12-يوليو-2017

جورج ستيفانيسكو/ رومانيا

1

على مبعدة من بيتك كانت هناك ألعاب للصغار، تذهب لكي تشاهد غالبًا، لم يكن عندك ما يكفي لكي تختار، ثمة ألعاب بسيطة وبدائية، تنظر الى الأرجوحة الصدئة، صياح طفلة فرحة، صرير حديد من لعبة، أحصنة خشبية، لكنك تنظر الى الخيمة، حيث قال لك الرجل بأنهم يعرضون فيلمًا، لكنك ما زلت صغيرًا، تجرب حظك في لعبة اليانصيب لكنك تخسر، تمتطي حصانًا، تخاف السقوط من ظهره المعوج، ربما أنت، في مهرجان، في سوق لبيع البشر، ربما أنت فقط في ساحة رملية تغور قدماك داخل الأرض، تنظر من حولك، نظرتك البائسة، عيناك حزينتان، الحزن الأبدي، هذا ما يميزك، حزنك، دهشتك الصغيرة التي بقيت عالقة في ذاكرتك، أحلامك، مشاهد من الطفولة، تتضارب الصور في رأسك، تصير حياتك، مثل شريط فيديو مصفر وحامض، أحلامك تتقافز مثل قطط في العتمة، هل رأيت حياتك عندما كنت طفلًا، وعرفت أنك تسقط عندما تُعرض عليك خيارات، ربما تعود الى البيت، حيث أقرانك ما زالوا جالسين، الحياة أشبه بالغوص في صفار عميق، تتذكر بأنك تمقت اللون الأصفر، ربما تريد أن تتقيأ هذا اللون.

 

2

تجلس الآن على كنبتك العتيقة، العرق يقطر، رائحة حامضة في المكان، دخان سيجارتك يختلط مع هواء الغرفة الملوث بغبار الشارع، أنت، لم تكتب أي شيء ذي معنى منذ نصف سنة، ربما لم تكتب شيئًا ذا معنى أصلًا، ربما لن تكتب أي شيء في حياتك، لكنك ما زلت تضاجع الحياة، بحزنك العميق، بجلوسك وحيدًا في غرفة مقيتة ومعتمة، تنتبه الى الأشياء العادية، تسحرك حركة الحياة، تعتقد أن الجمال يكمن في الأشياء العادية واليومية لو تنبهت أنت جيدًا، نمو نبتة جديدة على شرفتك، هواء يرفع كيسًا، حركة بائسة لقط يمر بالقرب منك، مصابيح الإنارة على جانبي الشارع، ضوء نيون أزرق لصاحب المقهى، تعشقه لأنه بلون كآبتك، تبقى محدقًا، حتى يسقط ضوء النيون على وجهك، على دخان سيجارتك.

 

3

الحياة، شريط فيديو مصور بشكل رديء، ربما هذه حياتك أنت فقط، بلونها الأصفر الشفاف، برائحتها الحامضة، ثمة تضارب بين رؤى الطفولة وأحلامك، بين ما فعلت وما حلمت، أنت الآن في الساحة حيث الألعاب الصبيانية، تُمسك بندقية للصيد، لحن هادئ وكئيب في رأسك، تعرفه، أنه لفاغنر، مقطوعتك الكئيبة، تصوب على علب معدنية، تطلق الرصاصة الأولى، أنها لا تصل الى العلب المصفوفة للإعدام، تتلاشى في المسافة بينك وبين العلب، اللحن يزيد كآبةً، تطلق الرصاصة الثانية، أنها تتلاشى أيضًا، أنت كئيب، تصوب، لكن الحياة تتلاشى من بين يديك، اللحن يتصاعد، تطلق ما تبقى من رصاصات في البندقية، ربما تصيب جميع من في الساحة، ربما تعود إليك الرصاصة، اللحن ما زال يرنُ في رأسك الصغير، لكن عينيك هي نفسها، رأت كل حياتك، بين المسافة بينك و بين العلب المعدنية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

6 شعراء من ألمانيا.. أنا أصغي فحسب

الذين يأخذون أصابعي