28-يونيو-2019

تمثل البحرين حديقة خلفية للسياسات الإماراتية السعودية (فرانس برس)

الترا صوت – فريق التحرير

اختتمت الأربعاء في العاصمة البحرينية المنامة أعمال ورشة العمل التي نظمت برعاية أمريكية لمناقشة خطة السلام من أجل الازدهار التي تمثل الشق الاقتصادي من صفقة القرن، وعلى الرغم من فشل الورشة بالوصول لهدفها المنشود بجمع مليارات الدولارات قيل إنها للاستثمار في مناطق السلطة الفلسطينية، كان لافتًا ترويج البحرين لحملة للتطبيع مع إسرائيل، وهو ما انعكس في تصريحات المسؤولين البحرينيين للصحافة الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين.

بدا أن البحرين مدفوعًة من أبوظبي تحاول أن تكون أولى الدول التي تعلن رسميًا تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو ما أعاد تكراره وزير الخارجية البحريني حين شدد في حوار مع الإعلام العبري على أن إسرائيل جزء من المنطقة

لماذا اختارت واشنطن تنظيم ورشة العمل في المنامة؟

منذ إعلان واشنطن عن استضافة المنامة لمناقشة الخطة الاقتصادية لصفقة القرن، أثيرت الأحاديث حول الأسباب التي دفعت الإمارة الخليجية الصغيرة لحدث بهذا الحجم، دون اختيار الرياض أو إحدى الدول الداعمة لحدوث ورشة العمل، وكانت أولى التبريرات استضافة البحرين في مياهها الإقليمية الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، الذي يضم حاملة طائرات، وغواصات هجومية، ومدمرات البحرية فضلًا عمّا يزيد على أربعة آلاف جندي أمريكي.

أقرأ/ي أيضًا: مؤتمر البحرين في انطلاقته.. مشروع كوشنير الذي ولد ميتًا

إلا أن هذا التبرير كان منقوصًا من الناحية التحليلية لعدة أسباب يمكن إدراج سياقها باعتبار المنامة الحديقة الخلفية للسياسة الإماراتية في منطقة الخليج العربي، فقد نشرت صحيفة معاريف العبرية قبل أيام تقريرًا كشف مضمونه عن تفاصيل جديدة في طابع العلاقات الخاصة بين إسرائيل وأبوظبي وصلت في مجالاتها للتعاون "الاستخباري والأمني العميق" بين الطرفين.

وتشير الصحيفة العبرية في تقريرها إلى أن العلاقات السرية بين أبوظبي وإسرائيل توثقت قبل 15 عامًا رافقها حرص إسرائيلي بإحاطة هذه العلاقات بالكتمان الشديد، وأضافت أن حرص الدول العربية، لا سيما أبوظبي على توطيد علاقاتها بإسرائيل رغم السياسات التي تتبناها حكومات نتنياهو المتعاقبة، مكّن اليمين الإسرائيلي من تطبيق سياساته على الصعيد الفلسطيني من دون ممانعة عربية تذكر.

وبالنظر للدور الذي تلعبه المنامة ضمن محور الدول المضادة لثورات الربيع العربي بقيادة أبوظبي والرياض، نلمس تفاهمًا واضحًا ينعكس بشكل مباشر في السياسة الداخلية والخارجية للمنامة بناء على تماهي تام مع الموقف الإماراتي والسعودي، ويتضح ذلك من خلال وقوف ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد العام الماضي في النزاع على السلطة بين ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وعمه رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، والذي يقف فيه الأمير الإماراتي إلى جانب ملك البحرين ما يظهر أن الموقف البحريني من أبوظبي قائم على حماية مصالح النظام الملكي البحريني الحاكم.

المنامة.. نريد السلام مع إسرائيل!

ويبدو من هذا التناغم في المواقف المناقضة للموقف الرسمي العربي أن المنامة ستكون من بين الدول الخليجية السباقة لإعلانها تطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل رسمي، بالأخص أن المسؤولين البحرينيين كانوا من أكثر المسؤولين العرب الذين منحوا الصحافة الإسرائيلية تصريحات عديدة تضمنت موقف المنامة من التطبيع مع إسرائيل، ورؤيتها للخطة الاقتصادية لصفقة القرن التي وصفتها بأنها "تغيير اللعبة" بذات مستوى اتفاق سلام كامب ديفيد عام 1978 بين إسرائيل ومصر بحسب ما ذكر وزير الخارجية البحرينية خالد آل خليفة.

كما أكد الوزير البحريني في حديث موسع مع موقع تايمز أوف إسرائيل، على أن رؤية الإمارة الصغيرة تتمثل بأن "إسرائيل دولة باقية"، وأضاف "نريد علاقات أفضل معها، ونريد السلام معها"، الوزير البحريني تجاهل الانتقادات التي وجهت للمنامة من بحرينيين وعرب بسبب معالم التطبيع العلنية التي ظهرت خلال ورشة العمل، وزعم قائلًا: "إننا نعرف أن أشقاءنا في المنطقة يؤمنون بذلك أيضًا" في إشارة لقبول الدول العربية إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل.

