13-سبتمبر-2018

الصدر والعامري في لقائهما الأخير (Getty)

ألتراصوت - فريق التحرير

قبل ثلاثة أيام من موعد جلسة مجلس النواب الجديد الذي تقول الكتل السياسية، إنه سيشهد "تشكيل الكتلة الكبرى"، جمعت مدينة النجف لقاءً بين زعيم التيار الصدري وتحالف سائرون، مقتدى الصدر، ورئيس ائتلاف الفتح، هادي العامري في 12 أيلول/سبتمبر الجاري.

 يريد قاسم سليماني بيتًا شيعيًا يفاوض بيتين، سني وكردي، على تقاسم المناصب، وتوزيعها على ممثلي الطوائف في العراق

كان آخر لقاء جمع الصدر بالعامري في 13 حزيران/يونيو الماضي، حين أعلن عن تحالفه مع الفتح "وفق برنامج حكومي موحد"، بحسب قولهما، لكن الخلافات بدأت تطفو على السطح سريعًا، نظرًا للخلاف الكبير بين منهج الصدر بتحالفه سائرون الذي يدعي أنه عابر للطائفية، ويؤكد على استقلالية القرار العراقي، بحسب ادعائه، قبالة ائتلاف الفتح، الجناح السياسي لفصائل الحشد الشعبي، والمقرب من إيران، والذي يعتبر أداة من أدوات ولاية الفقيه في المنطقة، حتى أفرزت هذه الخلافات، كتلتان كبيرتان تريدان تشكيل الحكومة في البرلمان الذي انتجته انتخابات أيار/مايو 2018، الكتلة الأولى، تحالف الإصلاح والبناء، والذي يضم "سائرون" و"النصر" و"الوطنية" و"الحكمة"، مقابل "تحالف البناء"، الذي يضم "الفتح" و"القانون"، وكل الأحزاب المقربة من إيران.

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة مجددًا.. اعتقالات ممنهجة و60 ألف حالة تسمم

تصاعدت حدّة التصريحات فيما بين التحالفين اللذين يريدان تشكيل الحكومة، كل منهما يقول، أنا "سأشكل الكتلة الأكبر"، معتبرًا الآخر يتحرك بأحلام وتصريحات إعلامية بشأن تشكيل الحكومة، إلى أن حدث اللقاء بين الصدر والعامري، ليعمل على إزالة كل التصريحات المتبادلة بين الطرفين في الفترة التي مضت. 

رشحت أحاديث من مصدر مطلع لـ"ألترا صوت"، إن "الصدر والعامري أكدا في لقائهما على ضرورة الالتزام بتوصيات المرجعية بخصوص رئيس الوزراء"، لافتًا إلى أن "الصدر اشترط على العامري التحاق الفتح فقط دون القانون برئاسة المالكي وخميس الخنجر، رئيس المشروع العربي"، مضيفًا، أن "الصدر والعامري، اتفقا أيضًا على أن يتنازل العامري عن المالكي، رئيس الوزراء السابق، والصدر يتنازل عن العبادي، ويتم اختيار رئيس وزراء من خارج تحالفهما".  
 
لكن اجتماع سائرون والفتح على رأي واحد أيضًا، تمخض بعد الجلسة البرلمانية "الاستثنائية" التي عقدت في 8 أيلول/سبتمبر، لمناقشة أوضاع البصرة، والتي دعا لها مقتدى الصدر، والتي استجاب لها ائتلاف الفتح. إذ انتهت الجلسة بمطالبة تحالفا سائرون والفتح، رئيس الوزراء حيدر العبادي بالاستقالة. حيث قال رئيس تحالف سائرون، النائب حسن العاقولي: "نطالب رئيس الوزراء والكابينة الوزارية بتقديم استقالتهم والاعتذار للشعب العراقي"، فيما أعلن المتحدث باسم تحالف "الفتح"، النائب أحمد الأسدي، عن أن "التقصير والفشل الواضح في أزمة البصرة كان بإجماع النواب... ونطالب باستقالة رئيس الوزراء والوزراء فورًا".

يبدو أن مقتدى الصدر وهادي العامري، يدركان أن أي حكومة لا تستمر، وسوف تتهاوى، وتتعرض لمخاطر كبيرة، إذا خليت من سائرون، أو الفتح، خاصة في غمرة الصراع الأمريكي الإيراني على حيازة النفوذ على تشكيل الحكومة المقبلة، ووجود فصائل مسلحة، تتبع أحزابًا سياسية، إذ تشهد بغداد حراكًا غير مسبوق ولقاءات سريعة يعقدها بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس ترامب، من جهة، وقاسم سليماني، قائد الحرس الثوري، من جهة أخرى. 
كما إن عودة الصدر إلى تحالفه مع ائتلاف الفتح، المقرب من إيران، هو عودة لحكومة المحاصصة، والتكتلات الطائفية التي يشهدها النظام العراقي منذ 2003، وهو انتصار لسليماني الذي يريد بيتًا شيعيًا يفاوض بيتين، سنيًا وكرديًا، على تقاسم المناصب، وتوزيعها على ممثلي الطوائف في العراق. 

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. رهان النجاة من مقامرة ميليشيات المحاصصة

وحتى اتفاق سائرون والفتح على اختيار رئيس وزراء وفق ما أرادته المرجعية، بدأ البعض يشكّك به، وبواقعيته وصدقه في مختلف الأوساط السياسية والإعلامية. حيث قال نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي، أمس الأربعاء، 12 أيلول/ سبتمبر الجاري، إنه "حتى في داخل منظومة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، هناك خلافات بعد بيانها الأخير بشأن رئيس الوزراء المقبل والتشكيلة الوزارية". وهذا ما يراه الكثير من المتابعين للشأن السياسي العراقي، في أن دخول سائرون والفتح في حكومة واحدة، قد يعيد التوافق والتحاصص في تشكيل الحكومة، ويغيّب المعارضة التي يترقبها الكثير بعد صعود الاحتجاجات ضد الفساد وتردي الخدمات، وشبه انعدامها. 

قد تتنازل إيران عن المالكي لأجل ضمان دخول العامري مع الصدر في الحكومة

كشف الأعرجي أيضًا عن معلومات جديدة بشأن ما جرى ليلة وفجر يوم الإثنين 3 أيلول/سبتمبر، والتي شهدت عقد جلسة البرلمان الأولى، إذ أشار إلى أن "الكتلة الأكبر كادت أن تعلن في الجلسة الأولى للبرلمان في الثالث من أيلول الحالي، لولا تحرك طهران في الساعة السادسة صباحًا لإحباط إعلان الكتلة الأكبر التي شكلها محور العبادي–الصدر"، لافتًا إلى أن "الكرد كانوا قد وافقوا رسميًا على الانضمام إلى المحور، لكن إيران أحبطت هذا أيضًا". 

هذا ما يوضح وقوف إيران ضد محور الصدر والعبادي، الذي يخلو من الفتح، العامري والمالكي، لكن بعد اللقاء الأخير بين الصدر والعامري، قد تتنازل إيران عن المالكي لأجل ضمان دخول العامري مع الصدر للحكومة. فيما تنتظر جميع الكيانات السياسية جلسة السبت التي سيعلن فيها الكتلة الكبرى، هل ستكون في تحالف واحد يجمع سائرون والفتح وجميع الكتل السياسية على أساس تقاسم المناصب، أم أنها ستشهد خلافات جديدة قد تعيد الصدر إلى المعارضة في قبال حكومة تشكلها "إيران". 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

وراء "الباسيج" إلى الظلمة

الإعدام السياسي في إعلام السعودية وإيران