لماذا يبدو جانبا القمر مختلفين؟ دراسة جديدة تكشف الأسباب العلمية
19 مايو 2025
أجرت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" دراسة علمية معمقة باستخدام بيانات "مهمة GRAIL"، كشفت من خلالها عن أدلة جديدة حول التباين الملحوظ بين جانبي القمر - الجانب المواجه للأرض والجانب البعيد - من حيث التضاريس والبنية الجيولوجية والحرارية. تأتي هذه الدراسة لتضيف فهمًا أعمق لتاريخ القمر وتأثيراته الجيولوجية القديمة على سطحه.
وكشفت بيانات مهمة GRAIL (استعادة الجاذبية والبنية الداخلية)، التي استخدمت مركبتي "إيب" و"فلو" خلال الفترة من كانون الأول/ديسمبر 2011 إلى كانون الأول/ديسمبر 2012، عن أن باطن القمر غير متماثل. وأوضح الباحثون أن هذا التباين ناتج عن نشاط بركاني مكثف حدث قبل مليارات السنين على الجانب القريب من القمر، مما أدى إلى تشكيل تضاريس سطحية مختلفة.
يلعب القمر دورًا حيويًا في استقرار دوران الأرض وتوليد المد والجزر، ما يجعل من دراسته ضرورة لفهم ديناميكيات النظام الشمسي بشكل أوسع
ووفقًا لما نقلته مجلة "نيتشر" العلمية، عن ريان بارك، المشرف على مجموعة ديناميكيات النظام الشمسي في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، فإن الدراسة " تكشف أن باطن القمر ليس متجانسًا؛ فالجانب المواجه للأرض أكثر دفئًا ونشاطًا جيولوجيًا من الجانب البعيد، وهو ما يرتبط بآثار النشاط البركاني القديم".
وأضاف بارك أن الجانب القريب من القمر مغطى بسهول شاسعة تُعرف بـ "ماري"، وهي مناطق تشكلت نتيجة انصهار الصخور البركانية وتبريدها منذ مليارات السنين. بينما يتسم الجانب البعيد بتضاريس وعرة مع قلة واضحة في المسطحات السهلية.
وأشارت الدراسة إلى أن النشاط البركاني المكثف على الجانب القريب أدى إلى تراكم عناصر مشعة مولدة للحرارة، مثل الثوريوم والتيتانيوم، في طبقة الوشاح، مما أدى إلى زيادة حرارته مقارنة بالجانب البعيد.
وقدر الباحثون أن درجة حرارة الوشاح في الجانب القريب تتراوح بين 100 و200 درجة مئوية، وهي أعلى من الجانب البعيد، وهو ما يرجح أن تكون الحرارة قد استمرت عبر الزمن بفعل التحلل الإشعاعي للعناصر الثقيلة.
وأوضح بارك أن الخريطة الجاذبية الجديدة للقمر تعتبر الأكثر دقة حتى الآن، وستكون حجر الأساس لتطوير أنظمة الملاحة وتحديد المواقع الزمنية للقمر، والتي ستكون ضرورية لمهام الاستكشاف المستقبلية. كما أن البيانات المكتسبة قد تساعد في تطوير أنظمة الملاحة على سطح القمر، بما يعزز من إمكانية نجاح المهمات البشرية المستقبلية.
وأوضح الباحثون أن النهج المستخدم لتحليل بيانات الجاذبية قد يُطبق على أجرام أخرى في النظام الشمسي، مثل قمر زحل "إنسيلادوس" وقمر المشتري "جانيميد"، حيث يعتقد الباحثون أن كلاهما قد يحتوي على محيطات تحت سطحه.
لا تزال أسرار القمر تتكشف يومًا بعد يوم، حيث تساهم مثل هذه الدراسات في تعزيز فهمنا لتاريخه الجيولوجي وتأثيراته على الأرض. وباعتباره القمر الطبيعي الوحيد للأرض، يلعب القمر دورًا حيويًا في استقرار دوران الأرض وتوليد المد والجزر، ما يجعل من دراسته ضرورة لفهم ديناميكيات النظام الشمسي بشكل أوسع.