01-أبريل-2025
الدوري الإنجليزي

غابت المنافسة الشرسة على لقب البريميرليغ هذا الموسم (إكس)

يبحث مشاهد الدوري الإنجليزي الممتاز عن المُتعة، ليس في مباراةٍ واحدة فقط، بل في المنافسة بأكملها. اشتهر الدوري بلحظاته الدرامية التي لا تُنسى، إضافةً إلى المنافسة المستمرة على اللقب بين أكثر من فريق، ووجود نجومٍ واعدين يمتلكون جماهيرهم الخاصة، التي تتابع الدوري من أجلهم.

إلا أن المسابقة هذا الموسم تحوّلت، بالنسبة للكثير من المشجعين، إلى تجربة مشاهدة مملة تفتقد أبرز مزاياها، والتي جعلت منها الأكثر مشاهدة عالميًا. فمن كان يتابع الدوري متوقعًا منافسة طاحنة واستمرارية فريقه المفضل، أصبح الآن يشاهد مبارياتٍ تبدو متوقعة، أو لا تستحق أن يُمضي 90 دقيقة في متابعتها بالكامل.

منافسة شبه محسومة بين طرفين

بدأ الموسم الحالي وسط توقعات بمنافسة أخرى بين مانشستر سيتي وأرسنال، كما حدث في الموسمين الماضيين، لكن الأمور لم تسر كما المتوقع. خرج السيتي من السباق مبكرًا، وحلّ ليفربول مكانه في الصدارة، بينما عاد أرسنال للمنافسة، لكن دون أن يستمر في المشهد طويلًا.

منذ الجولة الـ18، تصدّر ليفربول وأرسنال جدول الترتيب بالمركزين الأول والثاني. ورغم تغيّر فارق النقاط بينهما، إلا أن الثنائي حافظ على موقعه دون أي منافسة حقيقية من بقية الفرق، وذلك منذ نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي، ما جعل النهاية المتوقعة هي تتويج ليفربول، الذي يبتعد بفارق 12 نقطة عن أرسنال.

يجذب النجوم الكبار الجماهير إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن هذا الموسم لم يسطع منهم إلا القليل، مثل محمد صلاح

تراجع أرسنال، وهو الفريق الوحيد الذي كان قادرًا على منافسة ليفربول، لعدة أسباب، أبرزها الإصابات التي ضربت خط الهجوم، وعدم وجود مهاجم صريح في تشكيلة تعتمد على الأجنحة، إلى جانب سلسلة من التعثرات المتتالية. الفريق حصد أربع نقاط فقط بين الجولات 8 و11، ثم جمع نقطتين فقط بين الجولات 26 و28، ما أدى إلى خروجه التدريجي من السباق على اللقب.

تكتيكات كرة القدم الحديثة مملة ومتوقعة

اعتمدت الكثير من الفرق، وبالأخص هذا الموسم، على أساليب لعب حديثة قد تضمن لها نتيجة مرضية، ولكنها لا ترضي من يشاهد مبارياتها. أصبحت العديد من الفرق تعتمد على أسلوب نظامي بحت، ومعظمها يعتمد على بناء الهجمة المنظم، البطيء في كثير من الأحيان، أو على الهجوم العكسي، لا سيما الفرق الأصغر في الدوري.

الدوري الإنجليزي

غابت العشوائية الخلابة وأساليب اللعب السريعة عن العديد من فرق الدوري الإنجليزي، وطغت الأساليب المملة على فرق كثيرة، ومنها مثلًا أرسنال، الذي يعتمد على أسلوب متوقع في بناء الهجمة، دون لمسة فردية إبداعية، وهي اللمسة التي اشتهر بها أرسين فينغر عند قيادته للفريق. تظل الكرة عالقة بين أقدام لاعبي أرسنال، خصوصًا في وسط الملعب، حتى تبدأ تلك الهجمة "المنظمة".

تبنى ليفربول نفس الأسلوب، ولكن مع لمسة من الضغط العالي، على عكس كلوب، الذي كان يهاجم بصورة أكثر عشوائية. حتى الفريق الذي فاجأ الجميع هذا الموسم، وهو نوتنغهام فورست، صاحب المركز الثالث، استخدم تكتيك الهجوم العكسي الممل في نظر المشاهد.

تؤدي هذه الأساليب إلى مباريات محسوبة، بفوضى أقل لا تعجب المشاهد الذي يبحث عن 90 دقيقة من الإثارة. كما تعتمد بدرجة أقل على اللمسات الساحرة من اللاعبين وخروجهم عن النص التكتيكي، مما يجعل اللعبة أكثر توقعًا من المعتاد، لا سيما في دوري مثير مثل الدوري الإنجليزي الممتاز.

