06-نوفمبر-2016

كلينتون أثناء عملها كوزيرة للخارجية الأمريكية في لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (ألاكسي نيكولسكي/أ.ف.ب)

نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية تقريرًا يشرح أحد الجوانب الخفية لعداء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون وتفضيله للمرشح الجمهوري دونالد ترامب. الدعم الذي تجسد في اختراق المخابرات الروسية لحسابات البريد الإلكتروني الخاصة بالحزب الديمقراطي ومقربين من كلينتون، أعقبه نشر الرسائل التي تم الحصول عليها، والتي تهدف بالأساس إلى تشويه كلينتون والإضرار بفرصها في الفوز بالانتخابات، عبر موقع ويكيليكس، الذي يرأسه الأسترالي جون أسانج ذو العلاقات القوية بالأجهزة الأمنية الروسية. ذلك الجانب، والذي لم يسلط عليه الضوء الكافي، هو المتعلق بالطاقة.

أحد الجوانب الخفية لعداء بوتين لهيلاري كلينتون وتفضيله لترامب، هو خطط الطاقة التي تتبناها المرشحة الديمقراطية

اقرأ/ي أيضًا: بسبب سوريا..روسيا تقوم بأكبر عملية انتشار بحري منذ عقود

تريد كلينتون تصدير النفط والغاز إلى حلفاء الولايات المتحدة، الذين يعتمدون بشدة على الواردات الروسية، لتكافح النفوذ الروسي في هذه الدول، يتابع التقرير. تعطي مواقف المرشحة الديمقراطية بشأن الطاقة فكرة حول كيف يمكن أن تستخدم صناعة النفط والغاز الأمريكية كأداة ضد موسكو.

"لقد دعمت التكسير الهيدروليكي، وهي تقنية تستخدم لاستخراج النفط من احتياطيات لم يكن من الممكن الاستفادة منها من قبل، في أماكن أخرى حول العالم، لأنه عندما تنظر إلى القبضة التي تفرضها الطاقة على الكثير من البلدان والقرارات التي تتخذها، سوف يصبح من مصلحة الولايات المتحدة جعل المزيد من البلدان أكثر اعتمادًا على نفسها في مجال الطاقة"، قالت كلينتون هذا في كلمةٍ خاصة لصالح دويتشه بنك في نيسان/أبريل 2013. "لذا فإنني أعتقد أن علينا القيام بذلك بطريقةٍ ذكية وواعية بالبيئة، مستهدفين أجندة لبديل يعتمد على الطاقة البديلة بينما ندعم في نفس الوقت المزايا التي سوف تتحقق لنا"، تضيف كلينتون.

"إننا مستقلون الآن من حيث الطاقة، وهو شيء آمنا به وعملنا على تحقيقه عبر الكثير والكثير من الأعوام"، قالت كلينتون في كلمةٍ ألقتها في تموز/يوليو 2014. "يمنحنا هذا أدواتٍ لم نكن نملكها من قبل. وهو يمنحنا أيضًا الفرصة ليس فقط في استثمار تلك الموارد الطبيعية في المزيد من التصنيع والأنشطة الأخرى التي تفيدنا مباشرةً هنا في الداخل، وإنما كي تصبح متراسًا ضد ذلك النوع من الإكراه الذي نراه يحدث من طرف روسيا".

يرى التقرير أنه ليس من المستغرب أن أغلب المحللين يعتقدون أن فوز كلينتون سوف يسفر عن علاقاتٍ أكثر جمودًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية بفترةٍ وجيزة، توقع بنك سوستيه جنرال الفرنسي أن "العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا قد لا تتحسن إذا تم انتخاب كلينتون"، مشيرًا إلى أنه من غير المحتمل أن تخفف كلينتون العقوبات الأمريكية ضد روسيا. "في الواقع"، قال البنك، "فإنها قد تشهد المزيد من التدهور".

هناك الكثير من العلامات على أن موسكو ليست سعيدة باحتمالية أن تصبح كلينتون رئيسة للولايات المتحدة. في الأشهر الأخيرة، اتخذت روسيا سلسلةً من الخطوات الجريئة، التي تستدعي إلى الذاكرة ثمانينيات القرن الماضي، حيث أصبحت توفر رحلاتٍ سياحية إلى ملاجئ الحرب الباردة وتجري اختباراتٍ لصواريخ عابرة للقارات على التلفزيون الرسمي وتعلن عن حصص إعاشة حربية في حالة ما إذا اندلعت حرب مع الولايات المتحدة. ثم حدث بعد ذلك أن نشرت ويكليكس الكثير من رسائل البريد الإلكتروني لحملة كلينتون وخطاباتها الخاصة خلال موسم الانتخابات، والتي يقول معسكر كلينتون وخبراء الاستخبارات الأمريكية إنها تبدو آتية من قراصنة مرتبطين بالكرملين. لم تفصح ويكليكس، وهي منظمة دولية غير هادفة للربح تنشر معلوماتٍ سرية من مصادر مجهولة، عن مصدر المواد المسربة.

