22-يونيو-2016

نساء نازحات من دارفور

نضيع وقتًا ثمينًا حين نراهن على "المجتمع الدولي" لتغيير الأوضاع التي تعتري بلادنا، نحو أوضاع أكثر توافقًا مع "شعارات" يقول المجتمع الدولي إنه يدعم تحقيقها ويناصر المنادين بها. إلا أن الواقع ظلَّ يرينا أن ذلك "المجتمع" مثله مثل التاجر؛ تتغيَّر مواقفه ويسيل لعابه أمام أي عرض "مناسب"، يدعم مصالحه سياسيًا أو اقتصاديًا، يقدّمه الدكتاتور.

لو أراد المجتمع الدولى وقف انتهاك إنسانية السودانيين في دارفور ومناطق الحرب، وحتى العاصمة؛ لأوقف كل ذلك

تخبرنا الحالة السودانية، أن الإيمان بدعم المجتمع الدولي في مواجهة نظام حكم يمثل النقيض التام لشعارات حقوق الإنسان والحرية؛ هو رهان غير ناضج، ذلك أن المجتمع الدولي ليس "فاعل خير"، وليس متسقًا حقًا مع مقولاته التي يتزين بها. فمقابل التعهد بوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا عبر الأراضي السودانية، أصبح المجتمع الدولي اليوم حليفًا غير معلن للنظام السوداني، الذي يطارد رئيسه "علنًا" بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

اقرأ/ أيضًا: الموت السوري العادي

لو أراد المجتمع الدولي القبض على البشير فلن يعجز عن ذلك، ولو أراد وقف انتهاك إنسانية السودانيين في دارفور ومناطق الحرب، وحتى العاصمة؛ لأوقف كل ذلك. لكنه لن يفعل، سيظل يكتب المزيد من السطور في مسرحية "البشير والمحكمة الجنائية"، ويضيف المزيد من المشاهد في دراما "الحصار ودعم الإرهاب"، بينما تحت الطاولة يمد يده للرئيس نفسه، يدعمه ماليًا تحت بنود غامضة، ويقويه بالضغط على معارضيه ليوقعوا على تسوية تخدم النظام أكثر من كونها حلًا للمشكل السوداني المعقد. وكلما قدم النظام ورئيسه "سرًا" المزيد من الخدمات، سيحصل على المناصرة، أو على الأقل غض الطرف عمّا تجرم يداه.

وبينما يستخدم المجتمع الدولي، المعارضة، وسجل حقوق الإنسان المخزي في السودان، لابتزاز النظام وترويضه؛ فهو يفضل -بوضوح- استمرار الأوضاع على ما هي عليه، بجرائمها وانتهاكاتها، طالما أن محصلتها استقرار النظام الخادم لمصالحه. لذا على من يعولون على دعم المجتمع الدولي وفقًا لتلاقي الشعارات معه، إعادة النظر من جديد. فمن الواضح أن المعادلة صارت هكذا: "عروض النظام لا يمكن رفضها، وما لم يكن لديك عرض منافس فلن تتلقى دعمًا حقيقيًا". وإلى حين إدراك هذه المعادلة، سيسعى المجتمع الدولي لتسوية الأرض من أجل النظام، ليستقر ويقوم برعاية مصالحه.

لن يدعمنا المجتمع الدولي، وإن بذل لنا قصص الحب والتعاطف المصطنعة، فلا شيء لدينا نقدمه إليه. بينما لدى النظام الحاكم كل شيء. وإن النظر "بأخلاقية" إلى المجتمع الدولي ومواقفه؛ لهي سذاجة دفعنا ثمنها ولا نزال، حين نرى الوعود ولا نرى أي جهد لتحقيقها ممن قطعها لنا. علينا ألا نثق، بل يجب أن نفهم منطق التاجر جيدًا، فنحن مجرد "آخر" ربما يظن المجتمع الدولي أننا لسنا مؤهلين لشيء سوى استغلالنا من أجل رفاهيته. ولنصير جزءًا من اللعبة؛ ربما حان الوقت للتفكير بطريقة مختلفة، حتى لا نكون مثل من آذتهم الحفرة فلم يفكروا في ردمها، بل اقترحوا حلولًا لدرء ضررها فقط وكأنها ثابت لا يجوز تغييره.

اقرأ/ أيضًا:

لا تضغط على الرابط التالي

الرابطة المجتمعية: تكاتُف أم انقياد؟