05-نوفمبر-2016

يعاني قطاع الصحة الجزائري من إخلالات وجب مراجعتها (فايز نور الدين/أ.ف.ب)

ذنبها الأول أنها ولدت في الجنوب الجزائري أما الثاني فهو أنها أصيبت بمرض خبيث (السرطان) وهي في عمر صغيرة جدًا، والنتيجة أنها تلقت دمًا غير صالح أثناء علاج مرضها الأصلي، لتكون بذلك ضحية ثلاث مرات، وهي تعكس بذلك صورة لمعاناة الآلاف من الجزائريين في جنوب البلاد.

هزت ما عُرف بفضيحة الدم الملوث في الجزائر عرش قطاع الصحة في البلاد وهي الفضيحة التي تعرض حياة عديد الأطفال للخطر

"آلاء شاور"، طفلة، تبلغ من العمر سنتين، ولدت في منطقة "جانت"، 2200 كيلومترًا، جنوبي العاصمة الجزائرية، حالتها فجرت قضية هزت قطاع الصحة في الجزائر من جديد، فالقطاع بات يخفي الكثير من آلام المواطنين، حيث مست ما عُرف بـ"فضيحة الدم الملوث" 13 طفلًا آخر في مستشفى "بارني" بمنطقة "حسين داي" بقلب العاصمة الجزائرية.

اقرأ/ي أيضًا: من جنوب الجزائر إلى شماله.. سفر في أحضان المرض

وقد فتحت النائبة في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى في البرلمان الجزائري) عن كتلة تكتل الجزائر الخضراء، سميرة ضوايفية، النار على قطاع الصحة، حيث طالبت في رسالة وزير القطاع عبد المالك بوضياف بضرورة التحقيق في القضية، وخاصة انتشار مرض التهاب الكبد في العديد من مناطق الشرق الجزائري، كاشفة في اتصال مع "ألترا صوت" عن "وجود العشرات من المرضى جراء العدوى من هذا المرض الخطير في كل من محافظات أم البواقي، خنشلة، باتنة وتبسة"، وهي محافظات متجاورة ومؤكدة أن "الأخصائيين يتحدثون عن عدوى انتقال المرض وأنه من الضروري الإسراع بالعلاج وإلا قد تكون الكارثة"، على حد تعبيرها.

كما وصفت النائبة عن تكتل الجزائر الخضراء الحادثة بـ"الفضيحة"، واعتبرت أنها تحولت إلى قضية رأي عام لأن الخطر بات يحدق بالآلاف من المواطنين الجزائريين. وانجر عن هذه التصريحات وتتالي النداءات من متضررين استجابة وزارة الصحة، حيث قررت فتح تحقيق في القضية، ولا يزال الشارع الجزائري ينتظر النتائج .

وعلى مستوى المستشفيات، من السهل تبين حالة التوجس بعد تسجيل 13 حالة إصابة بـ"التهاب الكبد الوبائي"، بعد العدوى التي انتقلت إليهم من نقل "دم فاسد". يذكر أن المستشفيات الجزائرية كانت عرفت حالات مشابهة، إذ يقول المختص في طب الأطفال بمستشفى باب الوادي بالعاصمة الجزائرية، حسين صاري، لـ"ألترا صوت": "عديدة هي حالات الأخطاء الطبية وجزء منها يتعلق بلقاحات أودت بحياة أزيد من عشرة أطفال خلال سنة واحدة".

يؤكد أطباء تعدد حالات الأخطاء الطبية في الجزائر وأن جزءًا منها يتعلق بلقاحات أودت بحياة عديد الأطفال في السنوات الماضية

في الأثناء، المسؤولون في قطاع الصحة الجزائرية يحاولون امتصاص غضب الشارع الجزائري ويزيحون المخاوف عقب قضية اللقاحات الفاسدة والدم الملوث، حيث صرح رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء الجزائريين الدكتور محمد بقاط بركاني أن "التحقيقات بشأن اللقاحات الفاسدة ووفاة الرضع لا تزال متواصلة"، مشددًا، في تصريح لـ"ألترا صوت" أنه "لا يمكن ربط الوفاة بنوع معين من اللقاحات". وأكد، في هذا السياق، أن اللقاحات التي تلقاها الأطفال الرضع، المتوفون، مقبولة لدى منظمة الصحة العالمية"، وهو ما يعني أن استخدامها كان بموافقة المنظمة واستخدامها ليس فيه أضرار.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائريون في رحلة بحث عن الإنجاب

كما أكد المسؤول أن "الجزائر تمكنت من تلبية إجراءات التلقيح لدى الأطفال في إطار عملية الوقاية من الكثير من الأمراض والقضاء على عدة أوبئة"، مشيرًا إلى افتقار البلد إلى خريطة تحدد مختلف الأمراض لمكافحتها قبل انتشارها".

وفي إطار القوانين الطبية في الجزائر، يقول بقاط أن هناك "فرقًا بين الخطأ الطبي والهفوة الطبية"، مؤكدًا أن كل مواطن بإمكانه عرض القضية على العدالة ومشيرًا إلى أن هناك 200 قضية في إطار الخطأ الطبي لا تزال على مكتب المجلس التأديبي للمجلس الوطني لعمادة الأطباء الجزائريين.

هكذا أعادت قضية الصغيرة آلاء فتح ملفات كبرى في قطاع الصحة في الجزائر، حيث أكد الأمين العام للمنظمة الوطنية لضحايا الأخطاء الطبية أبو بكر الصديق محي الدين لـ"ألترا صوت" أن "قضايا الأخطاء الطبية المطروحة على المحاكم والعدالة تقدر بالآلاف"، محملًا وزارة الصحة مسؤولية ما يجري في القطاع.

وقد أزاحت هذه القضية مرة أخرى الغطاء عن بعض مشاكل سكان المناطق الداخلية والجنوب الجزائري، فالآلاف من سكان الجنوب يقطعون المئات من الكيلومترات من أجل تلقي العلاج في مستشفيات الشمال لتعذر ذلك في مختلف المستشفيات في الجنوب، رغم ما رصدته الحكومة الجزائرية لإنجاز عديد المراكز الطبية في ولايات الجنوب، ليجد أغلبهم أنفسهم في مأزق وتبقى الصحة في الجزائر "مريضة".

اقرأ/ي أيضًا:

ذوو الاحتياجات الخاصة.. الأكثر اضطهادًا في الجزائر

تونسية شابة تقدم أملًا جديدًا لمرضى الزهايمر