26-أكتوبر-2022
breast cancer hijabi woman

تتزايد نسب الإصابة بالسرطان بين النساء في العالم العربي (Getty)

في تشرين الأول/أكتوبر من كل عام يتجدد التذكير بأهمية الفحص المبكر عن سرطان الثدي والتوعية حول طرق الوقاية منه، لتجنب رحلة طويلة مليئة بالآلام والوقت الجهد المبذولين إضافة إلى تكاليف العلاج، إذا ما تجاهل الشخص علامات ظهور المرض أو تغافل عن الوقاية منه.

في عام 2020، شُخصت إصابة 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي وسُجلت 685 ألف حالة وفاة بسببه على مستوى العالم

ويعد سرطان الثدي أحد أنواع السرطان الذي تبدأ فيه خلايا الثدي بالنمو خارج نطاق السيطرة، وهو النوع الأكثر انتشارًا في العالم، وحالات الإصابة به في تزايد مستمر، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

ففي عام 2020، شُخصت إصابة 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي وسُجلت 685 ألف حالة وفاة بسببه على مستوى العالم، وفي نهاية عام 2020، كان هناك 7.8 مليون امرأة على قيد الحياة تم تشخيص إصابتهن بسرطان الثدي في السنوات الخمس الماضية.

وبحسب ما ذكر مختصون لموقع ألترا صوت، فإن العامل الوراثي له دور أساسي بالإصابة بسرطان الثدي، بما نسبته 90%، وإذا وُجدت إصابة لدى أهل الأب أو الأم، وليس بالضرورة لدى الأقرباء من الدرجة الأولى، فيجب على النساء أن تكنّ أكثر حرصًا واتباعًا لإجراءات الوقاية في هذه العائلة، وليس فقط اتجاه سرطان الثدي، بل أي سرطان آخر، يجب لدى الإناث الحرص على الوقاية من سرطان الثدي، واتباع أسلوب الحياة صحي وعادات غذائية سليمة.

شبح الإصابة

لأن الوراثة تلعب دورها في هذا المرض، تخاف بعض السيدات ممن لدى عائلتها سجل مرضي مع سرطان الثدي أن تفحص نفسها وتكتشف إصابتها بها، فبعضهنّ تفضل الإصابة به وتحمّل آلامه، على أن تكتشفه وتواجهه، فتقول إحدى السيدات لألترا صوت، "للأسف العديد من الأشخاص في عائلتنا مصابين بالسرطان والأغلبية الثدي، خالاتي الثلاثة وابنة إحداهنّ، إضافة إلى زوج خالة أمي، وعمة أبي، وابنة عمي، هم كثر لكنني لا أفحص نفسي أبدًا".

وعن ذلك، أكدت المعالجة النفسية والمختصة بعلم النفس التربوي الدكتورة دجانة البارودي لألترا صوت، أن الخوف من المرض لن يقدم أي فائدة، بل على العكس تمامًا، فالحالة المزاجية تؤثر على تنشيط جينات المرض، كما أن الخوف هو إعاقة حقيقية لحياة طبيعية، وهو سبب رئيسي لتدمير الحياة، وأي شعور لم يكن دافعًا للعمل سيكون ضرره أكبر، ولذلك مثلًا إذا توفي قريب لنا بسبب هذا المرض، فالعمل في هذه الحالة يكون بنشر توعية عنه، تقديم صدقات، الاشتراك ببرامج دعم المصابين، وغيرها، لا الخوف والعيش بقلق مستمر.

وأشارت البارودي إلى وجود اضطراب نفسي يسمى "اضطراب توهم المرض"، هذا النوع يحتاج المصاب به مراجعة مختص للتعامل مع هذه المخاوف، إذا سببت معاناة مستمرة، وإعاقة للحياة الطبيعية، وظهور أعراض جسدية كفقدان الشهية أو تغير بنظام النوم.

سرطان الثدي

المعالجة النفسية نصحت السيدات بمواجهة مخاوفهنّ تدريجيًا، ووضع خطط حياتية لجميع السيناريوهات التي يتوقعنها، "فعادة بالمواجهة والتخطيط تكون الأمور تحت السيطرة"، وهو ما تؤيده بها الصيدلانية الكيميائية والمستشارة الصحية الدكتورة فاتن أبو قبع، في معرض حديثها مع ألترا صوت، إذ تشرح "يرفع الخوف هرمون الكرتيزول في الجسم، وهذا بحد ذاته مدعاة للمرض وضعف المناعة وتشكل الجذور الحرة، "لذلك الثقة بالله والهدوء النفسي والإجراءات الوقاية، هي أهم عوامل اجتناب الإصابة" بحسب أبو قبع.