وظهرت مفاصل عملية التمهيد لتصريحات المسؤولين البحرينيين منذ بداية المؤتمر عبر الحفاوة التي لقيها ستة صحفيين إسرائيليين قدموا لتغطية المؤتمر باستقبالهم رسميًا، وتخصيص رحلة لهم لزيارة كنيس في البحرين، وتعليقًا على إمكانية تطبيع العلاقات بين البحرين وإسرائيل قال مسؤول بحريني لوكالة الأناضول: "حال حصول تقدم سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن البحرين ستكون الأولى لإنشاء علاقات مع إسرائيل".

السعودية تقود تحالفًا عربيًا لإحياء عملية السلام   

وبدا أن البحرين مدفوعًة من أبوظبي تحاول أن تكون أولى الدول التي تعلن رسميًا تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو ما أعاد تكراره مجددًا وزير الخارجية البحريني حين شدد في حوار مع القناة 13 الإسرائيلية على أن إسرائيل جزء من المنطقة، وعلى "الرابط التاريخي" بين الشعب اليهودي وأرض فلسطين، الأمر الذي دفع مسؤولين وصحفيين إسرائيل للتفاعل مع تصريحاته.

في هذا الإطار اعتبرت النائبة ستاف شابير أنه "من واجب الجميع أن يشاهد هذه المقابلة، ما ورد على لسان الوزير مثير للمشاعر، هكذا يبدو التطبيع"، فيما عبر الكاتب الإسرائيلي إيساك هيملمان عن شعوره بتصريحات الوزير البحريني قائلًا: "يا لها من لحظة عظيمة عندما يقرّ قائد عربي بالرابط التاريخي بين الشعب اليهودي وأرض إسرائيل"، أما معلق الشؤون الخارجية في الصحيفة العبرية حاييم إيزروفيتش فقد كتب متسائلًا: "هل الهدف القادم السعودية؟".

وكان موقع الخليج أونلاين قد كشف الثلاثاء الفائت نقلًا عن مصادر مصرية وصفها بأنها "واسعة الاطلاع" عن وجود تحركات تجري سرًا بين مسؤولين من دول عربية وخليجية لوضع حد نهائي لمبادرة السلام العربية، مشيرًا إلى أن تحالفًا عربيًا جديدًا تقوده السعودية ويشارك فيه كل من مصر والبحرين والإمارات وسلطنة عُمان يعمل من أجل التوصل إلى اتفاق على صياغة نهائية لمبادرة سلام جديدة مع دولة الاحتلال ستُطلق رسميًا في منتصف العام المقبل 2020.

أقرأ/ي أيضًا: ورشة المنامة.. أوهام كوشنر المبددة في الشرق الأوسط

مناقشة الجانب الاقتصادي قبل السياسي ضرب من "الحماقة"

واختتمت الأربعاء أعمال ورشة العمل في المنامة لمناقشة الخطة الاقتصادية لصفقة القرن بإعادة كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر التأكيد على أن القضية الفلسطينية "مشكلة يمكن حلها اقتصاديًا"، وذلك في حديث مع الصحفيين عقب انتهاء ورشة العمل التي استضافتها المنامة لمناقشة خطة السلام من أجل الازدهار ضمن إطار صفقة القرن التي تروج واشنطن لها دوليًا، وفي محاولة لتجنب الرد على الانتقادات التي رافقت ورشة المنامة لطرحها الشق الاقتصادي قبل السياسي، قال كوشنر إنه سيتم طرح الشق السياسي "عندما يكون الوقت مناسبًا"، مشيرًا إلى أن اتفاق السلام سيحصل "عندما يكون الجانبان مستعدان لذلك".

وفي محاولة من أبوظبي لإظهار نفسها أنها طرف مؤثر على القرار الفلسطيني الداخلي، طالب وزير الدولة الإماراتي للشؤون المالية عبيد حميد الطاير بإعطاء "هذه المبادرة فرصة"، وفي موقف مماثل أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان دعم الرياض "أي شيء يحقق الازدهار في المنطقة".

بالنظر للدور الذي تلعبه المنامة ضمن محور الدول المضادة لثورات الربيع العربي بقيادة أبوظبي والرياض، نلمس تفاهمًا واضحًا ينعكس بشكل مباشر في السياسة الداخلية والخارجية للمنامة بناء على تماهي تام مع الموقف الإماراتي والسعودي

وكان واضحًا أن ورشة العمل كانت تشهد انقسامًا بين المدعوين الدبلوماسيين والمستثمرين نتيجة استباقها مناقشة الجانب السياسي بطرح الخطة الاقتصادية، الأمر الذي وصفه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بـ"الحماقة".

 

أقرأ/ي أيضًا: 

"السلام من أجل الازدهار".. تفاصيل رؤية واشنطن الاقتصادية لمؤتمر البحرين