تخطط جامعة هارفارد الأميركية لاقتراض ما يصل إلى 750 مليون دولار من وول ستريت، ضمن استعداداتها المالية الطارئة لمواجهة ظروف غير متوقعة، وذلك على خلفية الشروط التي حددها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لحصول الجامعة على التمويل الفيدرالي.
وتأتي هذه الخطوة في سياق سلسلة من الإجراءات التي أعلنتها الإدارة الأميركية مؤخرًا، بهدف الحد من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأميركية.
وتضمنت الرسالة التي وجهتها الإدارة الأميركية إلى جامعة هارفارد جملة من المطالب، أبرزها إلغاء برامج التنوع والشمول والعدالة، وحظر ارتداء الأقنعة خلال الاحتجاجات الطلابية داخل الحرم الجامعي. كما دعت الرسالة إلى "التعاون الكامل" مع وزارة الأمن الداخلي، المسؤولة عن تنفيذ سياسات الهجرة، إلى جانب التعاون مع الجهات التنظيمية الفيدرالية لضمان "الامتثال الكامل" للقوانين والتعليمات الفيدرالية.
خطة طوارئ لمواجهة الظروف المالية
وقالت هارفارد في بيان رسمي: "في إطار خطة الطوارئ المستمرة لمواجهة مجموعة من الظروف المالية، تُقيّم الجامعة الموارد اللازمة لتعزيز أولوياتها الأكاديمية والبحثية".
وتوقعت الجامعة أن تصل ديونها المستحقة إلى نحو 8.2 مليار دولار بعد إصدار السندات الجديدة، مقارنة بـ7.1 مليار دولار في نهاية السنة المالية 2024.
تخطط جامعة هارفارد الأميركية لاقتراض ما يصل إلى 750 مليون دولار من وول ستريت، في إطار استعداداتها المالية الطارئة لمواجهة ظروف غير متوقعة
كما أعلنت الجامعة، يوم الاثنين، أنها تعتزم إصدار سندات خاضعة للضريبة "لأغراض عامة للشركة"، في خطوة تهدف إلى دعم أولوياتها الأكاديمية والبحثية في ظل حالة من الغموض المالي. وسبق أن أصدرت الجامعة سندات معفاة من الضرائب بقيمة 434 مليون دولار في آذار/مارس 2025، فضلًا عن سندات بقيمة 735 مليون دولار في ربيع 2024، إلى جانب إصدار سندات أخرى في عام 2022.
ورغم أن جامعة هارفارد تُعد الأغنى بين الجامعات الأميركية، بوقف مالي يبلغ 53 مليار دولار، إلا أنها تعتمد بشكل كبير على التمويل الفيدرالي، لا سيما لتمويل أبحاثها. وأشارت الجامعة إلى أن الدعم الفيدرالي للأبحاث شكّل نحو 11% من إيراداتها التشغيلية خلال السنة المالية المنتهية في 30 حزيران/يونيو 2024.
دعوات متزايدة لمقاومة ضغوط ترامب
وتواجه إدارة هارفارد دعوات متزايدة من قبل طلاب وأعضاء هيئة تدريس ونشطاء لحماية استقلالها الأكاديمي، ومقاومة الضغوط السياسية التي تفرضها إدارة ترامب في ما يخص التمويل الفيدرالي. وقال مئات أعضاء هيئة التدريس في رسالة إلى إدارة الجامعة إن: "الهجمات المستمرة على الجامعات الأميركية تُهدد المبادئ الأساسية لمجتمع ديمقراطي، بما في ذلك حقوق حرية التعبير، والتجمع، والبحث".
ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن إدارة ترامب ذكرت في رسالتها أن الجامعة "فشلت فشلًا ذريعًا في حماية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الأميركيين من العنف المعادي للسامية"، بالإضافة إلى توقّعها "تعاونًا فوريًا في تنفيذ هذه الإصلاحات الحاسمة".
الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا إلى نقل الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى معتبرًا أن ذلك "سيوفر منطقة حرة في القطاع".
