17-يونيو-2022
Tedros Adhanom Ghebreyesus

تيدروس أدهانوم غيبريسوس (Getty*

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في بيان صحفي أن المنظمة "تعمل مع شركاء وخبراء من جميع أنحاء العالم لتغيير اسم مرض جدري القرود. وأضاف غيبريسوس: "سنعمل على تحديد السبب وراء هذا المرض وعوارضه، وأيضًا سنعلن عن الأسماء الجديدة في أقرب فرصة".

جاء إعلان المنظمة بعد عدة انتقادات وجهها عدد من العلماء مؤخرًا للاسم الحالي واصفين إياه بكونه اسمًا ينضوي فيه "التمييز والوصم" للمصابين به

وجاء إعلان المنظمة بعد عدة انتقادات وجهها عدد من العلماء مؤخرًا للاسم الحالي واصفين إياه بكونه اسمًا ينضوي فيه "التمييز والوصم" للمصابين به، فضلًا عن إشارة الباحثين إلى أنه "من غير الدقيق أيضًا تسمية سلالات من الفيروس نسبة لأسماء مناطق من أفريقيا مثل القول (سلالة غرب أفريقيا، سلالة أفريقيا الوسطى، سلالة حوض الكونغو)". لذلك تعتقد المنظمة أن المصطلحات المحايدة وغير التمييزية وغير المؤذية ستكون أكثر ملاءمة لمجتمع الصحة العالمي.

سردية عامة مغلوطة

وكانت قد أصدرت مجموعة مؤلفة من 29 باحثًا من علماء الأحياء بالشراكة مع مجموعة باحثين أخرين، دعوة عامة لتسمية جديدة لمرض جدري القرود، ونشر الإصدار على موقع virological.org بتاريخ 10 حزيران/يونيو الماضي. أشار العلماء إلى أن التفشي العالمي الحالي للمرض "تم اكتشافه في دول خارج القارة الأفريقية"، وأضاف العلماء بالقول أن التعاطي العام مع المرض يصر على الإشارة المتكررة إلى أصول المرض في أفريقيا أو غرب أفريقيا أو نيجيريا وغيرها. 

اقرأ هنا: التسمية الأصح.. جدري القرود أم جدري النسناس؟ 

ويعزو العلماء السبب في المرض لكثرة الاختلاط بالحيوانات كالقوارض والسناجب الذين ينقلون المرض إلى البشر. وكما يمكن أن ينتقل المرض أيضًا من شخص إلى آخر عن طريق الاتصال الوثيق وسوائل الجسم والرذاذ التنفسي والمواد الملوثة والاحتكاك بالجروح الجسمانية والدم. وقد بينت المعلومات المتوافرة أن كثرة الحالات مؤخرًا إنما تعود بمعظمها بفعل انتقال العدوى بين البشر.

واعتبر العلماء بأن التصور السائد في الإعلام وفي الإصدارات العلمية يشير بشكل مغلوط إلى الربط بين الأفريقيين والمرض بالرغم من ثبوت أن الإصابات في أفريقيا حصلت قبل العام 2022 وجميعها نتجت عن الاختلاط بين الإنسان والحيوانات، فيما لم تسجل حالات انتقال العدوى بين البشر في أفريقيا إلا نادرًا.

لذلك ترى المجموعة بأن "التسمية يجب أن تتماشى مع أفضل الممارسات فيما يتعلق بالأمراض المعدية، وبطريقة تقلل من الآثار السلبية وغير الضرورية على الدول والمناطق الجغرافية والاقتصادات والأشخاص". وتضيف المجموعة في بيانها "يجب أن يمنح هذا المرض اسمًا مميزًا بحيث يمكن أن يشار إليه على وجه التحديد في كل من الخطاب العلمي والعالمي وفي وسائل الإعلام".  وتعتقد المجموعة بأن "الإاسم الجديد يجب أن يكون فريدًا وملائمًا لتوصيف الفيروس المسبب لهذا المرض مما من شأنه أن يسهل التواصل العالمي دون مزيد من الدلالات السلبية". وأشارت المجموعة إلى أن هذه المهمة الرسمية تقع على عاتق اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات ICTV، فيما تم تداول طروحات عدة حول ضرورة الإشار إلى المرض من خلال الأحرف والأرقام.

