22-فبراير-2017

أطفال سوريون في وادي البقاع بلبنان (Getty)

الخبر ليس صادمًا أو مفاجئًا. لكنه أقل ما يمكن وصفه بالخبر المكرر المؤسف، فما يفعله الأشقاء بنا فاض حتى الوجع، وهذه الدول العربية افتراضًا هي ليست أكثر من حظائر يديرها قُصّر ومعاقون وحاقدون.

قرار وزير العمل اللبناني بحصر بعض الأعمال باللبنانيين انعكس على المهجرين السوريين مباشرة. وبلدية الحدث التي نفذت القرار تقول إنه جاء ليفسح المجال للبناني بأن يعمل، ويأخذ فرصته في وطنه، وهو ليس موجهًا ضد السوريين.

القرار أدى إلى إغلاق عشرات المحال والمؤسسات التجارية، وطال حتى محال الخضار التي رفضت تشغيل لبنانيين بدلًا عن السوريين.

في كل الحروب التي خاضتها إسرائيل دفع اللبنانيون أثمانًا غالية، ولكن ملجأهم الوحيد كان المدن السورية

وهذا بالضبط ليس ضد السوريين وإنما القانون الذي يضع السوري ثانيًا بعد المواطن اللبناني الذي يجب أن يعمل، مع أن البطالة ليست مرتبطة باللاجئين وهي من نتاج عجز مؤسسات دولة الطوائف عن تأمين حتى مكب نفايات له.

هذه ليست المرة الأولى، ولا المحاولة الوحيدة لتضييق الخناق على المهجرين السوريين ولأسباب تبدو في ظاهرها اقتصادية محضة، ولكنها في حقيقتها إمعان في امتهان كرامة أولئك الفارين من موتهم، وانتقامًا لماضٍ ليس بالبعيد في غير مكانه.

فمن سرقهم وقتلهم وسجنهم ليس المواطن الذي يعيش في مخيم أو في ضاحية بيروتية فقيرة بأعلى الأسعار، أو صاحب البسطة الباحث عن رزقه اليومي، ولا العامل الذي يبني لكسالى لبنان بيوتهم من أجل ألا يموت من الجوع فيما هم يبيعون بناياتهم بالدولار.

اقرأ/ي أيضًا: مجددًا في لبنان.. التحريض على المخيمات الفلسطينية

وبالرغم من كل المنظور الحاقد للبناني على الدولة السورية لم يكن يلقى في دمشق وسواها سوى الترحيب والاحترام، وكان يدخل بسيارته ويشتري طعام غدائه، ومونة شتائه، ولباس العيد لأولاده من أسواقها لأنه غير قادر على ذلك في بلده.

وكانت مطاعم لبنان ومعامله تعيش على المواد الأولية السورية، وأما فقراء لبنان فيراجعون العيادات السورية ليستطبوا. كل هذا كان أمرًا عاديًا لدى السوري.

كانت مطاعم لبنان ومعامله تعيش على المواد الأولية السورية، وأما فقراء لبنان فيراجعون العيادات السورية ليستطبوا

وفي كل الحروب التي خاضتها إسرائيل دفع اللبنانيون أثمانًا غالية، ولكن ملجأهم الوحيد كان المدن السورية، وكان أهل الشام وحمص وأريافهما، وصولًا إلى كل الأرياف السورية يرون في اللبناني أخًا ومحتاجًا ومضطرًا.

فكان إكرامه واجبًا وطنيًا أخويًا قبل أن يكون إنسانيًا، وجمعت الدولة من أموال موظفيها ما يلزم لإغاثتهم، وكذلك الجمعيات وأصحاب الخير والتجار.

بالمقابل لم يتوقف اللبنانيون باستثناء شرفائهم عن استثمار الحرب على السوريين في إهانتهم، من البوابة الحدودية بالسباب والإهانات وإشعارهم بالدونية عن اللبناني، ووصولًا إلى مخيمات الذل في البقاع وكامل الأرض اللبنانية الضيقة، وإلصاق كل التهم بهم من اللصوصية حتى الإرهاب.

لبنان الصغير يمارس ببساطة انتهاز فرصة الوجع السوري لتصفية حسابات العلاقة السيئة مع الدولة السورية لذنب لم يرتكبه أولئك الذين احتضنوهم ذات وجع.

اقرأ/ي أيضًا:
لبنان الضعيف.. لبنان القوي
حكومة "حزب الله"ـ الأسد.. لبنان الجحيم