لماذا نشعر بالدوار في السيارات الكهربائية؟

تشهد أسواق السيارات الكهربائية نموًا متزايدًا حول العالم، وترتفع مبيعاتها سنويًا، مع التحول العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة والاستغناء عن الوقود الأحفوري التقليدي.

وشهد عام 2024 ارتفاعًا في مبيعات السيارات الكهربائية على الصعيد العالمي، إذ ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية إلى 22% من السيارات الجديدة المباعة، أي أن أكثر من 1 من كل 5 سيارات جديدة مباعة كانت كهربائية.

بدأ عدد متزايد من المستخدمين الإبلاغ عن حالات شعور بالغثيان ودوار الحركة أثناء استخدام مركباتهم الكهربائية، لماذا يحدث ذلك؟

ومع تزايد انتشار السيارات الكهربائية بدأ عدد متزايد من المستخدمين الإبلاغ عن حالات شعور بالغثيان ودوار الحركة أثناء استخدام مركباتهم الكهربائية أكثر من سيارات البنزين أو الديزل التقليدية، وربطت بعض الدراسات حالات الشعور بالغثيان، خصوصًا في المقعد الخلفي للسيارات الكهربائية، بعدد من العوامل مثل اهتزازات المقاعد أو نظام الكبح الخاص بهذا النوع من المركبات، أو غياب صوت المحرك.

دوار الحركة

يشير دوار الحركة إلى الشعور بالدوار أو الشعور بالغثيان عند السفر، سواء بالسيارة أو الطائرة أو القطار، أو حتى عند لعب ألعاب الفيديو أو استخدام محاكاة الواقع الافتراضي (VR)، وتشمل أعراض دوار الحركة الدوخة والشعور بالغثيان والصداع والشعور بالبرد والتعرق، ويمكن لأي شخص أن يصاب بدوار الحركة، ولكنه أكثر شيوعًا عند النساء والأطفال الأصغر سنًا.

ويحدث دوار الحركة بسبب الحركات المتكررة عند السفر، مثل تجاوز المطبات في السيارة أو التحرك لأعلى وأسفل في قارب أو طائرة أو قطار، حيث ترسل الأذن الداخلية إشارات إلى الدماغ، وتختلف عن تلك التي تراها العين، وتؤدي هذه الرسائل المربكة إلى الشعور بالمرض.

هل تسبب السيارات الكهربائية دوار الحركة؟ 

يمكن أن يحدث دوار الحركة في عدد من السيناريوهات، لكن المركبات الكهربائية يمكن أن تجعل الناس أكثر عرضة للدوار، حتى لدى الأشخاص الذين لا يتعرضون له عادة في السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي.

وجدت إحدى الدراسات الاستقصائية التي أجريت في الصين، وهي منتج كبير للسيارات الكهربائية، أن المركبات الكهربائية مرتبطة بأعراض دوار الحركة أكثر حدة من المركبات التي تعمل بالوقود.

وعلى الرغم من عدم وجود سبب واحد محدد للدوار المرتبط بالمركبات الكهربائية، إلا أن هناك بعض التفسيرات المحتملة:

الكبح التجديدي (Regenerative Braking):

من المزايا التي يتم الترويج لها في كثير من الأحيان لامتلاك سيارة كهربائية هي إمكانية القيادة والتوقف بدواسة قدم واحدة، على الرغم من وجود دواسة قدم للمكابح، حيث يمكن للسائقين ببساطة، إبطاء السيارة بشكل كاف لإيقافها عن طريق رفع القدم عن دواسة التشغيل.

وعندما يخفف سائق السيارة الكهربائية من الضغط على دواسة القيادة، أو يضغط على الفرامل، ينتقل المحرك الكهربائي من وضع تشغيل العجلات إلى وضع المولد الكهربائي، يقوم هذا المولد بعد ذلك بتحويل جزء من الطاقة الحركية إلى كهرباء، والتي يتم تخزينها في بطارية السيارة، ويسمى هذا بنظام الكبح التجديدي والمصمم لإعادة الطاقة الحركية التي كانت ستضيع عند الفرملة في السيارة الكهربائية، وإعادة إنتاج الطاقة الكهربائية مجانًا.
 