طرق الفحص الدوري

تتفاوت طرق الفحص والكشف عن المرض، منها اليدوي عند مختص أو حتى فحص المرأة لجسدها بنفسها، أو بطرق أخرى كأشعة الماموغرام، وبدوره ألترا صوت سأل مجموعة من السيدات عن قيامهنّ بالفحص الدوري في المنزل أو عند مختص، وتفاوتت الإجابات بين من أكدن على فحصهنّ لأنفسهن باستمرار، وبين من لا يفعلن ذلك، رغم وجود سيدة أشارت إلى ملاحظتها وجود عقدة ضخمة ظهرت خلال آخر سنتين لكن ما تزال تهمل عملية الفحص.

الكشف المبكر حتى لو كان في المنزل، يجب أن يكون عادة تتعلمها النساء منذ العشرينات من العمر

"الكشف المبكر حتى لو كان في المنزل، يجب أن يكون عادة تتعلمها النساء منذ العشرينات من عمرهن، كل شهر بشهره، فالفحص لا تتجاوز مدته 3 دقائق، لكن يمكن لذلك أن ينقذ أرواح الكثيرات"، توصي المستشارة الصحية، وتؤكد على ضرورة الخضوع لفحص أشعة الماموغرام لمن هنّ فوق الأربعين عامًا. أما إذا كانت المرأة ممن لدى عائلتها سجل مرضي، ولو حالة واحدة، فيجب عليها مراقبة نفسها باستمرار، والخضوع لأشعة الماموغرام منذ سن 35 عامًا، نافية أبو قبع أن يكون لهذه الأشعة أية علاقة بالتسبب بالإصابة بسرطان الثدي كما يشاع، "بل على العكس، هي أشعة تكشف المرض في بدايته، منذ أن يكون السرطان خلية بدائية، أي جذر الخلية قبل أن تتشكل خلايا السرطان، وهو ما يعجز عن معرفته الطبيب أو الشخص نفسه بالفحص اليدوي، أي عندما يكون المرض من الدرجة صفر أو واحد".

وعن علامات الإصابة بسرطان الثدي، وطرق فحص المرأة الثدي بنفسها، فتشير الصيدلانية الكيميائية، إلى التغيرات التي قد تطرأ على مظهر أو ملمس الثدي، إن كان تغير في لون أو شكل حلمة الثدي، أو تغيرت في الهالة حولها، هل تغير لونها أو ظهر عليها قشور، هل هناك ثدي أكبر من آخر كعارض جديد وليس منذ الولادة، أو مثلًا وجود تكتل أو عقدة لم تكن موجودة من قبل، كلها علامات وأمور يجب التنبّه لها، مشددة على أهمية الفحص كثيرًا، دور الأم في تعليم ابنتها أول بلوغها وظهور الثديين لديها كيف تفحص نفسها باستمرار، من حيث وجود أي تغير باللون أو بالشكل، أو الإفرازات، أو أي تغير فيزيائي أو كيميائي في المنطقة يجب عدم تجاهله.

وأضافت "ليس أي تكتل من تحت الابطين وحتى الثدي هو كتل سرطانية، بل قد يكون تجمعًا مائيًا، ويمكن أن يكون حله بسيطًا جدًا".

وأفضل وقت للفحص، هو بعد انتهاء المرأة من الدورة الشهرية مباشرة، أثناء الاستحمام، وذلك لأن الجلد يكون رقيقًا ويمكن ملاحظة التغيرات وتحسسها تحت الجلد بسهولة، ووفقًا لأبو قبع فإن المرأة حتى لو بلغت سنّ الأمل أو الحكمة، أي انقطع عنها الطمث، يجب عليها متابعة صحتها والكشف المنتظم عن أي إصابة.

الوقاية والعلاج

تأكيدًا على أهمية الفحص الدوري كأول نقطة في الوقاية والعلاج، تقول الصيدلانية الكيميائية فاتن أبو قبع، إن الكشف المبكر يمكن أن يحقق نسبة شفاء تصل إلى 99% أو 100% من المرض، ولذلك فإن الوقاية خير من العلاج.

