أصدرت المحكمة العليا الأميركية، أعلى هيئة قضائية في الولايات المتحدة، الخميس 9 يناير/كانون الثاني 2025، قرارًا يقضي بإدانة الرئيس المُنتخب، دونالد ترامب، بالتهم الجنائية المرتبطة بدفع المال مقابل شراء الصمت، وذلك بعدما وافق قاضيان محسوبان على التيار المحافظ إلى جانب ثلاثة قضاة ليبراليين على القرار، في مقابل رفض أربعة قضاة.
وكان ترامب قد أُدين في أيار/مايو الماضي بتهمة تزوير السجلات المتعلقة بدفعه مبلغًا ماليًا مقابل شراء صمت نجمة الأفلام الإباحية، ستورمي دانيالز، وذلك غداة الأيام الأخيرة التي سبقت انتخابات الرئاسة في عام 2016. واتخذت القضية منحًا مختلفًا بعدما شهدت دانيالز بأنها أقامت علاقة جنسية مع ترامب في عام 2006، لكن ترامب نفى ذلك.
"خداع متعمّد من زعيم العالم الحر"
القرار الذي من المتوقّع أن يصدر في وقت لاحق من اليوم الجمعة، وذلك بعدما أيد رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، بالإضافة إلى القاضية التي عينها ترامب في ولايته الأولى قبل أربع أعوام، إيمي كوني باريت، والقضاة الليبراليين في المحكمة العليا، سونيا سوتومايور، إيلينا كاجان وكيتانجي براون جاكسون، صدور الحكم بحق ترامب.
أُدين الرئيس المُنتخب، دونالد ترامب، بتهمة تزوير السجلات المتعلقة بدفعه مبلغًا ماليًا مقابل شراء صمت نجمة الأفلام الإباحية، ستورمي دانيالز، قبل انتخابات عام 2016
وقال القاضي المسؤول عن ملف القضية، خوان ميرشان، الأسبوع الماضي، إنه يمكن حضور ترامب لجلسة النطق بالحكم، سواء شخصيًا أو افتراضيًا، مضيفًا أنه سيتم منح الرئيس المُنتخب الإفراج غير المشروط، ما يعني عدم فرض السجن أو الغرامات أو المراقبة، محددًا الجمعة موعدًا للنطق بالحكم.
وبحسب ما نقل موقع "abc news" الأميركي، فإن ترامب يعتزم حضور جلسة النطق بالحكم افتراضيًا من منتجعه في مارالاغو في بالم بيتش بولاية فلوريدا، واصفًا القرار بأنه سيمثل "وصمة عار في سجل ترامب"، حيثُ كان من المفترض أن يواجه عقوبة بالسجن تصل إلى أربع سنوات بعد إدانته بـ 34 تهمة جنائية لتزوير سجلات تجارية مرتبطة بالقضية ذاتها.
ووصف القاضي ميرشان محاولات ترامب تزوير السجلات بأنها "خداع متعمد ومستمر من قبل زعيم العالم الحر"، وفق تعبيره. وحاول ترامب لعدة مرات الأسبوع الماضي منع صدور قرار المحكمة العليا الذي يقضي بإدانته، بحجة أنه يجب أن يكون محصنًا من الملاحقة القضائية بصفته رئيسًا منتخبًا، لكن طلبه قوبل بالرفض من محكمة الاستئناف في نيويورك، قبل أن تقر المحكمة العليا ذلك.
وأكد محامو ترامب، أمس الخميس، أنه يحق لترامب الحصانة باعتباره رئيسًا منتخبًا، وأضافوا أن صدور الحكم من شأنه أن يلحق الضرر بجهود ترامب الانتقالية، ويسمح للقضية الجنائية بالبقاء مع توليه منصبه، على اعتبار أن الرئيس المُنتخب سوف يضطر إلى "الاختيار بين حصانته من الإجراءات الجنائية بمجرد توليه منصب الرئيس أو حقه في استئناف الحكم".
إنه "أمر مخز"
وردًا على سؤال أحد الصحفيين، أكد ترامب من منتجع مارالاغو على أنه سيستأنف الحكم، معتبرًا أن صدور الحكم "أمر مخزٍ"، مضيفًا أنه يمكن للقضاة "الاستمتاع بخصمهم السياسي"، في محاولة لتصوير القاضي على أنه يشرف على قضية ذات دوافع سياسية.
بدأت التناقضات تظهر بين مكوّنات ائتلاف #ترامب الذي أوصله إلى سدة الحكم في الانتخابات نتيجة قضايا عديدة أبرزها الهجرة.
اقرأ المزيد: https://t.co/8vY2NpI6VL pic.twitter.com/ZBy84o9iTH— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 6, 2025
وقال محامو ترامب في أوراق المحكمة إنه إذا لم تتدخل المحكمة العليا، فإن محكمة نيويورك ستلحق "ظلمًا وأذى جسيمًا" بالرئاسة، وبحسب مزاعم فريق ترامب القانوني، فإن بعض الأدلة في المحاكمة ركزت على الإجراءات الرسمية التي اتخذها في البيت الأبيض، وأضافوا أن الرئيس المنتخب يجب أن يتمتع بنفس الحماية من الملاحقة الجنائية التي يتمتع بها الرئيس الحالي.
لحظة تاريخية غير مسبوقة
أوضح المدعي العام لمنطقة مانهاتن بنيويورك، ألفين براج، في الملف الذي قدمه للقضاة أن الحماية الشاملة التي منحتها المحكمة العليا لترامب في تموز/يوليو الماضي عن الإجراءات الرسمية أثناء توليه منصب الرئيس لا ينبغي أن تنطبق في هذه القضية.
وقال براج للمحكمة العليا إن "ادعاء ترامب بالحصانة الاستثنائية لا يدعمه أي قرار من أي محكمة"، مضيفًا أن "الحصانة الرئاسية محدودة بدقة بفترة ولاية الرئيس في منصبه". ووفقًا لشبكة "CNN" الأميركية، فإن الحكم يمثل "لحظة رمزية وتاريخية وغير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة".
وكان الكونغرس الأميركي قد صادق في السادس من كانون الثاني/يناير الجاري على فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية، حيثُ من المقرر أن يتولى مهامه رسميًا في يوم 20 من الشهر الجاري، وسط توقًعات أن يتخلل هذا اليوم صدور مجموعة القرارات التنفيذية ضد خصومه السياسيين.