07-مايو-2021

مشهد من حي فرن الشباك في بيروت (Getty)

العتمة، هذه الحالة ليست جديدة على اللبنانيين، فقد تعلموا منذ سنوات طويلة العيش مع انقطاع التيار الكهربائي المنتظم الذي يستمر لمدة ثلاث ساعات على الأقل يوميًا في العاصمة بيروت، ولفترات أطول في مناطق أخرى تصل إلى 12 ساعة، وذلك لأن محطات توليد الكهرباء التابعة للدولة والتي تديرها مؤسسة كهرباء لبنان لا يمكنها تلبية الطلب المتزايد. لذلك يعتمد الكثير من المواطنين في لبنان على المولدات الخاصة وبأسعار مرتفعة. لكن الأزمة المالية فاقمت مشاكل البلد المثقل بالديون حيث يتعسر العثور على ما يكفي من النقد الأجنبي لدفع ثمن الوقود والواردات الأساسية الأخرى.

سادت حالة من القلق في الشارع اللبناني فور الإعلان عن إمكانية أن يشهد البلد فترات أطول من العتمة مع نهاية هذا الشهر بعد نفاذ السيولة النقدية من العملات الصعبة

وقد ارتفع منسوب القلق لدى اللبنانيين فور الإعلان عن إمكانية أن يشهد بلدهم فترات أطول من العتمة مع نهاية هذا الشهر، بعد نفاذ السيولة من العملات الصعبة وبعد طلب مؤسسة كهرباء لبنان سلفة بقيمة 1500 مليار ليرة لبنانية أو اللجوء إلى التقنين. وقد أقر البرلمان هذه السلفة لكنها تجد صعوبة في المرور إلى حيز التنفيذ قبل مرورها على المجلس الدستوري من أجل البت بقانونيتها. فمصرف لبنان الذي من المفترض به توفير هذه الأموال لصالح الدولة اللبنانية دخل في أزمة مالية منذ عام 2019 وتخلف عن سداد العديد من المستحقات من الديون الخارجية، طبعًا بالاستناد إلى قرار حكومي لرئيس الحكومة آنذاك حسان دياب. أما اليوم، فما ينذر بالأسوأ أن قانون السلفة إذا وجد طريقه إلى حيز التنفيذ فإن مصرف لبنان سيضطر إلى المس بالاحتياطي الإلزامي لموجودات المودعين لديه.

اقرأ/ي أيضًا: الحكم المخفف في جريمة قتل عاملة منزلية في الكويت يثير نقاشات حقوقية

ضمن هذا الإطار أفادت وكالة رويترز نقلًا عن عضو في البرلمان اللبناني قوله بأن "أضواء لبنان قد تنطفئ هذا الشهر بسبب نفاذ الأموال المخصصة لتوليد الكهرباء، في الوقت الذي تكافح فيه البلاد أزمة اقتصادية عميقة". وكان حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أعلن في أكثر من مرة أنه لن يوافق على "مد يده على أموال المودعين إلا بموجب قانون صادر عن المجلس النيابي". وكان البرلمان اللبناني قد وافق في شهر آذار/مارس 2021 على قرض طارئ قيمته 200 مليون دولار لتمويل واردات الوقود لتوليد الكهرباء، لكن لجنة الأشغال النيابية تقوم بمراجعة القرض ولم توافق عليه بعد. وكذلك فإن القانون تم إرساله إلى المجلس الدستوري للبت بمشروعيته مما يصعب من أمر تنفيذه وبالتالي تأخر وصول السيولة إلى مؤسسة كهرباء لبنان.

كما قال عضو البرلمان اللبناني، نزيه نجم، بحسب بيان حكومي "يجب ألا ننسى أنه ابتداء من 15 آيار/مايو سيبدأ الظلام التدريجي". وبعد الاجتماع مع وزير المالية غازي وزني ومع وزير الطاقة ريمون غجر في حكومة تصريف الأعمال، أدلى نجم بما مفاده "تحدثنا مع وزير المالية وتوافقنا على أن نبحث عن الحلول التي يمكن أن تفيدنا. وتوافقنا مع الوزير غجر أن يبحث مع باقي المسؤولين لإيجاد حل مؤقت الى حين اتخاذ المجلس الدستوري قراره. ونتمنى على المجلس الدستوري ألا يستغرق فترة الشهر لإصدار القرار لأن الوضع لا يحتمل ومن الضروري جدًا الإسراع في عملية الطعن، إن كان سلبًا أم إيجابًا، ولا يجب أن ننسى أنه ابتداء من 15 أيار /مايو، ستبدأ العتمة تدريجيًا"، وأشار بالقول "نأمل ألا تستغرق اللجنة الدستورية شهرًا للتوصل إلى قرارها لأن الوضع لا يمكن أن ينتظر".

وتعتبر هذه الحلول "ترقيعية" ومستمرة منذ أمد طويل حتى صارت نهجًا متبعًا. ويذكر أن مؤسسة كهرباء لبنان تخزن الوقود لمدة شهرين فقط بسبب عدم القدرة على تأمين السيولة للتخزين لفترات طويلة، مما يجعل من السجال أمرًا معتادًا ومطروحًا باستمرار. كما لا يخلو السجال من عمليات الضغط السياسي واستخدامه كأوراق سياسية بين الفرقاء المتنازعين أو الخصوم السياسيين في لبنان. وتبقى أسئلة كثيرة متداولة في لبنان بهذا الخصوص، مثل: لماذا يستمر تأجيل نقل المعامل للعمل بالغاز؟ ولماذا لا يتم اتمام العقد مع العراق الذي سيوفر على لبنان ما يعادل 500 مليون دولار سنويًا؟. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الأمم المتحدة: 155 مليون شخص واجهوا انعدام الأمن الغذائي في سنة 2020

ما قصة الحملة ضد وزارة التعليم العالي في مصر؟