اقرأ أكثر: https://t.co/6AEptM4hMm pic.twitter.com/fd75EUTOzx
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) April 8, 2025
وأضافت إدارة ترامب في رسالتها أن "دافعي الضرائب الأميركيين يستثمرون مبالغ طائلة في الكليات والجامعات الأميركية، بما في ذلك جامعة هارفارد"، مشيرةً إلى أن "هذه الأموال استثمار، وكأي استثمار آخر، تستند إلى أداء المستفيد، وليست مستحقة بحكم العادة أو الحق".
الجامعات تستعد لمواجهة حالة عدم اليقين
بحسب وكالة "بولمبيرغ" الأميركية، فإنه استعدادًا لمواجهة حالة عدم اليقين، لجأت بعض الجامعات إلى الاقتراض قصير الأجل للحفاظ على السيولة النقدية، مشيرةً إلى أن إصدار السندات الخاضعة للضريبة يُعد خيارًا آخر لتعزيز السيولة، نظرًا لما توفره من مرونة أكبر في استخدام العائدات مقارنة بالسندات المعفاة من الضرائب التقليدية.
وقالت المديرة التنفيذية في شركة تحليلات السوق البلدية "Municipal Market Analytics"، ليزا واشبورن إنه: "بالنسبة للكليات، يُعد هذا قرارًا استراتيجيًا وذكيًا ماليًا لتعزيز السيولة المتوفرة لديها في ظل حالة الغموض الشديدة"، وتابعت مضيفةً أنها لن تُفاجأ إذا أقدمت المزيد من الكليات على اللجوء إلى سوق السندات الخاضعة للضريبة.
إدارة ترامب تراجع تمويل 60 جامعة أميركية
وبحسب عديد التقارير الغربية، تواجه جامعة هارفارد خطر خسارة تمويل فيدرالي يُقدر بـ9 مليارات دولار من المنح والعقود، ما لم تمتثل لقائمة المطالب التي فرضتها إدارة ترامب، في إطار حملة مشددة لمواجهة ما تزعم أنه "معاداة السامية" في الحرم الجامعي.
وزارة الأمن الداخلي الأميركية أصدرت أوامر ترحيل فورية بحق الطلاب الذين أُلغيت تأشيراتهم الدراسية، في تغيير ملحوظ عن السياسة السابقة.
اقرأ المزيد: https://t.co/Z4JEAIgA1S pic.twitter.com/g7pIx4sYTe
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) April 5, 2025
ويأتي ذلك بعد إعلان رسمي من الإدارة الأميركية عن مراجعة شاملة للتمويل المقدم للجامعة، وسط ضغوط متزايدة على مؤسسات التعليم العالي. وكانت وزارة التعليم الأميركية قد حذّرت، في وقت سابق، 60 جامعة من أنها قد تتخذ إجراءات إنفاذية في حال ثبت فشل تلك المؤسسات في مواجهة مظاهر معاداة السامية.
تجميد منح لثلاث جامعات على الأقل
وجاءت خطوة هارفارد بالتزامن مع إعلان جامعة برينستون، في إشعار بتاريخ 1 نيسان/أبريل الجاري، أنها تدرس أيضًا إصدار سندات خاضعة للضريبة بقيمة 320 مليون دولار في وقت لاحق، وذلك بعد إعلانها أن الحكومة الأميركية جمدت عشرات المنح البحثية التي كانت مقدّمة لها.
وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة "هارفارد كريمسون"، الصادرة عن طلاب الجامعة، أن اثنين من مدراء مركز دراسات الشرق الأوسط في الجامعة، وهما المدير جمال كفادر، والمديرة المساعدة روزي بشير، قد أُقيلا من منصبيهما مؤخرًا، في مؤشر على تصعيد داخلي محتمل.
كما أفادت تقارير بأن إدارة ترامب تُخطط لتجميد منح مقدّمة إلى جامعة براون، ما يعكس اتساع نطاق الضغوط الفيدرالية على جامعات النخبة الأميركية. وفي آذار/مارس الماضي، أعلنت إدارة ترامب إلغاء 400 مليون دولار من التمويل الفيدرالي لجامعة كولومبيا، بالإضافة إلى تعليق تمويل بقيمة 175 مليون دولار لجامعة بنسلفانيا.