياتي، كان هناك مصدران رئيسيان للغضب يوجهان التزاماتي، يتمثل الأول في القضية الفلسطينية، بينما يتمحور الثاني حول وضع الشعب السوري. ولقد حدد هذان المصدران على التوالي مسيرة 35 سنة من عمري، فضلا عن تركيزي بشكل خاص على ثورات الربيع العربي في سنة 2011".

وكانت قضماني، قد كشفت عن وعيها السياسي المبكر، الذي تبلور مع نفيها وعائلتها من سوريا، موضحة السبب، بالقول: "من حقيقة أنه على امتداد ثلاثة أجيال، التي تتعلق بوالدي وبي وبأبنائي، خسرنا بلدا. ومنذ أكثر من 50 سنة، سُجن والدي في دمشق، على إثر تصريحات اعتُبرت وقحة تتعلق بحرب 1967 التي خسرتها إسرائيل. علاوة على ذلك، فُصل والدي الذي كان يشغل منصب سفير سابق ورحلنا مفلسين حينما كان عمري لا يتجاوز العشرة سنوات".

وفي مقابلة مع مركز حرمون، قالت الراحلة قضماني: "الشعب منهك، وما زال يعيش في حالة رعب، إما من استئناف القصف الجوي في مناطق الشمال، أو من خطر الاعتقال وسلب الأملاك في المناطق التي استعاد النظام السيطرة عليها.. المواطن السوري يعاني الجوع وشروط الحياة المأسوية، وبخاصة النساء، لكن النساء ما زلن يعشن في حالة أمل".

getty

وتتابع قضماني، شارحةً عن حالة الأمل عند النساء وعن إمكانية عودة الثورة عمومًا، بالقول: "لأن المرأة عمومًا تنتظر إما أن تعود إلى منزلها أو أن يتم الإفراج عن زوجها أو أولادها، أو أن تحصل على خبر عنهم يثبت أنهم ما زالوا على قيد الحياة، أو تنتظر العودة إلى وظيفة ما تسمح لها بتأمين غذاء لأطفالها. هذا الانتظار يجعل النساء يعشن في أمل، وربما يشكل هذا الأمل -مهما كان ضئيلًا- سببًا للسكوت وعدم الاحتجاج وإطلاق انتفاضة في المدى القصير. لكن يمكن لأي خبر سيئ، عن وفاة عدد من المعتقلين مثلًا، أو فقدان الأمل من الحصول على حق ما في الطعام أو الدواء أو العمل، أو انتشار الجائحة على نطاق واسع، أو أي انطلاق أي شرارة، أن يؤدي إلى أن تشعل انتفاضة، صحيح أن الشعب منهك، لكنّ بنية النظام أيضًا منهكة، وإذا أيقن الشعب أن النظام لم يعد قادرًا على قمع حراك جديد؛ فقد يشرع في تحديه من جديد".

طيلة حياتي، كان هناك مصدران رئيسيان للغضب يوجهان التزاماتي، يتمثل الأول في القضية الفلسطينية، بينما يتمحور الثاني حول وضع الشعب السوري

نشرت قضماني في حياتها عشرات المقالات والكتب حول المنطقة العربية والقضية الفلسطينية والثورة السورية والربيع العربي والديمقراطية.