07-يونيو-2018

لكي تحصل على إجابة على هذا السؤال اسألوا "الجوب سنتر" ومديريات شؤون اللاجئين، ومدارس الـVHS واختبارات اللغة، والتضارب في القوانين حسب كل مقاطعة، وضرائب العمل الأبيض، وذُلّ العمل الأسود، وكامبات اللاجئين، وصَهر الثقافات في بوتقة الثقافة الألمانية والاندماج. اسألوا أيّ لاجئٍ أضاع سنوات عمره الأخيرة بين الانسلاخ والاندماج وستفهمون بالتأكيد لماذا لن أشجّع الفريق الألماني!

يجب أن تعيش تجربة اللجوء، ومرارة التعاطي مع "الجوب سنتر"، لكي تتوقّف عن تشجيع الفريق الألماني

أنا أحد اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا، للسنة الرابعة على التوالي، وُلدت مشجعًا لمنتخب الماكينات، حيث شجعته في مونديال أمريكا 1994، وبكيتُ في مونديال فرنسا 1998 حين أطلق شوكر رصاصة الرحمة عن طريق الهدف الثالث لمنتخب كرواتيا في شباك المنتخب الألماني، لتودّع الماكينات البطولة بطريقة جارحة لقلب مشجّع صغير في الثالثة عشرة من عُمره.

اقرأ/ي أيضًا: افتراء فرانس برس على عزمي بشارة.. هنا الإمارات!

في مونديال كوريا واليابان سنة 2002 اشتريت أول قميص لمنتخب ألمانيا، وقمت بطباعة الرقم 20، رقم أوليڤر بيرهوف، وحزنت كثيرًا وأنا أرى رونالدو البرازيلي يُمطر شِباك أوليڤر كان، حارس الماكينات، بهدفين في نهائي تلك البطولة.

الرقم 13 كان رقم قميص المنتخب الألماني الذي اشتريته في مونديال 2006، وكان يحمل اسم اللاعب مايكل بالاك، نجم خط الوسط الألماني، وشعرت بالانكسار في نصف نهائي البطولة بعد الخسارة مع منتخب إيطاليا الأزرق.

صحيحٌ أنّ صيف 2010 كان ولا زال الأجمل في ذاكرتي عن دمشق، لكنه لم يكن الأكثر حظًا رغم ذلك، حيث أذكر في ذلك الصيف، كيف أصبحت بشكلٍ ما "رئيس رابطة مشجعي منتخب ألمانيا في سوق ساروجة بدمشق"، وكان عليّ إشعال لهيب الجماهير الحاضرة عن طريق الإيقاع والهتافات، بعد كل هدف، من الأهداف الغزيرة جدًا، التي أحرزها لاعبو منتخب "المانشافت" في شِباك كل المنتخبات التي واجهتهم، إلّا أن كل هذا الرصيد التهديفي المخيف، لم يشفع لهم في مواجهة منتخب "الماتادور" الإسباني في نصف نهائي البطولة، وخسروا مباراة نصف النهائي، ليكتفوا للمرة الثانية بالمركز الثالث.

سنة 2014، كنت في أشرفيّة بيروت، وكان صيفًا لاهبًا، واختبارًا مبدئيًا لاحتمال سنين الغربة القاتلة، والقادمة. وكالعادة، ارتديت قميص المنتخب الألماني، وشاركت الأصدقاء نشوة تحقق الحُلم، حين أحرز الألمان لقب بطولة المونديال، بعد إذلال منتخب البرازيل في نصف نهائي البطولة، بسبعة أهداف لن تنساها جماهير البرازيل أبدًا.

في الحقيقة، لم يكن القدوم الى ألمانيا من ضمن الخيارات المتوفرة في بال أي أحدٍ منّا، لكن في نهاية السنة كنت في ألمانيا، أبدأ مسلسل اللجوء وأسير على خطوط الاندماج الشديدة الرقّة، وأقع.. ثم أنهض.. ثم أقع وأتلطّخ بوحل الاندماج.. هكذا.. حتى وجدت نفسي الآن، في صيف 2018 على أبواب كرنفال المونديال.

لهذا كلّه، لم أعد أرغب في تشجيع منتخب الماكينات، بل سأشجّع بكل حبٌّ وحماس Vamos Argentina.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يلزمنا أن نثقَ بالتاريخ؟

الحل الغائب للزمن الجزائري الملوّث