14-يونيو-2018

حشدت السعودية دولًا عربية لعدم التصويت لصالح استضافة المغرب لمونديال 2026 (Getty)

خسر المغرب رهانه على استضافة كأس العالم 2026، في اقتراع الاتحاد الدولي لكرة القدم - فيفا بقيادة جياني إنفانتينو، بالعاصمة الروسية موسكو، بتصويت 65 عضوًا للمغرب مقابل 134 عضوًا لصالح العرض الثلاثي لأمريكا الشمالية، الممثل في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.

عدد لا بأس به من الدول العربية خانت ثقة المغرب وصوتت لصالح العرض الأمريكي لاستضافة كأس العالم 2026، بالضغوط السعودية!

وحاز العرض الأمريكي في استضافة كأس العالم 2026على ثقة بلدان الأمريكتين وآسيا ومعظم دول أوروبا، بينما حصل المغرب على دعم أغلبية الدول الإفريقية والشرق الأوسط وعدد من البلدان الأوروبية، إلا أن الحشد الذي جمعته أمريكا كان واضحًا حجمه الكبير، إذ ضاعفت الأصوات الداعمة لها مؤيدي المغرب بما يفوق مرتين.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب يبكي حلم 2026.. ألم الطعنة في الظهر

ومن بين الدول التي صوتت للمغرب: الجزائر، قطر، بلجيكا، فرنسا، إيطاليا، سويسرا، هولندا، الصين، مصر، كوريا الشمالية وآخرين، فيما صوتت كل من السعودية، الإمارات، الكويت، العراق، لبنان، البحرين، إنجلترا، ألمانيا، الأردن، باكستان، الهند وآخرين، لصالح العرض الأمريكي الشمالي، وامتنعت إيران عن التصويت لأيٍّ من الطرفين.

ويظهر أن عددًا غير قليل من البلدان العربية والإسلامية خانت ثقة المغرب وصوتت للعرض الآخر، لكن الأكثر غرابة هو تصويت المملكة العربية السعودية ضد عرض المغرب، الذي يساندها بجنوده وطائراته في حربها الشعواء باليمن، ويقف في صفها ضد إيران. ويرجح أن السعودية كانت وراء تصويت بعض البلدان العربية لفائدة العرض الأمريكي، خاصة الأردن، التي شهدت مؤخراً أزمة اقتصادية اجتماعية.

وكان رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية، تركي آل الشيخ، قد لمّح قبل أيام عن نية بلاده التصويت للملف الثلاثي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لاستضافة كأس العالم لكرة القدم، نسخة عام 2026، حيث غرّد قائلًا على حسابه الرسمي بتويتر: "سعدت بلقاء كارلوس كورديرو رئيس الاتحاد الأمريكي لكرة القدم، رئيس اللجنة القائمة على ملف الترشح لدول أمريكا وكندا والمكسيك. ملف قوي لتنظيم كأس العالم 2026".

ويرجع مراقبون تصويت السعودية ضد المغرب في اقتراع استضافة كأس العالم 2026، إلى توتر صامت بين الرباط والرياض، أخرجه ملف مونديال 2026 إلى العلن، بسبب موقف المغرب من أزمة حصار قطر الذي تفرضه منذ أكثر من عام كل من السعودية والإمارات وعواصم تابعة لهما.

صوتت السعودية ضد استضافة المغرب لمونديال 2026، بسبب موقف المغرب المناهض لحصار قطر

وحيال الأزمة، تبنت الرباط منذ البداية موقفًا محايدًا، ودعا الملك محمد السادس آنذاك أطراف الأزمة إلى ضبط النفس، وتجاوز الأزمة، كما عبرت الرباط عن استعدادها لبذل مساعٍ حميدة من أجل تشجيع حوار صريح وشامل بين هذه الأطراف. وأرسل المغرب، بعد أسبوع من اندلاع الأزمة، طائرات محملة بمواد غذائية إلى دولة قطر.