 أشاد ترامب بـ"سيطرة بوتين شديدة القوة" على روسيا وقال إنه سوف يتعاون بكل سرور مع أي دولة ترغب في هزيمة الإرهاب

اقرأ/ي أيضًا: أنصار ترامب يهددون بثورة حال خسارته

تعتمد روسيا على العائدات من النفط والغاز لتغطية أكثر من نصف ميزانيتها الفيدرالية، حسب وزارة ماليتها. تأتي أغلب عائدات النفط الروسية من دولٍ أعضاء في الاتحاد الأوروبي، الكثير منها من حلفاء الولايات المتحدة. مدركةً لذلك، أخبرت كلينتون دويتشه بنك في تشرين الأول/أكتوبر 2014، "أرغب في تصدير الغاز، خاصةً إلى أصدقائنا من أجل تقويض الضغط من روسيا عليهم".

"ذلك هو السبب الذي جعلني، كوزيرةٍ للخارجية، بدءًا من آذار/مارس 2009، أدفع الأوروبيين إلى أن يصبحوا جادين بشأن إيجاد مصادر طاقة بديلة وأن يستثمروا في موارد حقيقية في بنيتهم التحتية، حتى لا يصبحوا تحت رحمة بوتين"، قالت كلينتون هذا في الكلمة التي ألقتها في حزيران/يوليو 2014. كان آذار/مارس 2009، أيضًا هو الشهر الذي قدمت فيه كلينتون لنظيرها الروسي زرًا رمزيًا لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها فيما اتضح بعد ذلك أنها محاولة لم يكتب لها النجاح لإصلاح العلاقات.

لماذا قد تعمل كلينتون من أجل إعادة العلاقات إلى سابق عهدها مع روسيا بينما تشرع في حرب طاقة؟.. تكشف كلمةٌ ألقتها في نيسان/أبريل 2014 عن سببٍ محتمل: بينما كانت وزيرةً للخارجية، شهدت كلينتون إساءة استخدام لورقة الطاقة من قبل روسيا إلى درجة أنها قادت إلى مقتل مدنيين. "لا يمكنني أن أقول إنني توقعت هذا، لكن ما رأيته كان أنه في كانون الثاني/يناير 2006، روسيا قطعت الغاز عن شرق أوروبا. أعتقد أن ما يقرب من 12 شخصًا تجمدوا حتى الموت في بولندا"، قالت كلينتون وهي تقصد الرئيس الروسي بوتين. "فعلها مجددًا في 2009، مركزًا تحديدًا على أوكرانيا. لقد استخدم طاقته كسلاحٍ لترهيب أوروبا".

يلفت التقرير النظر إلى أنه في تلك الأثناء يبدو أن خصم كلينتون، دونالد ترامب، يأخذ صف موسكو. خلال الحملة الانتخابية، أشاد ترامب بـ"سيطرة بوتين شديدة القوة" على روسيا وقال إنه سوف يتعاون بكل سرور مع أي دولة ترغب في مساعدة الولايات المتحدة في هزيمة الإرهاب الإسلامي، ومن ضمنها روسيا. "إذا أرادوا الانضمام إلينا عبر تدمير داعش، فإن ذلك جيد بقدر ما يتعلق بي"، قال ترامب بينما كان يقوم بجولة انتخابية في أيلول/سبتمبر. "إنه عالم معيوب للغاية، ولا يمكنك دائمًا اختيار أصدقائك".

بعد كلمة كلينتون في ساوث كارولينا، ردد أحد الحضور ما قاله ترامب، سائلًا إياها لماذا لا تعمل الولايات المتحدة مع بوتين. "إن كثيرًا من مشاكلنا سببه أن لدينا منافسة مع الروس"، قال السائل. في ذلك الوقت، بدت كلينتون متفائلة نسبيًا. "انظر"، قالت كلينتون، "يروق لي إذا كنا نستطيع الاستمرار في بناء علاقةٍ أكثر إيجابية مع روسيا.. عليك فقط الاستمرار في الرجوع والمحاولة". ربما تحصل قريبًا على فرصةٍ للقيام بذلك.

اقرأ/ي أيضًا:

كيف سيتعامل مرشحو الرئاسة الأمريكية مع سوريا

ليس الوحيد..ترامب يرغب في سرقة نفط الشرق الأوسط