05-ديسمبر-2015

أمل ملحم/ سوريا

المرجة.. ألوان مضادة

يصرخ العراب
وسط أرواح المعلقين على أوتاد الموت
هنا..
استراحة شبق عابرة
وقت فراغ للنشوة
بعض متعة 
وقليل من الرغبة الجامحة لامرأة كمستودع رجال.
*

قبل حين 
ماتوا هنا
بآهاتهم العنيدة
لم تبكهم امرأة عند الفجر
... وعند الفجر هنا
صياح الغواني 
وآهات اللذات الرخيصة
تشق بلادة المارين
وتفزع يمامها 
ترى مرت الشام من هنا
مرت البلاد على بطن تاريخها 
*

هائم هذا الحمام
وهذا الطير شريد
وعند الفجر 
ينام الشهداء مستأنسين بالنهر
تفيق الشهوات 
يسقط تاريخ المدارس 
بحضن عاهرة
قبضت ثمن ليلتها صرخة
وألقت حظها في النهر الآسن 
ريثما يصرخ العراب..
بعض متعة هنا
*

 

كل هذا لي 

هنا...
لي قبلة على الدرج 
لمسة كف عابرة في الطريق 
غمزة خضراء
شاي بالليمون في الغوطة
فيلم بعنوان الامبراطور الأخير 
ويوم الأحد في جهنم
لي..
أبي البدوي
أمي الدامعة
وأخواتي البريئات حتى السذاجة
هنا..
لي ينبوع ماء مثلج في بيت جن
وردة متوحدة
ياسمينة الجيران المستثارة
الساقية المجنونة.. لي
الدكاكين الصغيرة
البائع الشيخ 
والسكير الميت
لي..
الأوتوستراد العريض
زقاق الجن
ولي...بردى الفقير
سينما غازي 
لي حتى اللوطيين
ولاعبو الثلاث ورقات 
ومخفر الشرطة
ولي حديقة تشرين
والنمل الذي يتسلق سيقان البنات المستلقيات على العشب
كل التفاصيل.. لي
وقاسيون أيضًا 
سكة كيوان
مقهى الحجاز
والنوفرة
وخمارة فريدي 
والأموي 
والتكية
والمسكية 
والحمام الآمن
لي...
كل هذا لي
وهنا.. لي.

 

ثمل قديم على سكة كيوان المعاصرة

*في كيوان المنطقة التي تحاذي المدينة الجامعية في دمشق، كانت تجري اللقاءات السريعة والسرية للعشاق.. وتحت جسر سكة القطار ينام بردى صامتًا ومتآمرًا معهم.. اليوم ثمة جوع لأمكنة الخلاء الحلال؟

تحت الجسر 
ذات يوم 
وفي كيوان الواطئة كبطن بكر 
العشاق يفتحون القناقي 
ويملؤون النهر بالحليب المكسور باليانسون
*

من بعيد
الصافرة والأرض المرتجة 
الشفاه المخدرة بالقبل 
الشمس المحدودبة
تلك آيات العاشق.. وشياطينه
*

النهر العظيم 
لا تخدشه الشهوات السافرة
يصمت حين تئن أنثى من فرط الطاعة
ويجزع من قسوة الذكورة الفائضة
ثمل هذا الغزال المائي 
ثمل هذ الحصان.
*
 
في بلادي البعيدة.. هنا
الطريق  إلى كيوان مسدودة بالبرد
والعشاق نفروا إلى الأخبار 
والنهر كخرابة فئران
والمدينة كنّسها النسيان.
*

في كيوان 
بقايا قبلات يابسة
وقناني بلا رسائل
ونهر يعاند الصمت والسكر 
وأنا...
سكة مكسوة بالصدأ.  

اقرأ/ي أيضًا:

من كنانة الممكن

نحن المراسيل التي تخرج بألف اتجاه