01-سبتمبر-2018

مقطع من شاطئ سياحي جنوب حيفا المحتلة (Getty)

لن تبقى الأرض على حالها، ولن يكون هناك بحر أبيض متوسط بشواطئه الساحرة، قبلة السياح من حول العالم. هذا هو ملخص التوقعات الجيولوجية الخاصة بمستقبل الأرض، كما استعرضتها مجلة الإيكونوميست في تقرير لها، ننقله لكم مترجمًا فيما يلي:


إذا وجدت نفسك على ساحل البحر الأبيض المتوسط، فاقتنص دقيقة من وقتك في ملاحظة الشاطئ، ومراقبته عن كثب لفترة من الوقت (وليكن لمدة عام على وجه الدقة)، قد تلاحظ أن الشاطئ يتزحزح قليلًا، حوالي سنتيمترين أو أقل قليلًا.

بمراقبة دقيقة، لمدة نحو عام، لشاطئ البحر الأبيض المتوسط، ستلاحظ أن الشاطئ يتزحزح قليلًا، حوالي 2 سنتيمتر أو أقل قليلًا

تتصادم إفريقيا وأوروبا ببطء مع بعضها البعض في عملية مستمرة منذ 40 مليون سنة، أدت إلى ارتفاع سلسلة جبال الألب وجبال البرانس على طول الطريق.

اقرأ/ي أيضًا: ما هي أشهر الوجهات للرحلات الجبلية؟

ويتوقع استمرار هذا الانجراف القاري لفترة طويلة في المستقبل تُقدر بنحو 50 مليون سنة من الآن، إلى أن تلتقي القارتين معًا ليصبحا قارة واحدة ضخمة تعرف باسم الأوروأفريقية (Eurafrica)، وسيختفي البحر الأبيض المتوسط ​​تمامًا، ويحل محله سلسلة جبال كبيرة مثل جبال الهيمالايا. وسيتشكل عالمٌ لا يُمكن التعرف عليه.

ويُعد الانجراف القاري، إضافة حديثة العهد نسبيًا إلى النظام الجيولوجي، بعد أن صار مقبولًا على نطاق واسع في حقبة الستينات فقط. وتتحرك الصفائح التكتونية تحت الأرض باستمرار مدفوعة من قبل تيارات الحمل الحراري في الطبقة الأرضية التي تسمى الوشاح، أسفل القشرة الأرضية التي تغطي كوكب الأرض.

واكتسب العلماء، خلال السنوات الأخيرة، فهمًا جيدًا للكيفية التي اعتادت القارات على التحرك من خلالها، إذ يطورون حاليًا مجموعة من النظريات حول طبيعة نشأة العديد من القارات العملاقة على مدار تاريخ الأرض.

من المتوقع أن يُؤدي الانجراف القاري بعد ملايين السنين إلى التقاء أفريقيا وأوروبا في قارة واحدة ضخمة
من المتوقع أن يُؤدي الانجراف القاري بعد ملايين السنين إلى التقاء أفريقيا وأوروبا في قارة واحدة ضخمة 

وتعد قارة بانجيا، أخر الكتل الأرضية العملاقة التي تفككت منذ حوالي 200 مليون عام تقريبًا، مما يعني أن الأرض حاليًا في منتصف دورة انجراف، كما أن استقراء البيانات التاريخية يسمح للباحثين بالتنبؤ بما يمكن أن يحدث في المستقبل.

من السهل نسبيًا توقع ما قد يحدث خلال السنوات الخمسين القادمة، ويتفق معظم الجيولوجيين أن اختفاء البحر المتوسط أمرًا واقع الحدوث بنهاية المطاف.

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال مصير البحار والمحيطات الأخرى محل جدال كبير، وتأتى أشهر التنبؤات المتعلقة بهذا الصدد من الجيولوجي كريستوفر سكوتيس، أستاذ الجيولوجيا بجامعة تكساس الأمريكية، إذ تقترح نظريته "الانعزالية" أن المحيط الأطلسي الذي يشهد اتساعًا في الفترة الحالية سوف يعكس مساره في نهاية المطاف.

ويعتقد سكوتيس، أن الأطلسي سوف يختفي خلال الـ200 مليون عام القادمة، وأن الأمريكيتين سوف يصطدمين بالقارة الأوروأفريقية، لتشكيل قارة بانجيا الجديدة أو ما يعرف جيولوجيا بـ"بانجيا بروكسيما". في حين يعتقد أخرون أن العكس تمامًا قد يحدث، إذ يتوقع بعض العلماء استمرار اتساع المحيط الأطلسي وانحصار المحيط الهادئ ومن ثم ستصدم ولاية كاليفورنيا بمنطقة شرق آسيا البعيدة، في نهاية المطاف.

وتشير التوقعات الأكثر تشاؤمًا إلى أن جميع القارات ستتحرك في اتجاه الشمال، ما سيؤدي إلى انحسار المحيط القطبي الشمالي وتكوين قارة "أماسيا" العملاقة حول منطقة القطب الشمالي.

وفي مطلع هذا العام، قُدم مقترح مختلف نسبيًا من قبل الجيولوجي جواو دوراتي من جامعة لشبونة البرتغالية، إذ يعتقد الفريق البحثي الخاص به، أن الأدلة تشير إلى أن كل من المحيط الأطلسي والهادئ سوف يقتربان، ولحل الأزمة المكانية التي قد تنشأ عن ذلك؛ اقترح الفريق البحثي أن قارة آسيا سوف تنقسم إلى جزأين منفصلين على طول الحدود الهندية الباكستانية.

لن تكون الحدود الجغرافية مهمة في المستقبل، حيث لن تبقى جغرافية الأرض على حالها
لن تكون الحدود الجغرافية مهمة في المستقبل، حيث لن تبقى جغرافية الأرض على حالها

ومن المتوقع أن يتشكل محيط آسيوي جديد في هذه المساحة، بحسب اقتراح الفريق البحثي، ليصبح أكبر محيطات العالم من حيث المساحة، بينما سوف تتكون قارة إيوريكا (Aurica)، والتي ستكون عبارة عن تجمع لجميع الكتل اليابسة الموجودة في العالم. وستتكون في منتصف ما كان يعرف في السابق بالمحيط الهادئ.

ومن الواضح أن التنبؤ بالأحداث الجيولوجية التي قد تحدث خلال الـ200 مليون عام القادمة لا يعد علمًا دقيقًا، ويبدو أن هؤلاء العلماء في موقف لا يُحسد عليه نظرًا لعدم القدرة على قول أشياء لن تثبت صحتها للبشرية أبدًا، لأنه من غير المحتمل أن تظل البشرية موجودة لرؤية التكوين القادم للقارة العظمى.

التوقعات الجيولوجية الخاصة بالمستقبل، تشير إلى أن الأرض لن تبقى على حالها، وكذلك الحال بالنسبة للحدود الجغرافية التي نرسمها على سطحها

ومع ذلك، فإن هذه التأملات الجيولوجية المتعلقة بالمستقبل قد تكون مثيرة للقلق إلى حد ما، إذ إنها بمثابة تذكير بأن الأرض التي نقف عليها لن تستمر في صورتها الحالية -على المستوى الجيولوجي على الأقل- وكذلك الحال بالنسبة للحدود الجغرافية التي نرسمها فوق سطحها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أطول أنفاق العالم.. معجزات بشرية تلعب مع التضاريس

خراب الفردوس.. كيف يدمّر السياح الأماكن التي يعشقونها؟