ويظهر التأثير الجانبي لنظام الكبح التجديدي أحيانًا، بحركة تأرجح مفاجئة للمركبة الكهربائية، وشعور بعض ركابها بالدوار، خصوصًا إذا كان سائقها لا يمتلك الخبرة الكافية في قيادة السيارات الكهربائية واستخدام نظام الكبح هذا.

تسارع وتباطؤ أسرع:

تتميز السيارات الكهربائية بوزن أخف وأداء أفضل، ويمكنها أن تتسارع بعد الانطلاق بشكل أسرع من السيارات التقليدية.
تحقق المركبات الكهربائية تسارعًا فوريًا بفضل عزم الدوران الفوري للمحركات الكهربائية، بخلاف محركات الاحتراق الداخلي، التي تعتمد على سلسلة معقدة من العمليات الميكانيكية لتوليد الطاقة، إذ تعمل المحركات الكهربائية وفقًا لمبادئ كهرومغناطيسية توفر طاقة فورية ومباشرة للعجلات، ويؤدي هذا النقل المباشر للطاقة إلى تسارع فائق، مما يسمح للسيارات الكهربائية بتحقيق سرعات مذهلة عند الإقلاع قد تصل إلى 100 كم/ساعة خلال 4 ثوان.

وإذا كان لدى السائق خبرة أقل في استخدام السيارات الكهربائية، فإن هذا البدء والتوقف المفاجئ يمكن أن يخلق إحساسًا مزعجًا للركاب، وقد يتسبب لهم بالدوار.

الاهتزازات والضوضاء

 قد يبدو المحرك الهادئ ميزة رائعة في السيارات الكهربائية، لكن الطبيعة الهادئة للمركبات الكهربائية تعني أن آذاننا قد لا تلتقط أصوات الحركة التي نسمعها عادة في سيارة تعمل بالوقود.

أوضحت دراسة لماذا لا يشعر السائقون في كثير من الأحيان بنفس دوار الحركة مثل ركابهم، إذ من المحتمل أن القدرة على توقع الحركة القادمة قد تخفف من الإعياء الناتج عن الحركة الاهتزازية.

قدمت الدراسة أيضًا تحليلاً حول سبب تسبب السيارات الكهربائية في حالة دوار الحركة، ويرجع ذلك في الواقع إلى افتقارها إلى الصوت، إذ يمكن للإشارات السمعية أن تحسّن توقع الحركة.

يضع الدماغ نموذجًا لما يتوقعه في مواقف معينة، ففي سيارات الاحتراق، عندما يسمع الركاب صوت المحرك يدور، ويعلمون أن شخصًا ما يضغط على دواسة الوقود، فإنهم يتوقعون أن تتحرك السيارة للأمام، أما في المركبات الكهربائية، فإن المدخلات السمعية والبصرية قد لا تتناسب مع النموذج الذي اعتاد عليه الدماغ. يكون الركاب أكثر عرضة للدوخة والغثيان في السيارة الكهربائية من السائقين، خاصة عندما يكونون في المقعد الخلفي.

الوقاية من دوار السيارات الكهربائية

ساعد الجلوس في المقعد الأمامي، والنظر خارج النوافذ، على تقليل أعراض الدوار، إذ تساعد رؤية الطريق الدماغ على التنبؤ بالحركة، مثل الانعطافات والدوران وزيادة أو تخفيف السرعة.

كما يساعد تعديل أسلوب القيادة، مثل تجنّب التسارع المفاجئ والكبح الحاد على تجنيب الركاب في المقاعد الخلفية الاهتزازات والحركات المفاجئة والمزعجة التي تسبب لهم الإعياء أو الغثيان.

وتتيح بعض نماذج السيارات الكهربائية تعديل إعدادات الفرملة التجديدية لتقليل الإحساس بالتباطؤ المفاجئ، كما بدأ بعض المصنعين بإضافة مؤثرات صوتية أو اهتزازات خفيفة للتنبيه على تغيّر السرعة أو التوقف.

وتساعد بعض السلوكيات الركاب على تقليل الشعور بالغثيان، مثل فتح النوافذ للحصول على هواء نقي، والنظر إلى أشياء متحركة بدلًا من التركيز على الهاتف أو الأجهزة اللوحية، وأخذ استراحة قصيرة خلال الرحلات الطويلة.