وداعًا لعصر "الستة الكبار"

خرج مصطلح "الستة الكبار" من قاموس الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. مانشستر يونايتد وتوتنهام يقبعان في المناطق الدافئة، بعيدًا عن سباق الهبوط، لكن دون أي فرصة للمنافسة على المقاعد الأوروبية. في المقابل، يصارع تشيلسي ومانشستر سيتي لحجز مقعد في دوري أبطال أوروبا، لكن الفارق بينهما وبين المتصدر يتجاوز 20 نقطة، وحتى تأهلهم إلى البطولة ليس مضمونًا، خاصة إذا نجح نيوكاسل يونايتد في انتزاع المركز الرابع.

الدوري الإنجليزي

مع صعود نوتنغهام فورست ونيوكاسل إلى القمة، وتراجع أداء أربعة من الفرق الستة الكبرى، كان من الطبيعي أن يكون هذا الموسم كابوسًا لجماهيرهم، والتي قد تعتبره موسمًا للنسيان. هذه الأندية تمتلك قاعدة جماهيرية ضخمة تصل إلى 223 مليون مشجع حول العالم، وفقًا لإحصائيات 2024، ومن الطبيعي ألا يروق لها هذا الموسم، وأن يروا أنه الموسم الأسوأ في تاريخ المسابقة.

ضعف أداء الأسماء الكبيرة في الدوري

يجذب النجوم الكبار الجماهير إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن هذا الموسم لم يسطع منهم إلا القليل، مثل محمد صلاح، إرلينغ هالاند، وكول بالمر، بينما برزت أسماء جديدة مثل ألكسندر إيزاك وكريس وود، وهما ينتميان إلى فرق أقل جماهيرية مقارنة بـ "الستة الكبار" أصحاب القاعدة الجماهيرية الضخمة.

الدوري الإنجليزي

في المقابل، تعثر لاعبون كانوا دائمًا في الصدارة، مثل برونو فيرنانديز، الذي سجل ثمانية أهداف وصنع تسعة، وهي أرقام لا تعكس تأثيره المعتاد. كذلك، تراجع أداء سون هيونغ مين، إذ اكتفى بتسجيل سبعة أهداف وصناعة تسعة، بينما لم يسجل مارتن أوديغارد سوى هدفين فقط وصنع أربعة، ليبتعد هؤلاء النجوم عن الأضواء، إلى جانب أسماء أخرى كانت قد تألقت في المواسم الماضية.

الفار يسرق متعة المباريات في جميع الدوريات

قدمت تقنية الفار حلًا لكثير من مشاكل التحكيم، لكنها في المقابل قتلت متعة المباريات، ليس فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز، بل في جميع المسابقات التي تعتمد عليها. بالنسبة للمشجعين، فإن قتل المتعة يعني تعطيل إيقاع اللعب، وجعل الاحتفال بالأهداف، وهو اللحظة الأكثر انتظارًا في أي مباراة، أمرًا غير مضمون، حيث بات المشجع مترددًا في الفرح قبل انتظار قرار الفار.

الدوري الإنجليزي

توقفت مباريات الدوري الإنجليزي 84 مرة بسبب الفار هذا الموسم، وأسفرت تلك المراجعات عن احتساب 26 هدفًا وإلغاء 38 آخرين. ورغم أن بعض الفرق الكبيرة، مثل تشيلسي وتوتنهام، استفادت بشكل أكبر من قرارات الفار، إلا أن أغلب الفرق الكبيرة الأخرى تعرضت للضرر أكثر مما استفادت. أثار هذا استياء شريحة كبيرة من المشجعين، الذين عبروا عن كرههم الشديد لهذه التقنية، بالأخص على منصات التواصل، مما زاد من الصورة السلبية للدوري الإنجليزي هذا الموسم.

الكرة الحديثة هي أحد الأسباب الرئيسية في هذا الضجر

تجتمع هذه الأسباب، بعيدًا عن جزئية المنافسة المحسومة بين ليفربول وأرسنال، لتثبت أن كرة القدم الحديثة، بتكتيكاتها التي لا تعتمد على لاعبٍ واحد وتُمجد التعامل الحكيم مع الكرة، وهو السبب الأساسي في قتل متعة كرة القدم. وبسببها غابت الدراما، والمباريات المشتعلة بكثرة الأهداف والحماسة.

الدوري الإنجليزي

ليس بالضرورة أن يكون تراجع الدوري الإنجليزي للأبد، لا سيما عند عودة فرق عريقة مثل مانشستر يونايتد، وتوتنهام، وتشيلسي إلى الصورة مرةً أخرى في المستقبل، وزيادة التنافسية على البطولة. سيعتاد الجمهور عاجلًا أو آجلًا، كما اعتاد بعضهم، ومشجعو الدوريات الكبيرة الأخرى.