وتركز أبو قبع في حديثها لألترا صوت، على أسلوب الغذاء والحياة للسيدة منذ الطفولة، فله دور كبير للوقاية من السرطان، ولذلك على الأمهات توعية بناتهن من الصغر لأهمية النشاط البدني، انتظام النوم، الغذاء الصحي، بالابتعاد عن المعلبات والمفرزات وما يحتوي مواد حافظة أو ملونة، تؤثر على الصحة العامة، وتسبب ضعف مناعة وبالتالية ظهور الجذور الحرة، وتحوّل الخلايا إلى خلايا مجنونة تتكاثر بشكل كبير.

breast cancer hijabi woman

وفي السياق، لفتت المستشارة الصحية، إلى أن أسلوب الحياة غير الصحي أدى إلى بلوغ بعض الفتيات بسن صغيرة 8 أو 9 سنوات، فالبلوغ المبكر أو انقطاع الطمث المتأخر يجعل المرأة أكثر عرضة للإصابة بمرض سرطان الثدي، وذلك بسبب تعرضها لوقت أكبر لهرمون الاستروجين، وهو الهرمون الذي يعمل على تحفيز الجينات التي تحمل سرطان الثدي، ولذلك فإن أسلوب الحياة السيء وتناول الطعام المليء بالقمح والخميرة، بالإضافة إلى السمنة، وزيادة دهون الصدر والبطن، كلها عوامل تزيد من احتمالية الإصابة بالمرض.

وتسهب أبو قبع في الحديث عن أهمية الرياضة والنشاط البدني للفتيات، قائلة "ولو نصف ساعة، الرياضة كالمشي السريع أو الركض له نتائج مبهرة، فهي تنشط الدورة الدموية وتنشط السائل اللمفاوي، كما تحرض الجسم على التخلص من الجذور الحرة، عبر التعرق والبول.

أما بالنسبة للغذاء، فيُنصح بالبروكلي والقرنبيط وما يشبههما، بالإضافة إلى الخضراوات الورقية، والتقليل من اللحوم الحمراء والاكتفاء بوجبةواحدة منها أسبوعيًا، والاعتماد على اللحوم البيضاء كالدجاج والسمك، غير أن التخفيف من تناول الدجاج أيضًا مفيد، حيث يحقن أحيانًا الدجاج بهرمونات لزيادة الحجم، وهذه الأطعمة من مسببات البلوغ المبكر للفتيات، وبالتالي تعرضها أكثر للإصابة بسرطان الثدي إذا كانت تحمل جينات الإصابة بسرطان الثدي من عائلتها.

كما نوّهت أبو قبع إلى ضرورة تناول الأطعمة المليئة بمضادات الأكسدة للقضاء أيضًا على الجذور الحرة، بالإضافة إلى تناول العناصر المهمة كالمغنيزيوم وسيليلوم وكاليسوم وفيتامين دال، من خلال الطعام أو كمكملات غذائية، إذا لا تحتوي الأطعمة عادة على كافة احتياجات الجسم من الغذاء، في حين أكدت على ضرورة إجراء فحوصات للدم باستمرار، حتى لو كل سنة مرة.

بدورها، تقول الصحة العالمية، إن كل البلدان في إقليم شرق المتوسط، تستطيع إنقاذ الأرواح من خلال تحسين التشخيص المبكر، ووفقًا لأحدث البيانات عن السياسات والإجراءات الموصى بها للكشف المبكر عن سرطان الثدي، وسرطان عنق الرحم، وسرطان القولون والمستقيم، وسرطان الفم، وسرطان البروستاتا في إقليم شرق المتوسط: فإن الكشف عن مرض السرطان وهو لا يزال في مراحله الأولى ومتمركزًا في موقع محدود، سيساعد مزيدًا من الناس على النجاة من المرض، وسيقلل من تكلفة شفاء وعلاج مرضى السرطان.

الدعم النفسي لمريض السرطان

في بعض الأحيان يحتاج علاج سرطان الثدي إلى استئصال جزء من الثدي، وهو ما يؤثر على الصحة النفسية للمرأة بشكل كبير، أو ربما مجرد التفكير في ذلك، قد يحبط من همّة وعزم المريضة على مواجهة المرض، وعليه، تقول المعالجة النفسية دجانة البارودي، إن "فقدان جزء من جسد المرأة وخصوصًا الذي يميزها كأنثى يؤثر بشكل كبير على نفسيتها، وهذا يحتاج منها أن تقوم بخطوات خمس:

  • الأولى أن تعيش حزنها ولا تكتمه لفترة محددة، وأن تعبر عن الذي يزعجها. 
  • الخطوة الثانية أن تقرر الاستمرار بحياتها وتتعلم كيفية التكيف مع حياتها بوضعها الجديد.
  • أما الخطوة الثالثة فهي الاستماع لخبرات من لديهن نفس المشكلة، وذلك لأن تشارك المشكلة يخفف من أثرها ووقعها
  • والخطوة الرابعة هي الاعتناء بجسدها من خلال التغذية والرياضة
  • والخامسة هي الاعتماد على مصادر الدعم من محيطها والابتعاد على الأقل في الفترة الأولى من رحلة التعافي عن الناس السلبيين أو ذوي التعليقات غير الحساسة أو غير المتفهمة للمرض والواعية له.

أما في حال كان محيط المرأة فقيرًا بمن يستطيع تقديم الدعم فلا بد من أن تبحث عن مجموعات دعم للمتعافين أو من الممكن أن تشارك مجموعة معينة لها نفس اهتماماتها كتعلم موسيقى أو مجموعات القراءة أو تحفيظ القرآن أو تعلم الرسم وغيره، بحسب ما تنصح البارودي. 

وتلفت البارودي إلى المشاعر الأساسية التي لابد من تفهمها ومعرفة كيفية التحكم بها لدى مرضى السرطان: أولها فقدان الرغبة بالحياة بسبب الآلام الجسدية، ثانيًا فقدان الأمل بالمستقبل والاستسلام التام، إضافة إلى الشعور بالذنب وتحمل سبب الاصابة وبالتالي لوم الذات (لو كنت فعلت كذا لم أصب بالمرض) رابعًا، الغضب من نفسها أو من والدتها التي حملتها الجين، أو الغضب بسبب تدخين زوجها الذي تعتقد أنه سبب بمرضها مثلًا، خامسًا الحزن على نفسها والحال الذي وصلت إليه من ضعف شديد واعتماد على الآخرين، خصوصًا إن كانت صاحبة شخصية قوية.

وللتخفيف من أثر هذه المشاعر لابد من مضادات خمس: عبر ربطها بأمل وإعطاءها قيمة لحياتها، إلى جانب طلب عمل معين منها، حتى لو كان بسيطًا كأن تسجل يوميات أو تقدم نصائح لمن حولها في المشفى، لكي تقاوم استسلامها للمرض، ثالثًا التأكيد عليها بأن هذا المرض قدر وابتلاء، رابعًا مساعدتها على فهم غضبها وتبريره وتخفيف القهر الذي تشعر به، وأخيرًا محاولة البحث عن محببات تساعدها على التخفيف من مشاعر الحزن ويكون ذلك كله بوجود أسرة داعمة تساعدها أو أصدقاء محبين يقفون إلى جانبها.

تحديات في الوطن العربي

في دراسة لمنظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من نصف البلدان في منطقة بلدان شرق المتوسط، متورط في صراعات أو يعاني من نزوح السكان، وهذا بدوره يضع مزيدًا من التحديات أمام التصدي للسرطان في إقليم شرق المتوسط.

وتوضح المنظمة أن الصراعات وعمليات نزوح السكان تجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للحصول على الخدمات التشخيصية الأساسية، بما في ذلك التصوير، والتحاليل المختبرية وعلم الأمراض، وهي جميعها أمور أساسية للكشف عن السرطان ووضع خطة العلاج، كما أن إحالة مرضى السرطان إلى مستوى الرعاية المناسب قد يمثل تحديًا بسبب اختلاف القدرات في البلدان.

ووفقًا لبيانات البنك الدولي عن التصنيف الجديد لاقتصادات الدول حول العالم، والتي نشرها موقع "CNN عربي"، فإن الدول العربية ذات الدخل المرتفع كانت دول الخليج، الإمارات، السعودية، قطر، البحرين، الكويت وعُمان، أما الدول العربية ذات متوسط الدخل الأعلى هي العراق، ليبيا والأردن، وباقي الدول العربية أغلبها في فئة دخل متوسط أدنى كالمغرب، مصر، لبنان، موريتانيا، جزر القمر، تونس، الجزائر، جيبوتي والأراضي الفلسطينية، أما سوريا، اليمن، السودان، والصومال تحت فئة دول الدخل المنخفض.

وتشير الصحة العالمية إلى أن معظم حالات الإصابة بسرطان الثدي والوفيات الناجمة عنه هي في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل.