27-يونيو-2018

من المباراة

شهدت الجولة الأخيرة من مباريات المجموعة الثالثة الظهور الأول لنتيجة التعادل السلبي بين منتخبين ضمن منافسات مونديال روسيا 2018. لكن هذه ليست المعلومة الأهم في الخبر، بل الطريقة التي أدت إلى خروج المباراة بين فرنسا والدنمارك بتلك النتيجة السلبية التي أهّلت كلا الفريقين لدور الـ 16. أجواء فضيحة خيخون 1982 كانت حاضرة طيلة اللقاء، حتى مع تأخر منتخب أستراليا أمام بيرو بهدف منذ أول 15 دقيقة من المباراة التي جمعته بمنتخب البيرو. لماذا جاءت المباراة بهذا القدر من السوء الفني؟ وهل عادت المؤامرات الأوروبية من جديد إلى كاس العالم؟

أجواء فضيحة خيخون 1982 كانت حاضرة طيلة اللقاء بين الفريقين الفرنسي والدنماركي

طرفا اللقاء- الفضيحة، فرنسا والدنمارك، الأول كان قد ضمن تأهله بالفعل لدور الـ 16، من قبل حتى أن يلعب المباراة برصيد 6 نقاط جمعها من فوزين على بيرو وأستراليا، بينما الدنمارك صاحبة النقاط الأربعة، من تعادل أمام أستراليا وانتصار بهدف مقابل لا شيء أمام بيرو، كانت تحتاج إلى تجنب الهزيمة لضمان التأهل رفقة فرنسا، مع ضمان تعادل أو هزيمة المنتخب الأسترالي في مباراته أمام المنتخب اللاتيني.

اقرأ/ي أيضًا: كرواتيا تصفع الأرجنتين في كأس العالم.. وأداء هزيل لميسي ورفاقه

المدرب الفرنسي ديدييه ديشان صرّح في المؤتمر الصحفي قبل المباراة أنه سيلعب على الفوز، وهو ما يبدو أنه ذهب بالهولندي فان مارفيك، مدرب أستراليا، للتصريح بدوره أن الفرنسيين لديهم كبرياء سيجعلهم يعطون كل ما لديهم في مباراتهم الأخيرة:"إنهم لم يلعبوا بشكل جيد في البطولة حتى الآن ويريدون أن يثبتوا للجميع أنهم من بين الأفضل في العالم". ما حدث أن منتخب الديوك الفرنسي بدأ المباراة بتشكيلة مزجت اللاعبين الأساسيين والبدلاء، في حين بدأ المنتخب الدنماركي المباراة بتشكيلته الأساسية المعتادة، ما عدا المهاجم نيكولاي يورغنسون الذي أجلسه المدرب آجي هاريدي على مقاعد الاحتياط.

ستة تغييرات كاملة أجراها منتخب الديوك على تشكيلته الأساسية التي خاض بها الجولتين الماضيتين، في مباراة يُفترض به دخولها بجدية من أجل ضمان التأهل على قمة مجموعته لتفادي مواجهة منتخب كرواتيا القوي في الدور التالي من البطولة. حارس المرمى هوجو لوريس والمدافعان صامويل أومتيتي وبينجامين بافار ولاعبا الوسط بول بوجبا وبليز ماتودي والمهاجم كيليان مبابي (الوحيد الذي سيشارك في المباراة، بعد مرور 78 دقيقة)، تركوا أماكنهم لكل من ستيف مانداندا وبريسنل كيمبيبي وجبريل سيديبيه وستيفن نزونزي وتوماس ليمار وعثمان ديمبيلي.

 رغم كل تلك المعطيات، كان الأمل لا يزال موجودًا لدى المشاهدين، على الأقل، في الحصول على بعض اللحظات المدهشة أو اللقطات الكبيرة المفاجئة. لكن المباراة جاءت على مستوى كبير من تدني الأداء، على مدار شوطيها، بصورة لا تدلّ على أي رغبة لدى الجانبين للفوز أو حتى لتسجيل أي هدف. غابت الأهداف تمامًا عن لقاء جمع بين فريقين تبادلا الفوز على بعضهما البعض في مرتين سابقتين ضمن منافسات كأس العالم، حيث فازت فرنسا في المواجهة الأولى بينهما 2 -1 في طريقها للفوز بلقب مونديال 1998، ثم فازت الدنمارك في المواجهة الثانية بهدفين نظيفين، في كأس العالم 2002.

بدأ الدانماركيون المباراة بشكل حماسي، وكأنهم يمهّدون الطريق لفيلم طويل ممل لا تمت بقية أحداثه إلى افتتاحيته بصلة. في أول ربع ساعة، لاحت بعض الفرص أمام المرمى الفرنسي، لكنها لم تترجم إلى أهداف، لأن الدنماركيين لم يدفعوا بلاعبيهم إلى الأمام. كان الأمر يشبه "بيرفورمانس" يقوم به لاعبو المنتخب الدنماركي بالتواطؤ مع نظرائهم الفرنسيين. وقد حاولوا، بالفعل، إتقان ما يفعلون قدر ما استطاعوا ذلك. بعد مرور ربع ساعة من الشوط الأول، تراجع المنتخب الدنماركي تمامًا إلى منتصف ملعبه.

الانتشاءة الأولى في المباراة لم تأت بسبب لقطة تكتيكية كبرى أو هجمة خطيرة على أحد المرميين، ولكن مع وصول خبر تقدّم بيرو بهدف نظيف أمام أستراليا. فرح المشجعون الدنماركيون، لكن المباراة لم تبارح مللها الخالص، فالتقدم البيروفي لم يكن سوى منطلق لجعل الأمور أكثر راحة للاعبي المنتخب الدنمارك في "تأدية" الباقي من مباراتهم أمام فرنسا.

بالطبع، لم يتوقف اللعب بشكل كامل، لكنه دخل في منطقة باهتة غير حاسمة: كريستيان إريكسين سيظهر أمام المرمى الفرنسي في أول فرصة حقيقية للتسجيل، لكن حارس المرمى مانداندا سيلقي بنفسه في آخر لحظة. أنطوان جريزمان ستأتيه بعض الحيوية، متأخرًا،  ليطلق، في النهاية، تسديدة فاترة على المرمى الدنماركي. بدا بوضوح افتقاد المبارة لذلك الشغف الذي يُعوّل عليه في حسمها أو حتى إكمال الفرجة عليها، لذلك لم يكن مستغربًا سماع صافرات استهجان مصدرها مدرجات المشجعين الفرنسيين الذين سئموا أداء فريقهم.

على الأرجح أن ما حدث بين فرنسا والدنمارك صفاقة غير مبررة من جانب المنتخبين، كان يمكن لها التحول إلى فضيحة كروية كاملة

بعد وقت قليل من انطلاق الشوط الثاني، ضاعفت بيرو فوزها أمام أستراليا، لكن هذا أيضًا لم يؤثر على المسار الكسول الذي أتبعته مباراة فرنسا والدنمارك. لاعبو الدنمارك استمروا في تأدية دورهم بكفاءة، مع تسديدة أخرى من كريستيان إريكسين، بعد مرور ساعة كاملة من عمر اللقاء، تعامل معها الحارس على مرتين. لكن السؤال الأكبر تعلّق بالمنتخب الفرنسي الذي لم يحاول أدنى محاولة جادة لتهديد المرمى الدنماركي، ولو من باب ذر التراب في العيون. هل هذا الفريق الفرنسي مرشح محتمل للفوز بلقب المونديال حقًا؟

اقرأ/ي أيضًا: ألمانيا تعود في الرمق الأخير.. قلب القواعد على عادة "المانشافت"

إذا كان ثمة توزيع لأنصبة الاستياء على طرفي اللقاء، فسيكون لفرنسا النصيب الأكبر بالتأكيد، لأنها فشلت بجدارة في التمثيل مثلما فشلت في تقديم أداء يعبّر عنها كفائز محتمل. لذلك جاءت التغييرات الهجومية قبل نهاية اللقاء، بعد التأكد من هزيمة أستراليا. بدأ ظهور لاعبي فرنسا في محيط منطقة الجزاء الدنماركية، وبدا كأن الاتفاق المسبق بين الفريقين على وشك النقض. لكن الدفاع الدنماركي لم يواجه تحديات كبيرة، واستمر في تشتيت الكرة ودفعها -في حالة الاستحواذ- دون هدف واضح إلى الأمام وإلى الخلف.

باختصار، أداء مخيب من فريقين أوروبيين يتحصّل كلاهما على نوعية وجودة عالية من اللاعبين، في حالة أحسنا النية. لكن الأرجح أن ما حدث صفاقة غير مبررة من جانب المنتخبين، كان يمكن لها التحول إلى فضيحة كروية كاملة. من حسن حظ الجميع أن بيرو فازت على أستراليا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نيجيريا والأرجنتين في المونديال.. بوابة عبور "التانغو" المتكررة

من المسؤول عن سرقة حلم المغرب في مونديال 2018؟