وصم اجتماعي لذوي البشرة السوداء

وتجلى أكبر تمييز ووصم اجتماعي من خلال وضع صورة مواطن أفريقي ذو بشرة سوداء في الإعلام كلما تم الحديث عن المرض. على إثر ذلك، قامت "رابطة الصحافة الخارجية، أفريقيا" بإصدار بيان حثت فيه وسائل الإعلام العالمية على التوقف عن استخدام صور الأفارقة لتسليط الضوء على تفشي المرض في أوروبا، بالرغم من أن المكان الذي حدثت فيه أول إصابة لا يزال مجهولًا ولم يتم تحديد ما إذا كانت العدوى خرجت من أفريقيا أم دخلت إليها من الخارج، لكن السردية الإعلامية أغفلت كل هذه المعطيات والمعلومات.

وفي بيانها أشارت الرابطة إلى امتعاضها من وسال الإعلام تلك، وذكرت بالتحديد الوسائل الإعلامية المتوجدة في شمال القارة الأمريكية والمملكة المتحدة. واعتبرت الرابطة أن "المرض يمكن أن يصيب الجميع بغض النظر عن العرق واللون والجنس وغيرها من السمات"، وأضافت "نحن نؤمن بأن المرض لا لون ولا عرق له ولا يجب أن تلصق هوية شعب ما بأيّ مرض".

وتابع بيان الرابطة "أليس من الأجدى حين الحديث عن المرض في الإعلام الأوروبي والأمريكي، أن تقوم هذه الوسائل الإعلامية بعرض صور من مستشفياتها؟ وفي حال لم تكن هناك صور متوفرة، ألا يمكنها نشر مجموعة من الصور الإلكترونية المصنعة والمبرمجة؟". ونددت الرابطة في بيانها ما وصفته بكونه "تنميطًا للعرق الأفريقي في مقابل تنزيه أعراق أخرى عن أن تكون مصدرًا للمرض".

ورأت الرابطة أن هذه الأفعال "لا تتمتع بالحساسية الإنسانية والتعاطف وكما أنها مهينة للكرامة، فهي تصور بأن الرجل الغربي نقي وطاهر في مقابل إجرامية الرجل الأسود وتحميله وزر تفشي المرض". ففي الوقت الذي نخوض حربًا عالمية ضد الكراهية والتنميط والعنصرية، فإن على الإعلام أن يكون في مقدمة هذه المعركة من خلال السرد الإيجابي للقصص والقضايا والمسائل المطروحة على الساحة.

إعلان حالة طوارئ عالمية؟

وتابع غيبريسوس بالقول "من الواضح أن التفشي العالمي لما يسمى جدري القرود أمر غير معتاد ومثير للقلق"، مضيفًا أنه قد تقرر عقد اجتماع للجنة الطوارئ بتاريخ 23 حزيران/يونيو لتقييم ما إذا كانت هذه الفورة في الإصابات تمثل حالة طوارئ صحية عامة مثيرة للقلق الدولي. ومن الممكن أن تطلق المنظمة إنذارًا "من أعلى المستويات" لمواجهة التحديات التي يفرضها المرض. وأشار إلى أن المنظمة تعمل بشكل وثيق مع الدول الأعضاء وشركائها لتطوير آلية تمكن من الوصول العادل إلى اللقاحات والعلاجات.

وبحسب أرقام منظمة الصحة العالمية فإن عدد الإصابات بالمرض قد وصلت إلى 1600 إصابة مؤكدة بالمرض، وحوالي 1500 حالة مشتبه بها في 39 دولة، دون تأكيد أية حالة وفاة ناجمة بشكل مباشر عن الإصابة بالمرض.