اقرأ/ي أيضًا: سنة على حصار قطر.. السعودية تختبئ وراء البلطجة والتشويش

لكن يبدو أن هذا الموقف لم يعجب السعودية، وأرادت أن يشاركها المغرب حصارها على قطر كما شاركها حربها في اليمن، ولما لم يتحقق ما تصبو إليه، قررت أن ترسل رسالة في هذا الشأن إلى الرباط عن طريق مناسبة اقتراع استضافة كأس العالم 2026 لكرة القدم، حيث كتب المستشار بالديوان الملكي السعودي، تركي آل الشيخ، في تغريدة له على تويتر، في آذار/مارس الماضي: "لم يطلب أحد أن ندعمه في ملف 2026، وفي حال طُلب منا سنبحث عن مصلحة المملكة العربية السعودية، واللون الرمادي لم يعد مقبولاً لدينا"، مضيفًا: "هناك من أخطأ البوصلة، إذا أردت الدعم فعرين الأسود في الرياض هو مكان الدعم، ما تقوم به هو إضاعة للوقت، دع الدويلة تنفعك! رسالة من الخليج إلى المحيط".

وتكشف تغريدة آل الشيخ عن الغضب السعودي المبطن من الموقف المغربي من حصار قطر. وما فتئ هذا الغضب يزداد خلال الأشهر الأخيرة، لتصبح الساحة الرياضية في نظر السعودية معتركًا لتصفية الحسابات السياسية والدبلوماسية، وقد كان "لوقوف السعودية، بوزنها الثقيل في المنطقة، خلف الملف الأمريكي، وحشد الأصوات لهذا الملف الثلاثي، ضرر كبير على حظوظ المغرب في نيل شرف استضافة المونديال وضربة موجعة للبلاد"، كما سبق أن قال الخبير الرياضي، يحيى السعيدي.

ومن جهة أخرى، يظهر أن السعودية فضلت علاقاتها ومصالحها مع أمريكا ترامب عن كل ما يمكن أن يربطها بالمغرب، وهو ما عبّر عنه تركي آل الشيخ في حوار له مع شبكة بلومبيرغ، حينما قال إن "قرار دعم أمريكا، يرجع بالأساس إلى ترجيح مصالح السعودية، على أي اعتبارات أخرى"، مردفًا أن نسخة كأس العالم لسنة 1994، التي أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية، هي "من أفضل نسخ كأس العالم التي شاهدها في حياته"، على حد تعبيره.

ولم يسبق لأي سياسي أن مارس تأثيرًا بشكل واضح على اختيارات التصويت في مثل هذا الحدث الرياضي العالمي، إلى أن جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وغرد على تويتر، الذي يعد مطبخ إعداد سياساته الخارجية، قائلًا: "لما يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تدعم بلدانًا لا تقدم لها الدعم في هذا التصويت"، في تلميح منه إلى عواقب التصويت ضد العرض الأمريكي في منافسة استضافة كأس العالم 2026.

وهو ما أتى بأُكله بالفعل، خاصة وأن الاقتراع كان هذا العام علنيًا على غير العادة، فسهل على الدول المرشحة لاستضافة هذا الحدث الرياضي معرفة البلدان التي تقف في صفها والأخرى غير المؤيدة لها، وهكذا قدمت العديد من البلدان في آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، صوتها لصالح العرض الأمريكي، من أجل مصالحها الاقتصادية والسياسية مع أقوى دولة في العالم.

قبل ذلك صوتت السعودية أيضًا ضد استضافة المغرب لكأس العالم، كان ذلك على اقتراع مونديال 2000!

وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تصوت فيها السعودية ضد المغرب، إذ كشفتْ صحيفتا "دي فيلتْ" الألمانيَّة و"الدايلِي ميلْ" البريطانيَّة، عنْ خذلانٍ سعودِي للمغرب في مونديال عام 2000، لدى التصويت على البلد المختار لتنظيم نهائيّات كأس العالم، والتِي ظفرت بها ألمانيا، وكان المغربُ أحدَ مرشحيها، حيث منحت الرياض صوتها للألمان مقابل تمرير صفقة أسلحَة راجمات صواريخ منْ طراز "RPG"، ألمانية الصنع إلى ترسانتها العسكرية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تركي آل الشيخ.. بلطجي ابن سلمان في الشارع المصري

كأس العالم لكرة القدم.. أهم الحقائق والأرقام في تاريخ البطولة